موسكو - أ ف ب - يحلم الروس بان يمتد العمر بمحطتهم "مير" التى تحلق في الفضاء منذ حوالى 13 عاماً والمقرر رسمياً ان تسقط في مياه المحيط الهادي عام 1999، وبأن تبقى هذه المحطة التى ترمز للنجاح السوفياتي ثم الروسي في مجال الفضاء حتى القرن الحادي والعشرين. ويتعين في الواقع على وكالة الفضاء الروسية، التى تعانى من ازمة مالية، ان تختار بين الابقاء على "مير" التى تتكلف حوالى 200 مليون دولار سنوياً وبين الاشتراك في مشروع محطة الفضاء الدولية الذي سيكلفها سنوياً حوالى 300 مليون دولار. وقد عقد نواب مجلس الدوما مؤخراً جلسة مغلقة للبحث في مستقبل "مير". الا ان مسؤولي القطاع الفضائي يحلمون مع ذلك بحدوث معجزة. اذ قال سيرغي سيمينوف، مدير شركة اينرغيا التى تدير "مير" في محطة بايكونور، "اننا نسعى حالياً الى الحصول على المال ليس من الدولة فقط وانما ايضاً من مصادر اخرى". يوري كوبتييف، رئيس وكالة الفضاء الروسية، اكد ايضاً ان بقاء "مير" ممكن تقنياً وان المشكلة الوحيدة هى التمويل. ولا يخفي كوبتييف رغبته في الاشتراك في مشروع محطة الفضاء الدولية والاستمرار في الوقت نفسه في استخدام "مير" التى يعمل بها بشكل دائم اثنان او ثلاثة من رواد الفضاء. وقال خبير غربي معلقاً: "من الطبيعي ان يحلموا. فلديهم أجمل لعبة وعليهم ان يحطموها يوماً بسبب نقص الأموال". واستناداً الى المشاريع التى نشرت يتعين اخلاء "مير" الصيف المقبل ثم اعادتها رويداً رويداً الى الارض من خلال التحكم الآلي الى ان يصل هذا المجمع الذي يزن اكثر من مئة طن الى الطبقات الكثيفة للغلاف الجوي حيث يتفتت فوق المحيط الهادي قبل ان يسقط حطامه في مياه هذا المحيط. ويقول يوري باتورين، المستشار السابق للرئيس بوريس يلتسين الذي أمضى هو نفسه فترة من الوقت في المحطة "مير"، "سيكون من الوحشية التضحية بمعدات "مير" العلمية التي يبلغ وزنها 11 طناً" مقترحاً نقل المعدات الى المحطة الفضائية الدولية التى وضعت اولى كبسولاتها، التى صنعتها واطلقتها روسيا، في المدار منذ 20 تشرين الثاني نوفمبر الماضي. وتشكل محطة الفضاء الدولية بالنسبة الى الروس الوسيلة الوحيدة للابقاء على وجودهم في الفضاء رغم الانهيار في بلادهم. الا انها تمثل ايضاً بالنسبة لهم فقدان استقلالهم الفضائي والدخول في محطة لن يكونوا أسيادها الوحيدين للمرة الاولى في تاريخهم الفضائي. لذلك فإن "مير" في نظر الروس اكثر من مجرد مركبة فضاء رائعة رغم شيخوختها. فهي من آخر صروح، ان لم تكن آخرها فعلاً، القوة العظمى التى كان يمثلها الاتحاد السوفياتي والذي كان ينافس الولاياتالمتحدة بل ويتفوق عليها احياناً في السباق الى الفضاء. وفي الوقت الذي ربح فيه الاميركيون السباق الى القمر وطوروا مركباتهم اصبح السوفيات باطلاق محطتهم الفضائية الاولى "ساليوت" سنة 1971 الابطال الذين لا منافس لهم في الرحلات الطويلة الامد والحياة اليومية في الفضاء. و"مير" التى اطلق اول جزء منها سنة 1986 لم تخل يوماً من البشر على رغم الحوادث التى شهدتها عام 1997 ومن أخطرها الحريق الذي شب فيها. وعلى متن "مير" تم تسجيل معظم الارقام القياسية الفضائية ومن بينها اطول فترة في الفضاء لفاليري بولياكوف 1994-1995 الذي امضى 437 يوماً في المحطة. واليوم يتباهى الروس بهذه الخبرة التى يمكنهم ان يفيدوا منها العالم في محاولة لجعله ينسى انهم اصبحوا "الأقرباء الفقراء" للغزو الفضائي بعد افلاسهم وانهم اضطروا مؤخراً الى قبول 60 مليون دولار من وكالة ابحاث الفضاء الاميركية ناسا للانتهاء في الوقت المحدد من بناء الكبسولة الثانية لمحطة الفضاء الدولية.