نال الحكم الدولي المصري يوسف محمد تقدير الاتحاد الدولي لكرة القدم واللجنة الاوليمبية في نهائيات دورة امستردام الاوليمبية 1928حيث قاد ثلاث مباريات بينها مباراة المركزين الثالث والرابع، واختاره الاتحاد الدولي بين عشرة حكام فقط لإدارة نهائيات كأس العالم الثانية 1934 في ايطاليا. واعتمد الاتحاد اليوناني دائماً على استقدام الحكمين الدوليين المصريين احمد الخولي وحسين إمام لإدارة كل المباريات المحلية الحساسة في الدوري اليوناني في الخمسينات. وشارك الحكم الدولي المصري علي قنديل في نهائيات كأس العالم دورتي 66 و1970 وتبعه مصطفى كامل محمود في دورة 1974. بعد ذلك دخل الحكام المصريون في "بيات شتوي" طويل قطعه التألق اللافت للحكم جمال الغندور في النهائيات العالمية الاخيرة 1998. التحكيم المصري الذي أبهر العالم قديماً وتسيد الكرة العربية والافريقية دائماً تراجع الى مكانة متأخرة، ووصلت درجات انهياره الى ادنى مرحلة في الاسابيع الاخيرة. وقد بات تقليدياً مشاهدة رجال الشرطة وهم يحيطون بالحكام ويصطحبونهم الى غرف الملابس وسط محاولات دائمة للتحرش بهم من اللاعبين والمدربين والاداريين والحكام. الزمالك والاسماعيلي: نموذجا مباراة الزمالك والاسماعيلي في ملعب القاهرة الدولي في المرحلة الثامنة للدوري كانت نموذجاً للفشل التحكيمي الذي تفشى في الملاعب المصرية. ورغم ان مباريات الناديين اتسمت دائما بالنظافة وروح الود والأداء الراقي إلا ان لقاءهما جاء عصيباً للغاية، وسبقته معارك كلامية بين جماهير الناديين في المدرجات، وكان مجدي طلبة لاعب الاسماعيلي والنجم السابق للزمالك والاهلي، الضحية الكبرى ونال قدراً هائلاً من الهتافات العدائية. لم يتخذ الحكم الدولي أحمد الشناوي الذي أدار المباراة اي اجراء حازم لوقف المهازل، وبدأ المباراة في ظل توتر بالغ انعكس على اللاعبين الذين تبادلوا العنف دون رادع من الحكم، ولم تمر 20 دقيقة حتى كان نجم الزمالك الدولي ايمن عبدالعزيز مصاباً بجرح قطعي في وجهه استوجب جراحة عاجلة في الملعب لإيقاف النزيف. واثارت الدماء الغزيرة التي ملأت فانلة المصاب اعصاب زملائه وجمهوره دون ان يتحرك الحكم لإخماد الثورة، وخرج حارس الاسماعيلي سعفان الصغير من مرماه في اسرع مشوار قطعه في حياته احتجاجاً على قرار للحكم الذي اكتفى بإنذاره، ووصلت الامور ذروتها بتفوه اللاعب مجدي طلبة بعبارات نابية ضد الحكم الذي وجد الشجاعة هذه المرة لطرده. وفور ظهور البطاقة الحمراء تحول لاعبو الاسماعيلي الى نمور شرسة تحاول افتراس الحكم المسكين، واندفع الحكم بأقصى سرعة يبحث عن حماية بين رجال الشرطة. وتوقفت المباراة تسع دقائق كاملة، خرج خلالها حارس الاسماعيلي رافضاً إكمال اللقاء احتجاجاً على التحكيم، ثم استأنف الحكم المباراة بشكل طبيعي من دون اي انذار او عقوبة للاعبي الاسماعيلي وكأن شيئا لم يحدث. وأعطت سلبية الحكم الفرصة للاعبين لمضاعفة العنف حتى وصلت الى حد اعتداء النيجيري كريستوفر لاعب الزمالك بقبضة يده على هاني يونس مدافع الاسماعيلي اثناء سير اللعب، واستجمع الحكم شجاعته مرة اخرى وطرد المعتدي. ولم تمر دقائق