لو اختار العرب نجماً لهم في كرة القدم خلال الربيع لكان اللقب من نصيب المصري حسام حسن الذي قاد بلاده الى الفوز بكأس الأمم الافريقية في بوركينا فاسو، وتوج هدافاً لها وأحسن مهاجم، وصعد لاستلام الكأس بصفته كابتن الفريق. ولو تأخر الاختيار الى فصل الصيف لتغير الموقف، وصعد المغربي مصطفى حاجي الى منصة التتويح بعد تألقه مع منتخب بلاده في نهائيات كأس العالم في فرنسا، واحرازه لهدف بالغ الروعة في مرمى النروج. ولكن الاختيار يأتي دائماً شاملاً لكل شهور وفصول العام. وهو الأمر الذي أعاد حسام حسن الى المركز الثالث، وأعاد مصطفى حاجي الى المركز الثاني، وصعد الكويتي جاسم الهويدي مهاجم السالمية ومنتخب الكويت الى المركز الأول في تصنيف أحسن اللاعبين العرب خلال العام 1998. لم يكن الهويدي في دائرة الاختيار على مدار ثمانية شهور، ظل خلالها في دائرة الظل سواء مع ناديه الذي لم يحقق إنجازاً يذكر محلياً أو خليجياً أو عربياً أو آسيوياً، ولا مع منتخب بلاده الذي لم يلعب رسمياً طوال تلك الفترة. ولعبت الاقدار لمصلحة هذا اللاعب العملاق طولاً - 191 سنتيمتراً و25 عاماً - عندما واجه منتخب بلاده نظيره المصري المكون من اللاعبين الشباب دون 22 عاماً في الدوحة في نهائيات كأس العرب، وانتهز الهويدي الفرصة كأحسن ما يكون واستغل خطأ الحارس المصري عبدالواحد السيد وخط الدفاع، وخطف برأسه هدف الافتتاح للمنتخب الأزرق، وهو الهدف الأول له دولياً في عام 1998، وما أغرب أن يأتي هذا الهدف الافتتاحي لجاسم الهويدي يوم 24 أيلول سبتمبر 1998، أي قبل 100 يوم فقط من نهاية العام. وساهم هذا الهدف المبكر في الدقيقة الرابعة من رفع معنويات الهويدي وزملائه وحققوا فوزاً تاريخياً على مصر 4-1، وهو الفوز الأكبر للكويت طوال تاريخه على نظيره المصري. وافتتح الهويدي أهداف فريقه في المباراة التالية ضد سورية وقاده للفوز 4/صفر، وخرج من الدورة بهدفين وميدالية برونزية. وبقي الهويدي في ظلال زميله بشار عبدالله الذي سجل خمسة أهداف في الدورة، ولكن كل شيء تغير الى الأفضل في كأس الخليج التي اقيمت في المنامة. الغريب أن الهويدي كان على موعد مع سوء حظ بالغ في المباراة الأولى ضد السعودية، واهدر خمس فرص نادرة وتسبب في هزيمة فريقة 1-2، ولكن كل شيء انقلب لمصلحته بعدها وتحول الى مارد في مباراة قطر. سجل الهويدي من كل الفرص التي لاحت له، واحرز خمسة أهداف وعادل الرقم القياسي لأكبر عدد من الأهداف في مباراة واحدة في دورات الخليج، وكان الرقم مسجلاً لماجد عبدالله السعودي من عام 1977. وحالت الاصابة دون إكمال الهويدي للمباراة الثانية ضد البحرين ولم يهز الشباك، ولكنه عاد قوياً أمام المنتخب العماني وسجل هدفين وفاز الكويتيون بالخمسة، وأخيراً كان الفوز الأهم على الامارات في ختام الدورة 4-1، واحرز جاسم الهويدي هدفين آخرين ورفع رصيده الى 9 أهداف محرزاً لقب الهداف، ومعادلاً الرقم القياسي لأكبر عدد من الأهداف لأي كويتي في دورات الخليج خلال دورة واحدة، وكان باسم مواطنه الكبير جاسم يعقوب، وظل الهويدي على مسافة هدف واحد أقل من الرقم القياسي للعراقي حسين سعيد 10 أهداف، وكان التشيكي ماتشالا المدير الفني لمنتخب الكويت أخرج الهويدي في الدقائق الأخيرة من مباراة الامارات بعد ضمان الفوز لإعطاء الفرصة للمخضرم حمد الصالح للمشاركة، ولو أكمل الهويدي المباراة لزادت غلته من الأهداف. ارتفع رصيد الهويدي الى 11 هدفاً في اقل من شهرين، وجاءت دورة الألعاب الاسيوية في بانكوك بمثابة مسك الختام له. أحرز جاسم الهويدي 8 أهداف في المباريات الثلاث الأولى له في الدورة، 4 في مرمى منغوليا