عقدت مجموعة "نوثرن تيليكوم" نورتل الكندية الاسبوع الماضي اتفاقاً لشراء شركة "بيه نيتوركس" الاميركية المتخصصة في الشبكات الكومبيوترية. وبلغت قيمة الصفقة لحظة اعلانها نحو تسعة بلايين دولار اميركي، لكن اهميتها تركزت في رهان اكبر رموز صناعة البدالات الهاتفية في كندا على مستقبل تقنيات نقل المعلومات. وذكرت الشركتان في بيان مشترك ان اتفاقهما سيوجد ما وصفتاه بپ"شركة بتصنيف جديد". وقالتا ان الشركة الجديدة التي يبلغ مجموع مبيعاتها السنوية نحو 18 بليون دولار ستكون اول من يزود السوق بأنظمة شبكية تعيد صياغة "انترنت" وتمنح الشركات المعنية بالتسوق الالكتروني ميزات تنافسية تجعلها قادرة على الاستفادة من طاقاتها كاملة. ولم يكشف البيان الكثير من التفاصيل الفنية لكنه اشار الى ان ابرز مواصفات الانظمة الجديدة تتمحور حول تقديم خدمات مدمجة تكون متاحة لأي شخص في كل وقت ومكان، ما يعني انها ستوفر قنوات كومبيوترية قادرة على نقل المعلومات بالسرعة والسرية المطلوبة لجعل التسوق الالكتروني عملية مربحة للشركات الراغبة في الاستفادة من الدور التجاري لشبكة "انترنت" فضلاً عن تمكين المتصفح من الاستمتاع بالوسائط المتعددة مضافاً اليها الخدمة الهاتفية في بيئة واحدة. وجاء اتفاق "نورتل" و"بيه نتوريكس" بعد نحو اسبوع من اعلان شركة الاتصالات الاميركية "سبرنت كميونيكيشنز" انها تقوم باختبار اجهزة ينتجها عملاق تقنيات المعلومات، "سيسكو سيستمز"، وتحديداً المحطة المتعددة الخدمات 8800 MGX وذلك في اطار نيتها المعلنة اطلاق مشروع ضخم لتوفير "خدمات مدمجة حسب الطلب" على مراحل زمنية اعتباراً من منتصف السنة المقبلة. وامتنع اكثر من مسؤول لدى "نورتل" عن التعليق على مشروع "سبرنت" في شكل مباشر فيما اعرب مدير العلاقات العامة في الشركة كارتر كرومويل لپ"الحياة" عن اعتقاده ان التركيز على تقنيات نقل المعلومات لتوفير خدمات متطورة مثل الخدمات المدمجة عبر "انترنت"، بعد التقدم "المذهل" في تطوير الموجة العريضة، بات هدفاً مشتركاً للجميع ومعياراً للمنافسة. وتنطلق هذه المنافسة فعلياً من النمو الهائل الذي سجله استخدام "انترنت" في السنوات الاخيرة، ما اعطى تقنيات المعلومات اهميتها وحمس بعض منتجي اجهزة الاتصالات لهاتفية، مثل "نورتل"، لنيل حصته مما يراه صناعة المستقبل. وتعتبر "نورتل" التي ناهزت مبيعاتها في العام المنصرم نحو 16 بليون دولار احدى الشركات القلائل التي كشفت عن مشاريع محددة في هذا الاتجاه. وطبقاً لرئيس شركة "نورتل" جون روث سجل الطلب على نقل المعلومات نمواً بنسبة 50 في المئة سنوياً منذ سنة 1990 وبلغت هذه النسبة نحو 100 في المئة في قطاعات معينة مثل الخدمات المالية، ويتوقع ان تشكل المعلومات في غضون السنوات الثلاث المقبلة نحو 80 في المئة من اجمالي الحركة عبر شبكات الاتصالات في العالم. وذكر "جون" في تقرير حول مستقبل "انترنت" ومشاريع شركته في هذا لخصوص ان المعلومات نمت تدريجياً على حساب المكالمات وتجاوزتها للمرة الاولى في تاريخ صناعة الاتصالات منذ خريف عام 1996 ولا زالت تسجل منذ ذلك الوقت نمواً متصلاً ومطرداً بنسبة 30 في المئة سنوياً مقابل نحو ثلاثة في المئة فقط للرسائل الصوتية. واشار الى ان نسبة النمو المشار اليها لا تأخذ في عين الاعتبار عاملاً مهماً يمكن ان يحولها الى نسبة فلكية في حال أمكن التغلب على مخاوف الشركات المعنية بالنشاط التجاري ومعالجة جملة من التحفظات التي حالت حتى الآن دون رواج خدمات التسوق الالكتروني على نطاق واسع، مثل مسألة ضمان سرية التداولات المالية والسرعة وجودة الأداء وسهولة الارتباط. وعلاوة على احتمالات انتعاش التسوق الاليكتروني اوضح "جون" ان صناعة نقل المعلومات تمتلك احد اهم عناصر قوتها في ما توفره الشبكات الكومبيوترية من اقتصاد في النفقات لا سيما بعد تحرير تجارة الاتصالات في الولاياتالمتحدةوكندا، وقال: "كانت كلفة ارسال ما يعادل كتاباً واحداً من المعلومات عام 1975 تصل الى مئة سنت، اما الآن فيمكن ارسال 160 الف كتاب بكلفة لا تزيد على سنت واحد". واضاف ان شركته التي تحتل المرتبة السادسة بين كبار منتجي البدالات الهاتفية في العالم رأت مدى ضخامة التغيير الذي احدثته "انترنت" في عالم الاتصالات وصاغت خططها على هذا الاساس. ولفت في الوقت نفسه الى ان الرهان على الشبكات الكومبيوترية لا يعني التخلي عن تقنيات الهاتف التي لا زالت تنفرد بثلثي مبيعات صناعة الاتصالات. واعترف مسؤول "نورتل" ان الانتقال الى تقنيات نقل المعلومات يتطلب من صناعة الاتصالات، خصوصاً شركته التي امضت عقوداً في تصميم وانتاج بدالات مهمتها الرئيسية نقل المكالمات، التغلب على تحديات تقنية كبيرة اضافة الى تحديات التسويق اذ ان الصعوبات التي يواجهها موفروا خدمة "انترنت" في تحقيق الارباح لا تشجعهم على الانفاق. واضاف المراقبون الى جملة التحديات التقنية والتسويقية تحديات أشد خطورة تتمثل في المنافسة التي ستواجهها "نورتل" من شركات ضخمة متخصصة في تقنيات نقل المعلومات مثل "سيسكو سيستمز" و"كووم 3". ورأى بعض المراقبين ان القلق من هذه المنافسة ربما كان السبب المباشر وراء الانخفاض الحاد الذي سجلته اسعار اسهم "نورتل" بعد ساعات من اعلان صفقتها مع "بيه نتويركس". لكن "نورتل" التي اطلقت مشروعاً طموحاً لتطوير نظام شبكي قادر على جعل استخدام "انترنت" بالسهولة والفاعلية المعهودة في جهاز التليفون وأسمته "رنين الموقع" webtone قياساً على "رنين الهاتف"، اعتبرت صفقتها مع "بيه نتويركس" بلغت مبيعاتها السنة الماضية نحو بليوني دولار واحدة من الخطوات الاستراتيجية التي تخطط لاتباعها في المستقبل