حتى سجل الاسماعيلي هدفاً واضحا اخترقت خلاله الكرة الشباك واستقرت خارجه، وإذ بالجهاز الفني والاحتياطيين في الزمالك يقتحمون الملعب احتجاجاً على صحة الهدف بدعوى ان الكرة اخترقت الشباك من الخارج. وفور انتهاء المباراة قفز اكثر من 40 رجل شرطة الى داخل الملعب للاحاطة بالحكم ومساعديه وحمايتهم من بطش اللاعبين والمدربين، وبقي الحكام ولاعبو الاسماعيلي والجماهير المرافقة لهم في اماكنهم لأكثر من ساعة حتى تمكنت الشرطة من اخلاء المدرجات من أنصار الزمالك الغاضبين. أخطاء فادحة الحكم الشناوي وقع في سلسلة من الأخطاء الفادحة: - بدأ المباراة في ظل هتافات نابية، وكان مطالباً باستقدام مدير فريق الزمالك وانذاره بالغاء المباراة اذا لم تقلع الجماهير عن هتافاتها النابية. - لم يكن الحكم حاسماً في مواجهة الخشونة المبكرة بين اللاعبين، ولو استخدم البطاقة الصفراء في الدقائق الاولى لفرض شخصيته في وقف العنف في بدايته. - ترك لاعبي الفريقين يتبادلون السباب أمام عينيه بعد اصابة نجم الزمالك، واكتفى بدور الوساطة لتهدئتهم ومحاولة الصلح بدلاً من الانذار والطرد كما ينص القانون. - لم يكن حازماً في انذار او طرد لاعبي الاسماعيلي الذين لاحقوه سباً ودفعاً واعتراضا على قراره بطرد مجدي طلبة. - سمح للاعبي الاسماعيلي باستئناف اللعب بعد توقف دام تسع دقائق، وتنص اللوائح على اعتبار الفريق منسحباً اذا دام اعتراضه ورفضه للعب اكثر من خمس دقائق. - ترك مدربي الزمالك يلاحقون مساعده الدولي مصطفى ابو قمر بعد احتساب هدف الاسماعيلي اثناء سير اللعب دون اتخاذ موقف حازم تجاههم وإخراج المخالفين منهم خارج الحدود. - وفي النهاية، لم يذكر في تقريره الى اتحاد الكرة اي مخالفة من اللاعبين والمدربين سوى طلبة وكريستوفر اللذين نالا البطاقة الحمراء. وكان طبيعياً ان يقرر اتحاد الكرة تجميد نشاط الحكم احمد الشناوي والتحقيق معه في وقائع تلك المباراة المأسوية، لكن اتحاد الكرة لم يتخذ موقفاً حازما تجاه المخالفين من الطرفين رغم وضوح وجسامة اخطائهم عبر شاشات التلفزيون. ولائحة الفضائح الخاصة باخطاء الحكام ضخمة وطويلة، وشهدت مباراة مزارع دينا وبلدية المحلة واحدا من أندر الاخطاء وأغربها في تاريخ كرة القدم عالمياً ومحلياً: من ركلة ركنية، ارسل طلحة راغب لاعب البلدية كرة عالية سهلة في متناول يد الحارس محمد عبد المنصف، وأمسك الاخير الكرة بيديه بكل استهتار واسترخاء، وقبل ان يفكر في تمريرها لأحد زملائه فاجأه ياسر الوكيل لاعب البلدية المندفع بخطف الكرة بيده ووضعها في المرمى بينما اصطدم بالحارس وأسقطه ارضاً. واندفع مدافعو مزارع دينا نحو ياسر الوكيل للاعتداء عليه او لعتابه على المخالفة الصارخة التي ارتكبها تجاه حارس مرماهم، ولم يشك احدهم لحظة واحدة في احتساب خطأ لمصلحتهم وانذار المهاجم المعتدي، وسارع المهاجم لرفع يديه عالياً للاعتذار عن الخطأ الجسيم الذي ارتكبه في حين ارتد زملاؤه الى نصف ملعبهم استعدادا لاستئناف اللعب. كل تلك الوقائع والشواهد لم تلفت نظر الحكم عبدالتواب بيومي ومساعده أدهم احمد بدوي. ووجد الحكم الكرة في الشبكة ووجد مساعده