يختلف طلاب الجامعات السورية في شأن أهمية ربط البلاد بشبكة الانترنت. وفيما يرى بعضهم ان الانترنت لا تختلف عن المحطات الفضائية من جهة الهدف والمضمون وهي "موشر آخر يضاف الى مميزات شريحة معينة قادرة على تحمل اعبائه المادية والمعنوية"، يدعو آخرون الى اللحاق بالركب الحضاري وامتلاك هذه التقنية والتعاطي معها انطلاقاً من كونها "لغة العصر الجديد ولا يمكن الاستمرار دونها". اللافت ان الرغبة في الانتقال الى عالم الابهار والابحار في مكنوناته هي حلم لفئة من الطلاب ولا تعبر عن رأي الاغلبية. ولا يشكل عالم انترنت بالنسبة للطالب أحمد سوى توفير امكان "اقامة علاقة وصداقات على محيط العالم، لكن ذلك يبقى ضرورياً"، على العكس من طالب كلية الهندسة رامي الذي يؤكد "ان الانترنت اصبحت ضرورة لا غنى عنها للطالب وأصبحنا نشعر بتخلفنا في هذا المجال امام نظرائنا في الجانب الاخر حتى في اقرب الدول المجاورة لنا في الاردن ولبنان". وعلى رغم ان قرار "الانتساب" الى الشبكة العالمية لم يتخذ حتى الآن في سورية، فإن "الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية" التي يترأسها الدكتور بشار الاسد نجل الرئىس السوري خصصت ندوتها السنوية الأخيرة للبحث في واقع المعلوماتية في البحث العلمي والتعليم العالي. وكان التساؤل الاساسي فيها: "هل نعدّ خريجي جامعاتنا لنقل التقنية والتعامل معها ام لاستعمالها فقط؟ وما هي قدرة طلابنا على تقبل المعلوماتية؟". وتساءل الباحثون فيها "هل سيفوتنا قطار التكنولوجيا مجدداً؟ وهل ننتظر كارثة تحل بالغرب تعيد القطار الى الوراء لنتقدم نحن؟". وكانت الاجابة في التوصيات النهائية للندوة التي حضر فعالياتها كاملة الدكتور بشار الاسد وأكدت "ضرورة ان نرتقي بخريجينا الى الحد الادنى للتعامل مع هذه التقنية، والقيام بمجموعة من الاجراءات الفورية منها اصدارال تشريعات اللازمة لتمكين الكليات من تغيير مناهجها بالسرعة الكلية وتطويرها، كما طالبت الندوة بربط معاهد البحوث العلمية والجامعات بشبكة معلوماتية واحدة وربط جميع المخابر والاقسام بالانترنت". غير ان خبراء التعليم العالي في سورية أبدوا تخوفهم من ادخال هذه التقنية الى الجامعات السورية، إذ اشارت وزيرة التعليم العالي الدكتورة صالحة سنقرالى صعوبة تغيير نمط التلقين الذي اعتاد عليه الطالب لإن "نظام التعليم الحالي غير قادر على التغير بسرعة والتحول الى طريقة البحث والتقصي اضافة الى عدم قدرة المعلمين على اعطاء مثل هذه الدروس انطلاقا من ان فاقد الشيء لا يعطيه". برنامج وطني ويذكر ان الجمعية هي الجهة المهتمة بوضع البرامج الوطنية للسياسة المعلوماتية والخطط التنفيذية، وتشرف مع "المؤسسة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية" على مشروع وطني لربط 250 مؤسسة حكومية بعقدة تؤدي الى السباحة في عالم الانترنت بالتزامن مع برنامج وطني لنشر المعلوماتية في اوساط الطلاب الاصغر جيلاًً. وشهد قسم المعلوماتية الذي افتتح العام الحالي اقبالاً ملحوظاً ما يعكس مدى اهتمام توجه الطلاب وذويهم الى المعلوماتية. ويطالب المتحمسون للانترنت بادخالها كوسيلة ل "التخاطب وتبادل المعلومات التي اصبحت ضرورة للبقاء في كل المستويات بشرط ان لا يصبح موضة وفرصة للاستعراض والتميز"، في حين يرى اخرون ان هذه "الصرعة الجديدة حتى وان كانت مفيدة فهي ستكون مكملاً لبرستيج عدد من الطلاب الميسورين". وتساءل احد طلاب كلية الهندسة: "في حال السماح بهذه التقنية هل سأستفيد منها في وضعي المادي الحالي. اعيش في المدينة الجامعية والمصروف الذي يرسله لي والدي شهرياً لا يكاد يكفيني ثمن الخبز لذلك اعتقد ان للانترنت اصحابها وهي ليست لي"، في حين ترى مي سنة ثالثة حقوق: "ان الابحار في خضم المعلومات يتيح للطالب الوصول الى آفاق قد تكون محظورة او غير متوافرة في الكتب والمراجع، كما ان التواصل مع الآخر عبر الانترنت والتخاطب معه وايصال الرسالة التي تريدها أفضل من الاختباء مثل النعامة خوفاً من خرق يأتينا من كل الاتجاهات".