لم يتأثر الاقتصاد المغربي كثيراً بالأزمات الاقتصادية في بعض الأسواق الناشئة على رغم تراجع الصادرات الى روسيا، وحقق أداء الاقتصاد نمواً في نهاية الربع الثالث من السنة الجارية بلغ 4.7 في المئة من اجمالي الناتج المحلي متراجعاً من 12 في المئة في الربع الثاني من السنة و5.7 في المئة في الربع الأول. وتوقع المحللون ان تنتهي السنة بتحقيق نمو اجمالي في حدود يراوح 6.8 و7 في المئة بفعل ارتفاع الانتاج الزراعي سبعة ملايين طن من الحبوب ونمو صادرات الفوسفات وتقلص أسعار الطاقة في السوق الدولية. وينتظر ان يكسب المغرب نحو 250 مليون دولار من تراجع كلفة فاتورة الطاقة التي قاربت العام الماضي حدود بليون دولار. لكن المكاسب قد لا تكون كافية لتعويض خسائر أخرى في قطاع المعادن بفعل تدهور أسعار المواد الأولية في السوق الدولية ومنها المعادن الثمينة. وتوقعت إدارة الاحصاء ان يتراجع نمو مبيعات المعادن من 5 في المئة الى 0.5 في المئة كما تراجعت الصناعات التحويلية المرتبطة بها من 4.4 في المئة الى 1.8 في المئة. ونمت القطاعات الانتاجية خارج الزراعة والمعادن بمعدل 3 في المئة وهي النسبة المتوقع تسجيلها في معدل التضخم. ويبدو الاقتصاد المغربي في منأى نسبي عن مضاعفات الأزمات الدولية وقال محللون ان أسواق المغرب داخل الاتحاد الأوروبي لم تتأثر وربما استفادت من زيادة الطلب الأوروبي على المنتوجات الزراعية والسمكية. واستفاد المغرب من انخفاض وارداته من الطاقة وارتفاع الطلب الداخلي نتيجة تحسن مؤشر الاستهلاك. وكان التأثير محدوداً على بورصة الدار البيضاء التي حافظت على النمو المسجل قبل الأزمة الأخيرة وحققت 30 في المئة من ارتفاع قيمة الأسهم وعزز اعلان النتائج نصف السنوية للشركات المدرجة زيادة حجم التداول الموقع أن يختتم السنة بما يفوق 16 بليون دولار. وحققت السياحة زيادة بنسبة 10 في المئة بعد انتعاش حركة الوافدين الأجانب مليونا سائح أجنبي " 1.2 مليون زائر مهاجر ومن المتوقع ان تستعيد السياحة مركزها كثاني مصدر للعملة الصعبة بعد أن فقدت تلك المرتبة لقطاع الفوسفات الذي استفاد من تجديد عقد التصدير مع كل من الهند والاتحاد الأوروبي. وستظل تحويلات المهاجرين في المرتبة الأولى لفترة غير محددة لكنها تراجعت عما كانت عليه قبل أعوام عندما كانت تناهز بليوني دولار. وتقدر عائدات القطاعات مجتمعة بنحو 4.7 بليون دولار في نهاية العام. والمنتظر أن تساهم في تراجع عجز الميزان التجاري وارتفاع تغطية الواردات بالصادرات الى نحو 74 في المئة نهاية السنة الجارية. ويواجه الاقتصاد المغربي في المقابل ضغوطات الدين الخارجي الذي يستنزف 33 في المئة من موارد الخزينة تحويل صافي سلبي ويحد من توسع الاستثمارات العامة وفرص التوظيف في القطاع العام ويدفع المغرب منذ استئناف تسديد خدمات الدين عام 1993 أكثر من ثلاثة بلايين دولار سنوياً وتبلغ القيمة حالياً 3.6 بليون دولار. ويدشن رئيس الحكومة عبدالرحمن اليوسفي الاسبوع المقبل حملة في باريس لحض الدول الأوروبية على الاستجابة لطلب المغرب تحويل جزء من الديون الى استثمارات محلية ضمن اتفاق مسبق مع نادي باريس لرفع القيمة الى أكثر من 20 في المئة. وتقدر الديون المستحقة للاتحاد الأوروبي بنحو 11 بليون دولار منها 3.5 بليون دولار لفرنسا وحدها. وتستهلك الديون الخارجية 57 في المئة من اجمالي الناتج المحلي الاجمالي ومطلوب تخفيفها الى دون 40 في المئة قبل السنة ألفين. وفي الجانب الاجتماعي يواجه المغرب استمرار اتساع بطالة الشباب الجامعيين ويقدر عددهم بنحو 200 ألف شخص من أصل مليون باحث عن عمل أو 17 في المئة من مجموع القوى النشيطة. ومع تزايد الجدال داخل البرلمان في شأن مسؤولية برنامج التقويم الهيكلي مطبق منذ عام 1983 مع البنك الدولي وصندوق النقد عن تزايد الصعوبات الاجتماعية وانتشار البطالة في المدن ولدى الشباب حاملي الشهادات تنصح المؤسسات المالية الدولية بتحقيق نمو متواصل لسنوات لا يقل عن سبعة في المئة مع توسيع أسواق الصادرات وتوجيه جزء اضافي من الموارد الضريبية الى القطاعات الاجتماعية. ويضع البنك الدولي ضمن وثيقة عمل تصورين للنمو في المغرب على مدى السنوات السبع المقبلة يقوم الأول على أساس نمو في اجمالي الناتج المحلي يراوح بين 5.2 و7.5 في المئة طيلة سبع سنوات متواصلة وفي هذه الحالة تزيد الصادرات 9 في المئة سنوياً وترتفع الاستثمارات العمومية الى 31.8 في المئة من الناتج الخام مقابل 21.6 في المئة حالياً ويزيد الادخار القومي الى 31 في المئة مقابل 22 في المئة حالياً وفي هذه الحالة لن تزيد قيمة الدين الخارجي قياساً للناتج الاجمالي على نسبة 37 في المئة، والخدمات 18.2 في المئة سنة 2005. ومن نتائج تحسن الأداء الاقتصادي المرتقب ارتفاع الدخل الفردي بنحو 400 دولار سنوياً ما سيقلص البطالة الى نحو 10 في المئة من الفئة النشيطة. ويضع البنك الدولي تصوراً أقل تفاؤلاً يتوقع فيه النمو في حدود 3.8 في المئة وفي هذه الحالة لن تنمو الصادرات سوى بنسبة 5 في المئة ويستقر الادخار الوطني عند نسبة 19.3 في المئة والاستثمار في حدود 22 في المئة وفي هذه الحالة سيزيد الدخل الفردي المغربي بنحو 200 دولار سنوياً. ويعتقد تقرير البنك الدولي ان التصور الأول هو الأقرب الى التحقيق في حالة المغرب ويتوقف على مدى مساهمة القطاع الزراعي في اجمالي الناتج المحلي ومعالجة الديون الخارجية.