أطلقت كندا مشروعاً مشتركاً لبناء شبكة معلومات وطنية تتيح نقل المعلومات بسرعة الضوء وتصل كلفتها الى نحو 90 مليون دولار أميركي. وفي الوقت نفسه حذرت أكبر شركات تقنيات المعلومات في كندا مما وصفته "الفقر المعلوماتي" وقالت ان الانتقال الى اقتصاد جديد مبني على المعرفة سيجعل من عدد متصفحي انترنت وخطوط نقل المعلومات أحد المعايير المهمة للتمييز بين الدول النامية ونظيرتها المتقدمة. وقال "جون مانلي" وزير الصناعة في مؤتمر صحافي عقد في اوتاوا الاسبوع الفائت لهذا الغرض ان الشبكة الجديدة التي تصنف ضمن الشبكات "الضوئية" ستدخل الخدمة فعلياً في تشرين الأول اكتوبر المقبل وستشارك في انشائها وتمويلها مجموعة من الشركات الكندية المتخصصة مثل "بيل كندا" و"نورثرن تيليكوم" نورتل و"نيوبريدج" فضلاً عن الفرع الكندي لشركة "سيسكوسيستمز" الأميركية. واعتبر مانلي الشبكة اضافة جديدة الى سجل الانجازات الكندية في مجال تقنيات الاتصالات اذ لفت الى أن كندا حققت السبق في الاتصالات الهاتفية البعيدة المدى واستخدام الكابل البحري والارسال اللاسلكي عبر القارات وانتاج أول قمر اصطناعي مخصص للاتصالات علاوة على صناعة أول قمر اصطناعي للرصد الفضائي بواسطة الرادار. وطبقاً للوزير ومجموعة الشركات المساهمة في المشروع ستعتمد الشبكة الكندية على الألياف الضوئية وتقنيات التحكم المتخصصة في التعامل مع المعلومات حصراً، ما يجعلها أول شبكة من نوعها من جهة أنها تسقط الحاجة كلياً الى التقنيات الهاتفية وتتيح نقل المعلومات على اختلاف أنواعها نصوص وصوت وفيديو بسرعة تعادل سرعة الضوء. وأشارت مجموعة الشركات المساهمة الى ان التقنيات الضوئية المستخدمة حالياً في نقل المعلومات تعتمد على استخدام شعاع ضوئي واحد في حين سيكون بمقدور الشبكة الجديدة استخدام 32 طيفاً دفعة واحدة ما يسمح بزيادة كميات المعلومات المنقولة بمقدار 32 ضعفاً، وأوضحت ان هذه الزيادة لا تمثل أكثر من واحد في المئة فقط من الطاقة الكاملة للألياف الضوئية. وقال مانلي الذي ساهمت حكومته بنحو نصف كلفة المشروع ان الشبكة ستخصص في المرحلة الأولى لخدمة الباحثين في المختبرات الحكومية والجامعات وشركات تقنيات المعلومات وأشار الى أن خصائص الشبكة ستتيح تطوير خدمات وتطبيقات تتطلب سرعات عالية في نقل المعلومات الرقمية مثل اتاحة الفرصة أمام الجراحين لمتابعة العمليات الجراحية من بعد على شاشات الكمبيوتر. وذكر "جون ماكفادن" رئيس قسم الشبكات الضوئية في شركة نورتل التي تعتبر أكبر شركات تقنيات المعلومات في كندا مبيعات سنوية زهاء 15 بليون دولار ان استخدامات الشبكة لن تنحصر في التطبيقات الطبية بل ستتعداها الى التطبيقات التجارية البحتة بما فيها المساهمة في تفعيل دور انترنت في مجال التسوق الالكتروني من طريق تطوير آليات فعالة. وأوضح "بيل ارنود" رئيس المشروع ل "الحياة" ان هناك خطة لتوفير خدمات الشبكة الضوئية للمتصفح العادي في كندا في مرحلة لاحقة قدرها بنحو عامين لكنه أشار الى امكانية ربط هذه الشبكة بشبكات مماثلة يجري تطويرها في بلدان أخرى مثل الولاياتالمتحدة وعدد من الجامعات ومراكز البحث في دول الاتحاد الأوروبي ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ. تأكيد دور انترنت وتمثل الشبكة مشروعاً مستقبلياً لتأكيد الدور الذي تلعبه انترنت في الحقلين المعرفي والتجاري مقارنة باستخدامها مطية من قبل ما يسمى بصناعة التعري والمراهنات لجني الأرباح الخيالية، ما دعا احدى الشركات الكندية المساهمة في المشروع الى الخروج عن المألوف وتحذير الدول النامية مما وصفته "الفقر المعلوماتي". وقالت "كلودين سايمون" نائبة رئيس شركة نورتل في مؤتمر حضره مسؤولو الجامعات في دول الكومونولث 50 دولة غالبيتها نامية واستضافته كندا أخيراً ان "الفرق بين الدول النامية ونظيرتها المتقدمة لن يقاس من الآن فصاعداً بعدد الطرق وناطحات السحاب بل بعدد متصفحي انترنت وخطوط نقل المعلومات". ورأت كلودين ان المشكلة تتركز في النقص الحاد الذي تعانيه الدول النامية في البنية المعلوماتية اذ تشير احصاءات صناعة الاتصالات وتقنيات المعلومات الى أن الدول الصناعية تنفرد بنحو 84 في المئة من اجمالي عدد أجهزة الهاتف النقال قيد الاستخدام و91 في المئة من أجهزة الفاكس فيما تقدر نسبة ملكية هذه الدول لعدد الكمبيوترات المضيفة الخوادم بزهاء 97 في المئة. وحسب أحدث احصاءات مؤسسة المناخ الأميركية يعيش نحو 55 في المئة من اجمالي عدد المتصفحين في الولاياتالمتحدة وترتفع هذه النسبة الى 80 في المئة في حال مجموعة الدول الصناعية الرئيسية السبع ثم الى 88 في المئة بعد اضافة أربع دول صناعية أخرى فقط هي استراليا وهولندا والسويد وفنلندا وذلك دون حساب روسيا وعشرات الدول الأوروبية والآسيوية التي لا تصنف ضمن الدول النامية. وقالت كلودين: "المخيف ان الهوة الى اتساع مستمر ما يعمق الخطر من احتمال عجز الجامعات عن مواكبة التقدم التكنولوجي، خصوصاً في مجال بناء الشبكات ذات السرعات العالية القادرة على الارتباط بمصادر المعلومات المنتشرة في العالم، وما يعنيه ذلك من انعكاسات بالغة الخطورة على الاقتصادات الوطنية". وتعتقد مسؤولة نورتل أن الجامعات تلعب دوراً مهماً في تمكين بلدانها من المشاركة الفعالة في الاقتصاد الجديد المبني على المعلومات، وقالت في كلمة الى المؤتمرالمذكور، "مع انتقال العالم الى الاقتصاد المعرفي فإن الدول التي لا تضع مهمة تأهيل الكوادر المناسبة في سلم أولوياتها تعرض نفسها لنوع جديد من الفقر هو الفقر المعلوماتي. وفي الجانب الايجابي وجد المؤتمر ان الانجازات التكنولوجية ستساهم بحد ذاتها في تلبية جزء من احتياجات الدول النامية، أقله في مجال تأهيل الكوادر وذلك من طريق منح جامعات هذه الدول تقنيات تتميز بالفاعلية والمرونة وانخفاض الكلفة لكنها قادرة في الوقت نفسه على دعم أنظمة التعليم المساعدة مثل نظام التعليم عن بعد.