قالت مصادر سياسية قريبة من الحكومة وموثوق بها في طهران إلى "الحياة" إن من ضمن الموقوفين في قضية اغتيال ناشطين سياسيين ومثقفين أخيراً ثلاثة من كبار المسؤولين في وزارة الاستخبارات. وأشارت إلى أن السلطات تحيط الملف بكتمان شديد لكن يبدو ان عدد الموقوفين حتى الآن سبعة. وأوضحت هذه المصادر ان المسؤولين الأمنيين الثلاثة كانوا يتولون مواقع "مهمة وحساسة"، وأنهم رفضوا حتى الآن اعطاء كل التفاصيل والمعلومات حول "الشبكة" التي ثبت وقوفها وراء عمليات القتل الأخيرة، لكنها أشارت إلى أن لديها "علاقات متميزة داخل النظام واتصالات مباشرة مع جهات أجنبية وإيرانية في الخارج كانت تتبوأ مسؤوليات أمنية في السابق وباتت مافيات مالية وتجارية حالياً". كذلك قالت أوساط برلمانية إن وزير الاستخبارات قربانعلي دري نجف أبادي طلب من الرئيس سيد محمد خاتمي مهلة شهرين لاجراء "الاصلاحات الهيكلية" التي يصرّ عليها خاتمي في وزارته، وأكدت أنه لم يقدم استقالته. لكن المصادر السياسية أكدت ل "الحياة" أن خاتمي حسم الأمر وقرر اقالته وتعيين شخص آخر "يتمتع بعلاقة جيدة معه خاتمي ولا يمانع المرشد آية الله علي خامنئي في تعيينه ويتمتع بمقومات الجرأة والحزم والكفاءة الإدارية وعدم المساومة"، علماً بأن نجف أبادي يعتبر من معتدلي التيار المحافظ. وتابعت المصادر أن خاتمي يجري الآن مشاورات مع خامنئي لاختيار "البديل الملائم". إلى ذلك، أوضحت أوساط سياسية قريبة من الحكومة ل "الحياة" ان لجنة التحقيق الخاصة التي شكلها خاتمي هي التي نجحت في كشف "المجرمين"، وشددت على أن اعضاء تلك اللجنة كانوا "يحظون بثقة مطلقة من خاتمي وأنهم كانوا يطلعونه طوال الفترة الماضية على كل تفاصيل التحقيقات والشكوك التي حامت حول تورط مسؤولين في الاستخبارات ذاتها في البداية ثم تحولت إلى يقين". وتابعت هذه المصادر ان "خاتمي كان يوجّه لجنة التحقيق، وهو قدم لها كل دعمه الشخصي وضمن لها سرية التحقيق وأمن جميع عناصرها"، خصوصاً بعدما تأكد خاتمي من تورط "كوادر" في الاستخبارات، وشددت هذه المصادر على أن المتورطين "ليسوا عناصر غير مسؤولة أو غير منضبطة بل أنهم كوادر نفذت عمليات اغتيال في إطار خطة كاملة ومحكمة". وهذا ما لمحت إليه صحيفة "امروز" اليوم عندما أشارت إلى أن المسؤولين "كوادر مسؤولة ورفيعة المستوى في جهاز وزارة الاستخبارات". وعلت أصوات سياسية وصحافية طالبت باجراء اصلاحات "هيكلية وحقيقية". ولمحت إلى أن المتورطين ينتمون إلى "الجهة ذاتها التي حاربت خاتمي في الانتخابات الرئاسية وحاولت تلطيخ سمعته وتشويه صورته واستخدمت كل امكاناتها لمنع خاتمي من الفوز". كذلك علمت "الحياة" ان كشف الحقائق للرأي العام، خصوصاً ما يتعلق بتورط مسؤولين في السلطات الأمنية في عمليات القتل "لم يكن أمراً يسيراً". وأشارت المصادر السياسية "المطلعة جدا" إلى ان أوساطاً عليا في الحكم عملت على "التعتيم لئلا يتسبب الاعلان بإلحاق الضرر بالأمن القومي وبسمعة الأجهزة الأمنية"، لكن خاتمي أصر على كشف الحقائق أمام شعبه والعالم، وتعاطى مع القضية بشفافية "سياسية حكيمة وهو ما ساهم في تأكيد صدقيته أمام الرأي العام، كذلك حزمه وقدرته على مواجهة التحديات" بحسب ما قالته هذه الأوساط السياسية.