اعلن الرئيس بيل كلينتون، امس، حصول تقدم في المفاوضات الاميركية - الفلسطينية - الاسرائيلية من دون التوصل الى الانجاز المطلوب باعلان اتفاق انسحاب اسرائيلي جديد من الضفة الغربية. وقال كلينتون الذي كان يتحدث في المكتب البيضاوي بعد القمة الثلاثية الطارئة التي عقدها مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ورئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتانياهو، واستمرت حوالى ساعتين، انه دعا عرفات ونتانياهو للعودة الى واشنطن منتصف تشرين الأول اكتوبر المقبل على ان يسبق ذلك جولة جديدة في الشرق الأوسط تقوم بها وزيرة الخارجية مادلين اولبرايت ومنسق الجهود الاميركية لعملية السلام السفير دنيس روس مطلع الاسبوع المقبل. وبدأ كلينتون كلامه محاطاً عن يساره بالرئيس عرفات وعن يمينه نتانياهو اللذين بقيا صامتين، فقال: "اعتقد اننا حققنا تقدماً في طريق السلام. وقد تم سد قدر كبير من الفجوات بين الجانبين حول مسائل مختلفة تتعلق بالمبادرة الاميركية...". ولكنه اوضح "بصراحة لا تزال هناك كمية كبيرة من العمل قبل التوصل الى اتفاق شامل ..." وعليه فانه دعا الزعيمين ووفديهما للعودة الى الولاياتالمتحدة منتصف الشهر المقبل لمتابعة الجهود للتوصل الى اتفاق. وزاد ان مهمة اولبرايت وروس ستكون تحضير المفاوضات للقمة المقبلة. ولم يفاجأ الكثيرون باعلان الرئيس كلينتون تحقيق التقدم من دون الانجاز خصوصاً ان كبار المسؤولين الاميركيين كانوا صريحين في التحذير بأن الاجتماع المفاجئ لن يؤدي الى الاتفاق المطلوب. ورفض كلينتون التعليق على سؤال حول ما اذا كان يعتقد ان من حق الفلسطينيين الحصول على الدولة وتقرير المصير. وقال: "ان من الخطأ ان اعلق خصوصاً ان الولاياتالمتحدة تلعب دوراً مهماً في العملية، وان قضية الدولة مسألة يجب حلها في مفاوضات الوضع النهائي كما ورد في اتفاقات اوسلو". وأضاف: "طالما ان عملية السلام مستمرة فان ما تقوله الولاياتالمتحدة علناً سيكون غير مساعد للنتيجة النهائية...". ورد كلينتون على تساؤل من الصحافة الاسرائيلية، مفاده ان زوجته هيلاري علقت على الموضوع عندما ايدت فكرة الدولة الفلسطينية، فأجاب: "صحيح. لقد قالت ذلك، لكنها ليست الرئيس ولا تعمل على ادارة عملية السلام...". وأضاف: "لقد اعطينا كلمتنا عندما وافقنا على لعب دور الوسيط الشريف وعلى احترام اتفاق اوسلو...". وأشار الى انه لا يستطيع الآن ان يقول ما كان يقوله في اسرائيل او للمجموعات اليهودية - الاميركية قبل ان يصبح رئيساً". وشدد كلينتون على ان الامر يعود في النهاية الى عرفات ونتانياهو و"ما استطيع قوله هو انهما قدما التزاماً غير عادي" وهو العمل على مدى ايام مع وفديهما لحل المشاكل المتبقية. وأعرب عن اعتقاده ان في الامكان التوصل الى اتفاق خلال القمة المقبلة. وسئل عرفات عن تقويمه للمحادثات امس فأجاب ان الرئيس كلينتون اجاب عن كل الأمور. وختم كلينتون بالقول ان تقدماً قد حصل نتيجة اجتماعات البيت الأبيض حول كل المسائل "وأعتقد اننا اقرب الآن من الماضي بالنسبة الى القضايا الرئيسية...". وكشف عن اتفاق بين الاطراف الثلاثة بعد الافصاح عما تم الاتفاق عليه حتى الآن حتى يتم الاتفاق على كل شيء". وكان عرفات وصل صباح امس الى واشنطن من نيويورك لعقد القمة وعاد فوراً الى الأممالمتحدة ليلقي خطاب فلسطين امام الجمعية العمومية، في وقت تضاءل قلق المسؤولين في الادارة من مضاعفات