في واحدة من أكبر المواجهات الساخنة بين النادي الاهلي واتحاد كرة القدم المصري على مر العصور، اتهم الاول الثاني بالتآمر ضده واستعداء الحكام عليه وإبعاده عمداً وظلماً عن مسابقة كأس مصر. وهاجمت المجلة الرسمية الصادرة عن النادي الاهلي اتحاد الكرة والحكام بكل عنف في عددها الاخير الخميس الماضي. كلمة "مهزلة" كانت هي العنوان العريض للمجلة في صدر صفحتها الاولى، وتوالت العناوين في الصفحة الاولى تدين الحكم محمد كمال ريشة ومساعده مصطفى أبو قمر واتحاد كرة القدم على النحو التالي: ريشة يعترف، هدف الاهلي صحيح، وأبو قمر "غرقني"... البطران: "فعلاً اتحاد الكرة يتآمر على الاهلي"... المحاضر في الفيفا: "التحكيم في مصر انتهى". وأكدت المجلة أن أسباباً كثيرة وغريبة أدت الى هزيمة الاهلي أمام الاتحاد السكندري صفر-1 في القاهرة وخروجه من الدور الثاني لكأس مصر للمرة الاولى في تاريخه، وركزت المجلة على إلغاء الحكم محمد ريشة هدفاً صحيحاً أحرزه وليد صلاح الدين بعد احتسابه بسبب راية خاطئة من مساعده مصطفى أبو قمر، ونشرت تصريحاً على لسان الحكم بأن الهدف صحيح وأنه احتسبه لكن مساعده أبو قمر أغرقه بالاشارة الى تسلل مهاجم اهلاوي، وكان الإلغاء ضرورياً. وهاجمت المجلة التي تصدر منذ 1974صاحب الراية أبو قمر بسبب تصريحاته المتناقضة حول اللاعب المتسلل، وألغى الهدف أولاً بداعي تسلل علي ماهر ثم عاد وقال إنه وليد صلاح، ونددت بالحكم مجدداً لتغاضيه عن احتساب ركلتي جزاء واضحتين تماماً لمصلحة نجمي الفريق علاء ابراهيم وحسام حسن. هجوم مجلة الاهلي كان يمكن ان يمر بشكل طبيعي باعتبار أن الفريق الخاسر يبحث دائماً عن مبررات لهزيمته، ولا يجد دائماً سوى شماعة التحكيم لإلقاء اللوم عليها، لكنه هذه المرة جاء مختلفاً واعتمد على تصريحات لاثنين من أكبر رجال التحكيم في مصر هما مصطفى كامل محمود المحاضر الدولي عن التحكيم بالاتحاد الدولي والاتحادين الافريقي والعربي، ومصطفى البطران الرئيس السابق للجنة الحكام العليا في مصر. وجاءت تصريحاتهما بالغة القسوة ضد اتحاد الكرة والحكام الذين أداروا مباراة الاهلي والاتحاد السكندري. اعترافات المحاضر في الفيفا وجه مصطفى كامل محمود، عضو لجنة الحكام العليا بالاتحاد العربي وشارك في إدارة نهائيات كأس العالم 1974 في المانيا الغربية، اتهاماً مباشراً الى اتحاد الكرة بمخالفة القانون واللوائح بتعيين مصطفى أبو قمر مساعداً في مباراة الاهلي والاتحاد، وأكد أن ابو قمر يعمل وكيلاً لنادي بلدية المحلة المشارك في مسابقتي الدوري والكأس، وتنص المادة 55 في لوائح الاتحاد على عدم أحقية أي حكم أو مساعد يشغل منصباً له علاقة بكرة القدم بزي نادٍ من المشاركة في تحكيم مباريات الأندية في القسم الذي يلعب به النادي. وحول هدف الاهلي الملغي الذي احتسبه الحكم ريشة وألغاه بإشارة من مساعده أبو قمر، قال مصطفى إن قرار المساعد استشاري دائماً، واذا كان الحكم متأكداً من قراره يجب عليه عدم الالتفات لمساعده وعدم الاستجابة لإشاراته الخاطئة، وفي تلك الحال لم يشر المساعد الى الحكم بأي إشارة عندما تلقى وليد صلاح الكرة وانفرد بالمرمى، الأمر الذي أكد للجميع سلامة موقف وليد، واتجه الأخير بالكرة نحو المرمى وسدد مباشرة داخله