وهدف في اوزبكستان و3 في الامارات، وبات مرشحاً لتخطي حاجز 10 أهداف، ولكن سوء الحظ لاحقه أمام كوريا الجنوبيةوقطر وتعرض للاصابة، ولم يشترك في المباراتين الأخيرتين لفريقه ضد تايلاند وايران. وانهى جاسم الهويدي العام برصيد 20 هدفاً واحرز المركز الأول عالمياً في سباق الهدافين في الترتيب السنوي الذي ينظمه الاتحاد الدولي لتاريخ واحصاءات كرة القدم، وهو سباق يعتمد على الأهداف التي يحرزها اللاعبون في المباريات الدولية لمنتخباتهم وانديتهم. وتفوق الهويدي بفارق 6 أهداف كاملة على االارجنتيني غابرييل باتيستوتا والمصري حسام حسن رغم أن الهداف الكويتي لم يحرز أي هدف دولي مع ناديه في المسابقات القارية. جاسم الهويدي انتقل أخيراً من السالمية الكويتي الى الشباب الاماراتي مقابل 230 ألف دولار لمدة اربعة شهور فقط، ومن المؤكد أن سباقاً ملتهباً ستدور رحاه في الصيف المقبل بين الأندية الاوروبية والعربية للحصول على خدمات هذا الهداف. مصطفى حاجي لا ينسى المصريون الهدف الاسطوري الذي سجله مصطفى حاجي في مرماهم في الدقيقة الأخيرة من مباراة الفريقين في الدور الأول لكأس الأمم الافريقية في بوركينا فاسو، واحرزه حاجي بحركة بهلوانية رائعة ومن الوضع طائراً بضربة خلفية مزدوجة، وذهبت الكرة القوية في أبعد مكان في المرمى وكأنه وضعها بيده وباتقان، وكان الهدف الوحيد الذي هز شباك الحارس المصري نادر السيد خلال الدورة. وواصل حاجي تألقه مع ناديه الاسباني ديبورتيفو لاكورونيا خلال الموسم حتى جاءت لحظة الامتحان الحقيقية في نهائيات كأس العالم. ومن الوهلة الأولى لمباراة المغرب والنروج كان حاجي النجم الأول للمباراة، وعلى طريقة أهداف مارادونا سجل حاجي الهدف الأول في المباراة بعد مشوار طويل اثبت خلاله قوته ولياقته ومهارته. وفي لقاء البرازيل كان حاجي اللاعب المغربي الوحيد الذي احتفظ بقدراته في مواجهة نجوم السامبا، وتكرر تألقه في المباراة الثالثة ضد اسكتلندا وقاد نجوم الاطلس لتحقيق فوز ضخم وبثلاثة أهداف نظيفة. وكان طبيعياً أن تتجه أنظار وآراء خبراء كرة القدم الأفارقة الى مصطفى حاجي لتتويجه كأحسن لاعب في استفتاء الاتحاد الافريقي عن العام 1998، وتقدم حاجي على النيجيريين أوكوتشا وصانداي والمصري حسام والجنوب افريقي ماكارثي، وتكرر اختياره في استفتاء آخر للصحافيين الافارقة. حسام حسن لم يصنع لاعب مصري طوال تاريخ كرة القدم خلال عام واحد ما حققه حسام حسن في عام 1998. كسر حسام كل الأرقام وتجاوز كل الانجازات. قاد منتخب مصر للفوز بكأس الأمم الافريقية في بوركينا فاسو، وأصبح أول لاعب في تاريخ القارة يفوز بالكأس مرتين بفارق زمني 12 عاما، وكان حسام أحرز الكأس في القاهرة عام 1986. ونال حسام هداف الدورة برصيد 7 أهداف، وهو أعلى رصيد لأي لاعب مصري في البطولة الافريقية على مر العصور. وازداد حسام شرفاً بنيل لقب أحسن مهاجم في الدورة، وصعد أخيراً لمنصة التتويج لاستلامه الكأس بصفته كابتن الفريق. وبات حسام على مسافة قريبة من الرقم القياسي العالمي لأكبر عدد من المباريات الدولية والمسجل باسم الحارس السويدي توماس رافيلي - 143 مباراة - وكان حسام لعب المباراة رقم 136 له أمام الكويت في كانون الثاني ديسمبر الماضي وهي المباراة رقم 18 له خلال العام 1998، وسجل حسام خلال العام 13 هدفاً مع المنتخب وهو رقم قياسي محلي، ورفع رصيده الى 72 هدفاً واصبح على مسافة قصيرة من الرقم العالمي المسجل للهنغاري فرانس بوشكاش الذي سجل 84 هدفاً. وأكمل حسام انجازاته بالفوز مع ناديه الأهلي ببطولة الدوري المحلي وتخطى حاجز 100 هدف في تلك المسابقة، وهو سادس لاعب