الخطاب خصوصاً لجهة الكلام عن الدولة الفلسطينية. وقال احد المسؤولين ان عرفات قد يجد وسيلة للتعبير حول هذه المسألة من دون تفجير الأزمة مع الاسرائيليين. اللقاء التمهيدي لاتفاق وفي نيويورك اعتبرت مصادر قريبة من الاجتماع الثلاثي الذي جمع اولبرايت مع عرفات ونتانياهو، مساء الاحد، ان لقاء واشنطن هو "اللقاء التمهيدي لاتفاق" تتمنى الأطراف الأميركية والفلسطينية والإسرائيلية التوصل إليه في الجزء الأول من الشهر المقبل. وكانت وزيرة الخارجية الأميركية ابلغت عرفات ونتانياهو انها تنوي التوجه إلى المنطقة في 6 أو 7 تشرين الأول اكتوبر لدفع المفاوضات نحو اتفاق، حسب مصادر فلسطينية مطلعة. وأضافت المصادر ان فكرة أولبرايت تنطوي على امكان عودة عرفات ونتانياهو إلى واشنطن حوالى 15 الشهر المقبل، إذا حصل اتفاق. وحسب مصادر فلسطينية عدة، فإن أولبرايت أبلغت عرفات ان لدى الولاياتالمتحدة "شعوراً قوياً" بأن في الإمكان حقاً التوصل إلى اتفاق بناء على تقديرها للموقف الإسرائيلي. وأكدت المصادر أن ما أدى إلى عقد لقاء البيت الأبيض ليس "اختراقاً" في المواقف والمفاوضات، بل رغبة الرئيس عرفات في التجاوب مع طلب الرئيس كلينتون أن يتم اللقاء الثلاثي ليكون لقاء تمهيدياً لاتفاق كي يثبت أنه على استعداد للرهان على الجهود الأميركية لإنقاذ عملية السلام. وتم ترتيب اللقاء الثلاثي في البيت الأبيض في الساعات الأولى من فجر أمس الاثنين. وغادر عرفاتنيويورك صباحاً إلى واشنطن كي يتمكن نتانياهو من حضور الاجتماع قبل سفره ليل الاثنين إلى إسرائيل، حيث يجب أن يصل باكراً لاعتبارات دينية ذات علاقة ب "يوم كيبور" عيد الغفران. وكان متوقعاً ان يعود عرفات إلى نيويورك لمخاطبة الأممالمتحدة، ثم يغادر نيويورك عائداً إلى واشنطن لعقد اجتماع ثنائي مع كلينتون صباح اليوم الثلثاء. وكان عرفات تجنب في محطة نيويورك لهجة "التهديد" بإعلان دولة فلسطينية مستقلة، وذلك بعدما أوضح نتانياهو أن مثل هذا الاعلان الصريح ستترتب عليه اجراءات إسرائيلية لا تخدم عملية السلام. وتطلعت الأوساط الأميركية والإسرائيلية إلى ما ينطوي عليه خطاب عرفات أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خصوصاً لجهة لغة التعبير عن إقامة دولة مستقلة. وكان متوقعاً، حسب مصدر فلسطيني، ان يتضمن الخطاب إشارة "ايجابية" إلى قيام الدولة بدلاً من "التهديد" بإعلان قيامها. وقال المصدر إن اللغة المتوقعة هي "اننا نفضل أن تُعلن الدولة الفلسطينية من خلال تنفيذ الاتفاقات، ولكن، إذا استمرت إسرائيل بالمماطلة والمراوغة أو التنكر للاتفاقات، فإننا سنمارس حقنا الطبيعي في اعلان دولتنا المستقلة في 4 أيار مايو المقبل، ضمن حقنا في ممارسة حق تقرير المصير". وتابعت المصادر ان الرئيس الفلسطيني سيوضح على الأرجح اننا "نتمنى ونفضل" قيام الدولة الفلسطينية من خلال تنفيذ اتفاقات أوسلو، واننا "نتمنى ونفضل ألا نضطر" إلى إعلان انفرادي لإقامة الدولة. واتضح ان نتانياهو تخوف من اجراءات فلسطينية في إطار الأممالمتحدة تضع عملياً أسس التعاطي مع فلسطين كدولة ولذلك عمل على تطويقها. وحسب المصادر الفلسطينية ليس واضحاً بعد ما إذا كان نتانياهو على استعداد لقبول المبادرة الأميركية "بكل بنودها" أم أنه ينوي الاستمرار في تجزئتها ليكتفي بالإشارة إلى موافقته على الانسحاب من 1،13 في المئة من أراضي الضفة الغربية، مع تخصيص ربع المساحة لمحميات طبيعية.