قدم الرئيس بيل كلينتون أمس اعتذاراً صريحاً وعلنياً عن تصرفاته المرتبطة بفضيحة العلاقة الجنسية التي أقامها مع المتدربة السابقة في البيت الأبيض مونيكا لوينسكي. وجاءت خطوة كلينتون غداة انتقادات لاذعة وجهها اليه ثلاثة من أبرز الاعضاء الديموقراطيين في مجلس الشيوخ، في مؤشر خطير الى تخلي أنصاره عنه. وقال خلال زيارته لايرلندا أمس: "لا يسعني مخالفة من يريد انتقاد أمر سبق أن اعترفت بأنه غير لائق". وكان الاعضاء الثلاثة في مجلس الشيوخ وهم جوزيف ليبرمان وبوب كيري وباتريك مونيهان حظوا بمديح من جانب زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ترينت لوت عندما أجمعوا على أن ما فعله كلينتون كان "تصرفاً مشيناً" أدى الى الحاق الضرر بانجازات ادارته. واعتبر موقف الديموقراطيين الثلاثة الأعنف من جانب معسكر كلينتون الذي أخذ عليه القريبون منه اخفاءه العلاقة مع لوينسكي طوال 18 شهراً ونفيه وقوعها ثم اعترافه بها وابداءه الأسف لتضليل الرأي العام بعدما أخذت تفاصيل ممارساته الخلاعية في المكتب الأبيض تتسرب عبر روايات عن الشهادة التي أدلت بها المتدربة السابقة في البيت الأبيض أمام المحققين. ولحقت فضيحة كلينتون به رغم وجوده خارج البلاد في روسيا ثم في الايرلنديتين واستمر اهتمام الرأي العام والوسط السياسي الأميركي بالفضيحة ومسلسلاتها رغم القضايا الرئيسية ذات الشأن العام وأبرزها أزمة الحكم في روسيا وانهيارها الاقتصادي والاهتزازات في الأسواق المالية. ولعل ما دفع الرئيس الأميركي الى تقديم "الاعتذار" الأول من نوعه أمس، كان بدء تخلي كبار حلفائه في الحزب الديموقراطي عنه بدليل الخطب التي ألقاها ليبرمان ومونيهان وكيري الذين انتقدوا تصرفات كلينتون واعتبرتها "غير أخلاقية وتلحق الأذى بالبلاد". وسئل كلينتون في دبلن أمس عن الكلام الديموقراطي الشديد اللهجة ضده فأجاب: "سبق وأعلنت أنني ارتكبت خطأ كبيراً لا يمكن الدفاع عنه واعتذر عنه". ورفض الرئيس الأميركي التعليق على كلام السيناتور ليبرمان الذي كان يعتبر من أقرب حلفائه، وقال: "ليس لدي ما أزيده سوى القول انني لا استطيع ان اختلف مع أحد يريد انتقاد ما سبق واعترفت بأنه لا يمكن الدفاع عنه". واشار الى انه لا يختلف في الرأي مع منتقديه كونه انتقد نفسه ايضاً، وكرر القول: "انني أسف جداً ولا استطيع ان أقول أي شيء آخر". والجدير بالذكر ان كلام كلينتون في ايرلندا أمس يعتبر الاعتذار الأول له عن تصرفاته مع مونيكا لوينسكي، وما تبع ذلك من محاولات لنفي العلاقة بما في ذلك عدم قول الحقيقة في شهادة رسمية له في كانون الثاني يناير الماضي، الأمر الذي جعل المحقق الخاص كينيث ستار، يبدأ عمليات تحقيق شاملة أدت الشهر الماضي الى اعتراف لوينسكي بما حصل ثم الى مواجهة الرئيس كلينتون مجدداً هيئة محلفين كبرى اعترف أمامها بإقامته علاقات غير لائقة مع لوينسكي. وتبع ذلك في 17 آب اغسطس الماضي خطاب وجهه الى الشعب الاميركي واعترف فيه، بالعلاقة غير اللائقة وبأنه ضلل عائلته والبلاد، لكنه لم يقدم أي اعتذار أو يطلب الصفح. وأمس قدم كلينتون الاعتذار، لكنه لم يطلب الصفح. وكان السيناتور ليبرمان قاسياً مع كلينتون اذ قال ان تصرفات الرئيس "تؤذي العائلة الاميركية الأشمل وخصوصاً أطفالنا". لكنه أضاف ان المطالبة بمحاكمة كلينتون امام مجلس النواب هو طلب غير عادل وغير حكيم". واعتبر المراقبون انتقادات ليبرمان بأنها محاولة من جانب الديموقراطيين لقطع الطريق امام الجمهوريين الذين بدأوا في الدعوة الى محاكمة الرئيس بل لاستقالته.