دفع تقرير بثته وكالة "فرانس برس" أمس بعنوان "مصر سهلت فرار أبو نضال الى العراق"، مسؤولين مصريين الى "تحدي وسائل الإعلام الغربية أو أية جهة أخرى في إبراز دليل دامغ على احتضان مصر المنشق الفلسطيني صبري البنا المعروف باسم "أبو نضال" أو اقامته فيها لفترة"، ولفت هؤلاء الى أن كل المزاعم الذي تحدثت عن دخول أبو نضال مصر في منتصف العام الماضي "كانت مجرد تصريحات منسوبة الى مصادر مجهولة، على الرغم من نفي مصر وحركة فتح - الجيش الثوري التي يتزعمها أبو نضال - تلك المزاعم في حينها، إلا أن مروجيها لم يظهروا أبداً ما يدحض النفي". ولم تستبعد مصادر مصرية مطلعة أن يكون وراء معاودة الحديث عن علاقة مصر بقضية مكان وجود أبو نضال "أجهزة استخبارات دول غربية تسعى الى وضع مصر في موقف رد الفعل أو حركة أبو نضال نفسها سعياً منها الى تضليل أجهزة الأمن في دول عدة تطالب برأس زعيم الحركة للتغطية على تحرك قد يكون يقوم به حالياً للانتقال من مكان الى آخر". ولاحظت أن المعلومات التي وردت في تقرير نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية أول من امس، وكذلك تقرير "فرانس برس" "حفلت بأخطاء وتناقضات وروايات يصعب على السياسيين والمراقبين تصديقها من بينها الحديث عن الطريقة المزعومة التي خرج بها ابو نضال من مصر"، إذ ذكرت الصحيفة أنه تمكن من الفرار من مستشفى كان محتجزاً فيه للعلاج من مرض سرطان الدم. في حين أكدت الوكالة أن "مصر سهلت فراره الى العراق عن طريق إيران بعد أن خرج من مستشفى كان يعالج فيه من مشاكل في القلب". وقالت المصادر لپ"الحياة" إن "أي متابع للعلاقات المصرية مع إيرانوالعراق يدرك أن التنسيق مع الدولتين على مستوى العمليات الاستخباراتية على درجة كبيرة من الأهمية والسرية أمر مستحيل". وشددت المصادر على أن مصر "لا تخاطر بمكانتها وصدقيتها"، مؤكدة أن موقف مصر من استقبال اللاجئين السياسيين "يحكمه تاريخ مصر وقدرها والاصول والأعراف الدولية"، وأن ذلك "لا يعني استقبال الارهابيين والمطلوبين في قضايا تتعلق بقتل الابرياء". وليس سراً أن عشرات المعارضين لدول ينتمون الىها يقيمون حالياً على الأراضي المصرية، كما أنه صار معروفاً للجميع أن القاهرة دخلت في جدل وصل الى درجة كبيرة من السخونة مع دول أخرى اعترضت على نشاط رعاياها من المقيمين في مصر. ويعلم المطلعون على ملف المفاوضات المصرية - اليمنية في شأن "الأفغان المصريين" الذين تؤكد مصر أن عدداً منهم موجود على الأراضي اليمنية، وتطلب تسليمهم اليها أن الجانب اليمني اعترض على نشاط معارضين يمنيين مقيمين في مصر وطلب مساواتهم بپ"الافغان المصريين" المطلوبين، غير أن المسؤولين المصريين رفضوا وشددوا على ضرورة "التفريق بين معارض سياسي وبين إرهابي يستخدم القنابل والمتفجرات والرصاص". وحينما سألت "الحياة" مسؤولا مصرياً عن السر وراء إصرار وسائل الإعلام الغربية على موقفها رغم النفي المصري المتكرر رد قائلاً: "إنها لعبة استخبارات". وتساءل: "إذا كانت مصر تحتضن المعارضين السياسيين علناً وفقاً للقانون الدولي وتحقق من وراء ذلك مكانة وثقلاً معنوياً وحضارياً، فإن احتضان أبو نضال ثم تسهيل فراره لم يكن ليحقق لمصر أي مكاسب معنوية أو مادية". واضاف: "حين استقبلت مصر شاه إيران فإن ذلك تم في العلن وسط اعتراضات من أطراف عدة ومع ذلك فإن الرئيس الراحل أنور السادات تحدى المعارضين وأعلن أنه مهما حدث للشاه فإن مصر لن تنسى أنه وقف بجانبها فترة". واختتم المسؤول: "من المؤكد أن أبو نضال ليس الشاه وأن الظروف الدولية في السبعينات غيرها على أبواب القرن الواحد والعشرين".