محرزاً هدفاً. وهنا لا يمكن اعتبار أي لاعب آخر متسللاً، لأن اللاعب الذي يسدد مباشرة على المرمى يلغي مواقف زملائه تماماً، لكن أبو قمر أشار بتسلل لاعب آخر، والمؤسف أن الحكم استجاب له لإخلاء مسؤوليته. وندد المحاضر في الفيفا بأسلوب إدارة التحكيم في مصر والمجاملات الفادحة في اختيار الحكم للقائمة الدولية وإدارة المباريات المهمة. وأشار مصطفى كامل الى خضوع اللجنة العليا تماماً لوصاية مجلس إدارة الاتحاد، بدليل قيام ابراهيم الجويني رئيس اللجنة بالعفو عن عدد من الحكام الموقوفين واسناد المباريات لهم في دوري القسم الثاني، لكنه تراجع بعدها أمام الرأي العام إثر إعلان سمير زاهر رئيس الاتحاد رفضه العفو عن الحكام الموقوفين دون العودة لمجلس إدارة الاتحاد. اتهام مباشر وكان مصطفى البطران الرئيس السابق للجنة الحكام أكثر حدة في الهجوم على حكام مباراة الاهلي والاتحاد وعلى مجلس إدارة اتحاد كرة القدم حيث قال: هدف وليد صلاح صحيح 100 في المئة، والحكم ريشة ظلم الاهلي 3 مرات، مؤكداً أن لجنة الحكام تتآمر على الاهلي، وهذا من غضب الله عليها. واضاف: مع الأسف الشديد، شاهدت المأساة التحكيمية في تلك المباراة، وأقولها بكل صراحة وندم انني لم اصدق عيني وأنا أرى الظلم الذي تعرض له الاهلي من الحكم ريشة والمساعد أبو قمر... شيء لا يصدقه عقل، خصوصاً إلغاء الهدف الصحيح لوليد واحتسبه الحكم فعلاً ثم تراجع عن قراره الصحيح بإشارة من مساعده. واوضح: وليد سدد الكرة مباشرة تجاه الشباك ولم تكن هناك أية شبهة حول تمريره الكرة الى أي زميل، وذهبت الكرة بالفعل نحو المرمى، كما أن علي ماهر الذي أشار المساعد بتسلله لم يكن متسللاً ولم يكن في مجال رؤية أو حركة الحارس ولم يكن متداخلاً... إلغاء الهدف لم يكن هو الظلم الوحيد الذي تعرض له الاهلي، لكن الخوف الاكبر كان في خوف الحكم ريشة من احتساب ركلات جزاء صحيحة أخرى للاهلي، واكتفى بالركلة الاولى التي اهدرها هادي خشبة، ولا يوجد في قانون الكرة مادة تحرم احتساب أكثر من ركلة جزاء. وتغاضى الحكم عن احتساب ركلتي جزاء لا خلاف عليهما، الاولى عندما تعرض علاء ابراهيم للحجز والجذب من مدافع الاتحاد، والثانية عندما منع مدافع الاتحاد بيده الكرة التي حولها حسام برأسه نحو المرمى. وهكذا ظلم ريشة الاهلي 3 مرات في المباراة. وختم: لا شك أن الاهلي يتعرض حالياً لمؤامرة تحكيمية مدبرة من لجنة الحكام العليا لوقف انتصاراته وإرضاء منافسه الزمالك، وكانت بداية المؤامرة شهدت ظلماً من الحكام ضد الزمالك، فأقام الأخير الدنيا ولم يقعدها ضد الاتحاد والحكام، وخاف الجميع من ثورته ولم يجدوا أمامهم سوى ظلم الاهلي لمصالحة الزمالك، ووضح ذلك بكل أسف في مباراة الاهلي وغزل المحلة في الدوري عندما تغاضى الحكم الدولي العالمي جمال الغندور عن احتساب ركلة جزاء بالغة الوضوح لهشام حنفي لاعب الاهلي. وأنهى البطران هجومه على لجنة الحكام بأنها اصبحت أداة تنفيذ لأوامر مجلس ادارة اتحاد الكرة الذي يضم مجموعة "لوبي" خطيرة تكره الاهلي. مجلة الاهلي بالغت في هجومها الشرس على الحكام تحت العناوين التالية: مهزلة أبو قمر كشفتها شاشات التلفزيون وتصريحاته المتناقضة، ولجنة الحكام منعته في الموسم الماضي ثم اعادته المجاملات الصارخة