يشير نحو دائرة المنتصف فاحتسب الهدف واندفع نحو وسط الملعب وسط ذهول الجميع. الحكم ومساعده لم يشاهدا لحظة لعب الكرة باليد، لكنهما شاهدا بوضوح مواقف لاعبي الفريقين بعد دخول الكرة الى المرمى، وكان يمكنهما استنتاج عدم فرحة لاعبي البلدية بالهدف في إشارة الى عدم صحته. وبدلا من الغاء المباراة واعادتها قرر اتحاد الكرة تثبيت نتيجتها، وأعطى مكافأة ضخمة لحامل الراية المخطئ أدهم احمد بدوي بترشيحه للانضمام الى القائمة الدولية عام 1999. الشناوي يدافع "الحياة" اعطت الفرصة للحكم الدولي احمد الشناوي ليدافع عن نفسه. وبدأ حديثه قائلاً: "التحكيم في مصر هو الأصعب في العالم، ولا توجد في اي ملعب في اي دولة الظواهر الغريبة الموجودة في مصر، ويكفي دخول الاداريين ورجال الشرطة الى الملعب من دون انقطاع، ولحظات التوقف المتكررة والطويلة... اذا أنذر الحكم لاعباً او طرده يتوقف اللعب للاعتراض... اذا اصيب لاعب يتوقف اللعب... اذا جاء هدف يتوقف اللعب. وبعد، من هو الحكم القادر على مواجهة كل تلك المتاعب والتوقفات بشكل انموذجي؟ واضاف الشناوي: "في مباراة الزمالك والاسماعيلي كانت الهتافات في المدرجات بعيدة عن الملعب ولا تؤثر على سير المباراة، وهي موجودة ومتكررة في كل المباريات دون ان يقدم اي حكم على التصدي لها، ولم أكن الحكم الاول الذي يتجاهل تلك الهتافات. كانت كل قراراتي في المباراة صحيحة سواء بالانذار او الطرد او احراز الاهداف، ولم يكن لأي فريق هدف او ركلة جزاء غير محتسبة.. المشكلة اننا ندير المباريات الدولية الاكثر صعوبة خارج حدود مصر بكل سهولة وكفاءة ويستحيل علينا تكرار الامر محلياً. القائمة الدولية والمجاملات! العميد فاروق بوظو رئيس لجنتي الحكام العربية والآسيوية وعضو لجنة الحكام الدولية، له رأي واضح وصريح في انهيار التحكيم المصري، ويتهم اتحاد الكرة المصري بعدم اختيار الحكام النخبة للقائمة الدولية والتركيز على الوساطات والمجاملات التي أفقدت المصريين مكانتهم الرفيعة. ويؤكد بوظو على وجود العشرات من الموهوبين بين حكام مصر، لكنهم لا يجدون الفرصة للتألق محليا بسبب الاجواء الصعبة التي يمارسون فيها تحت ضغوط اعلامية وجماهيرية ومن دون اي دعم من اتحاد الكرة المصري، ولا يجدون الفرصة دولياً لأن القائمة الدولية تقتصر غالباً على المجاملات. ورغم وجود بوظو في سورية، غالباً او في جولاته الخارجية احياناً، الا ان نظرته صائبة 100 في المئة. والاتحاد المصري لا يختار النخبة أولاً لعضوية لجنة الحكام العليا، بدليل ان اللجنة الحالية تضم ابراهيم الجويني رئيساً ومحمد حافظ وعصام صيام وأحمد بدوي وعبدالرؤوف عبدالعزيز ويحيى البربري وصلاح رمضان اعضاء، وجميعهم كانوا من حكام الصف الثاني او الثالث، وأهمل اتحاد الكرة اختيار الاكفاء صبحي نصير والديبة ومصطفى كامل محمود وحسين فهمي وأحمد بلال ومحمد حسام لعضوية اللجنة. والمشكلة تتفاقم اكثر عند اختيار القائمة الدولية، وتضم عدداً من الحكام الفاشلين دائماً في ادارة مبارياتهم السهلة... ولا يخفى على أحد أن الثراء والخدمات هي طريق الحكام الدائم الى القائمة الدولية في مصر.