يحقق هذا الانجاز في تاريخ الدوري المصري. من الرابع الى العاشر شكري الواعر حارس مرمى منتخب تونس ونادي الترجي يستحق المركز الرابع بما قدمه من انجازات خلال العام، وكان الحارس المخضرم الذي مر بمشاكل عدة عام 1997 مع ناديه والمنتخب استعاد مكانته في الفريقين، وجاءت نهائيات كأس العالم في فرنسا لتثبت قدر هذا الحارس العملاق، واختير الواعر كأحسن حارس مرمى في الدور الأول للنهائيات بعد تألقه اللافت أمام انكلترا وكولومبيا ورومانيا، ونفذ خلالها سلسلة من الانقاذات الاعجازية. واكتمل النجاح بفوزه مع ناديه الترجي بكأس الكؤوس الافريقية على حساب بريميو اوغوستو الانغلوي، وتسلم الواعر كابتن الفريق الكأس واصبح الترجي الفريق الأول في افريقيا الذي يحرز الألقاب القارية الاربعة. الكويتي بشار عبدالله - أو بشاردو - هو خامس أحسن اللاعبين، وتألق في كل الدورات التي شارك فيها، ورغم أنه لم يكن اساسياً في المباراة الأولى في كأس العرب ضد مصر الا ان نزوله في نهاية المباراة قلبها رأساً على عقب، وتوج هدافاً لمنتخب الكويت في الدورة، وواصل تألقه في كأس الخليج وكان مفتاح الفوز في كل المباريات، وواصل في الألعاب الاسيوية نجاحه، وهو احترف هذا الموسم في صفوف الهلال السعودي مقابل 60 ألف دينار كويتي حصل عليها السالمية كمقدم للعقد. كويتي آخر يأتي في مقدمة النجوم، وهو صانع الألعاب القدير بدر حجي الذي اختاره الخبراء كأحسن لاعب في كأس الخليج في البحرين، وكان جديراً أيضاً باللقب نفسه في كأس العرب. وبدر حجي قصير القامة هو صاحب أوسع مجال للرؤية بين لاعبي الوسط في العالم العربي، ويمكن أن نطلق عليه دون أدنى مبالغة لقب أحسن صانع للهجمات المرتدة في العالم، ويأتي كسادس أحسن لاعب عربي لعام 1998. السعودي سامي الجابر هو سابع أحسن اللاعبين، ورغم الصعوبات التي واجهها في كأس العالم إلا أنه أصبح أول لاعب عربي يهز الشباك في دورتين متتاليتين لكأس العالم، ووضع الجابر بصمته على الفوز الرائع للهلال بكأس خادم الحرمين الشريفين بهدفين ولا أجمل في مرمى اتحاد جدة حامل اللقب. ويتساوى في المركز الثامن خمسة لاعبين هم: المغربي بصير صلاح الدين نجم أسود الاطلس في نهائيات كأس العالم وسجل هدفين في مرمى منتخب اسكتلندا. السعودي عبيد الدوسري هداف نهائيات كأس العرب وكان تألقه اللافت وراء فوز المنتخب الأخضر بهذا اللقب للمرة الأولى في تاريخه. المصري هاني رمزي نجم كأس الأمم الافريقية والذي انتقل من بريمن الى كايزر سلاوترن الالمانيين مقابل 4 ملايين مارك وسجل هدفين لفريقه الجديد في الموسم الحالي، وحقق له الفوز مرتين. الكويتي فرج لهيب الهداف الجديد لمنتخب بلاده والذي تألق بشكل رائع في الألعاب الاسيوية بعد نجاحه في كأس الخليج. السعودي محمد الدعيع حارس المرمى المتألق دائماً والذي اختير أخيراً كأحسن حارس مرمى في تاريخ قارة اسيا في القرن العشرين. ولا يمكننا في النهاية اغفال جهود النجوم نورالدين نايبث وطاهر الخلج من المغرب وحسان القابسي من تونس وسمير كمونة ونادر السيد من مصر وحسين عبدالغني من السعودية وعلي دحلب وشريف الوزاني من الجزائر. وكان عام 1998 باهراً للحكام العرب، ونال المغربي سعيد بلقولة شرف إدارة المباراة النهائية لكأس العالم بين البرازيلوفرنسا، واصبح الحكم الأول عربياً وافريقيا الذي يدير هذه المباراة، وأدار الاماراتي علي بوجسيم 3 مباريات في المونديال بينها نصف النهائي بين البرازيل وهولندا، وادار المصري جمال الغندور 3 مباريات أيضاً بينها ربع النهائي بين البرازيل والدنمارك ونجح السعودي عبدالرحمن الزيد تماماً في مهمته في المونديال.