الى المباريات بهدف طعن الاهلي. وفي صفحة أخرى قالت المجلة: "الاهلي ضحية التحكيم الاسود"، و"أخطاء ريشة من الوزن الثقيل"، وفي صفحة أخرى "لك يوم يا ظالم"، وفي صفحة خامسة "وضحت المؤامرة والخسارة ليست نهاية العالم"، و"الهزيمة بفعل فاعل". وأخيراً كتب عبدالمجيد نعمان 82 عاماً رئيس تحرير المجلة - وهو شيخ الصحافيين الرياضيين في مصر - ان الحكم ضغط على الاهلي بكل قوة لأنه ظن أنه سيفوز في أي لحظة، ولم يحتسب له ركلتي جزاء واضحتين بعدما منحه واحدة في الشوط الأول، والحكم نفسه أخذ درساً من هذه المباراة بعد أن كان سبباً في هزيمة الاهلي وهو الفريق الأفضل، وانه قلب نتيجة المباراة وفقد ثقة خبراء التحكيم في كفاءته. ردود أفعال جماهير الاهلي الغاضبة من هزيمة فريقها طالبت مجلس إدارة النادي باستقدام حكام أجانب - على نفقة الاهلي - لإدارة كل مبارياته المقبلة في الدوري الممتاز خشية استمرار مؤامرة اتحاد الكرة وإبعاده عن الصدارة خاصة ان أشهر الحكام - جمال الغندور - كان طرفاً في المؤامرة، الأمر الذي يشير الى احتمال تورط بقية الحكام الاقل شهرة وقوة وكفاءة في المؤامرة ايضاً. الجماهير طالبت أيضاً باستبعاد الثنائي محمد كمال ريشة ومصطفى أبو قمر من إدارة مباريات الاهلي المقبلة في كل زمان ومكان. لكن مجلس إدارة الاهلي، الذي يعاني من غياب رئيسه صالح سليم المسافر الى اوروبا وغياب وكيله حسن حمدي لانشغاله في أعماله، لم يعقد أي اجتماع، ولم يأبه المجلس بهزيمة الفريق او خروجه من كأس مصر، ولم يقدم أي رد فعل لثورة الجماهير او غضب اللاعبين والإداريين من الحكام. وكان طاهر أبو زيد عضو مجلس الإدارة هو الوحيد الذي أبدى موقفاً من الأزمة، وألقى باللوم على ثابت البطل مدير الكرة لسماحه بسفر الالماني راينر تسوبيل المدير الفني للفريق الى بلاده لقضاء اعياد الميلاد وسط اسرته في توقيت بالغ الحرج من الموسم، وألقى اللوم ثانياً على بقية اعضاء الجهاز الفني واللاعبين لاستهتارهم بالمباراة والفريق المنافس، وأخيراً ألقى اللوم على الحكم ومساعده. وللزمالك دور الطريف أن نادي الزمالك دخل طرفاً في القضية، واتهم عدداً من مسؤولي النادي الاهلي بمحاولة الضغط على الحكام للاستفادة من هزيمته أمام الاتحاد في الكأس للحصول على مميزات غير عادية في مبارياته المقبلة في الدوري بعد أن هبط مستوى فريقه ولاعبيه. وجاء عنوان مجلة النادي الرسمية في عددها الأخير مثيراً جداً "مساهمة الزمالك كبيرة في استبعاد الاهلي"، مشيرة إلى أن الحملة القوية والناجحة التي قادها الزملك ضد الحكام الفاشلين والمجاملين للاهلي تسببت في ابعاد كل الحكام غير العادلين وفي تخويف بقية الحكام من مجاملة الاهلي، الأمر الذي أدى الى تحكيم أكثر عدلاً في مباريات الدوري والكأس، وفقد الاهلي على ملعبه نقطتين امام غزل المحلة عندما رفض الحكم الشهير جمال الغندور مجاملته أسوة ببقية الحكام، وخرج الاهلي من كأس مصر مع تحكيم شجاع لريشة وأبو قمر، وهكذا لعب الزمالك دوراً رئيسياً في تصحيح مسار التحكيم واستبعاد الاهلي من الكأس. وهددت مجلة الزمالك بمزيد من الحملات ضد اتحاد الكرة ولجنة الحكام في حال إعادة الحكام الموقوفين او الفاشلين أو في حال انحراف التحكيم لمجاملة الاهلي مرة أخرى.