يتوقع ان يحقق الاقتصاد المغربي عام 1998 نسبة نمو عالية مستفيداً من تحسن الانتاج الداخلي وزيادة حجم المبادلات وتوسع نشاط القطاع الخاص واستقرار أداء البورصة. وذكرت وزارة المال والاقتصاد في دراسات حصلت عليها "الحياة" ان نمو اجمالي الناتج المحلي المغربي سيراوح بين 6.4 و6.7 في المئة وسيتجاوز عتبة 40 بليون دولار بنهاية السنة. لكن التوقعات تبدو أقل تفاؤلاً بالنسبة لسنة 1999 وتحصر النمو في حدود 4.5 الى 4.7 في المئة بفعل مضاعفات الوضع الاقتصادي الدولي وتقلص كمية الأمطار. واستعاد معظم القطاعات نشاطه بدرجات مختلفة. وقالت التقديرات ان النمو تراوح بين 3.5 وأربعة في المئة في القطاعات غير الزراعية وبلغت النسبة 13 في المئة في السياحة وستة في المئة في تحويلات المهاجرين. وزادت حركة التجارة الخارجية بنسبة 16.8 في المئة، وارتفع الطلب على الطاقة بنسبة ستة في المئة في حين نمت ايرادات الضرائب بين 8 و10 في المئة. وتراجع عجز ميزان المدفوعات الى نحو 0.5 في المئة من اجمالي الناتج المحلي. ورافق تحسن الاقتصاد المغربي استقرار معدل التضخم عند نسبة ثلاثة في المئة مقابل واحد في المئة العام الماضي. وتراجع حجم الدين الخارجي قياساً الى النفقات العامة من 32 الى 26 في المئة. وتقلصت الفوائد على الديون الخارجية بنسبة 13.7 في المئة، بينما زاد احتياط النقد والقطع الأجنبي لدى البنك المركزي الى 42.8 بليون درهم 4.6 بليون دولار في الأشهر العشرة الأولى من السنة. وقدمت المصارف المختلفة قروضاً لتمويل الاقتصاد بلغت في مجموعها خلال الفترة نفسها 171 بليون درهم 18.5 بليون دولار مقابل 159 بليون درهم في نهاية عام 1997. ويعتقد الخبراء ان نمو الاقتصاد المغربي هو الأفضل منذ عامين وأنه لولا انحباس الأمطار وتراجع الاقتصاد الدولي لكان النمو في حدود 11 في المئة وهي النسبة التي كان وضعها المركز المغربي للظرفية في مطلع السنة. ومن المنتظر ان يتواصل النمو حتى السنة 2000 على أساس معدل وسط في حدود 5.2 في المئة وهي النسبة التي وضعها البنك الدولي للمغرب، وهي الأفضل من نوعها في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا التي يضع لها المصرف العالمي متوسط نمو في حدود 3.7 في المئة و4.4 في المئة للدول متعددة الصادرات. لكن آفاق الاقتصاد المغربي تبقى مرتبطة الى حد كبير بتساقط الأمطار وتحسن الطلب الداخلي واستقرار النمو في دول الاتحاد الأوروبي. وكان لعامل انخفاض أسعار الطاقة والمواد الأولية في السوق الدولية منافع على أداء الشركات المحلية التي زادت وارداتها مستفيدة من انخفاض الأسعار. وزادت الواردات بنسبة ثمانية في المئة والصادرات خمسة في المئة، ونتيجة ذلك تفاقم عجز الميزان التجاري الى قرابة 2.5 بليون دولار. وقال خبراء ان النمو تباطأ في الربع الثالث من السنة متأثراً بالوضع الدولي. وحقق أداء الاقتصاد في نهاية الربع الثالث من السنة الجارية نمواً نسبته 4.7 في المئة في الربع الأول. وانعكس النمو على الطلب الداخلي واستهلاك الأسر. وزادت الأسعار 3.3 في المئة للمنتجات الغذائية و2.5 في المئة لمواد الاستهلاك والمنتجات الصناعية. لكن الاستثناء كان قطاع المباني، إذ تراجع الطلب على الاسمنت ومواد البناء بنسبة 1.5 في المئة نتيجة تأجيل مشاريع سكنية الى سنة 1999 وانتظار تصفية مستحقات مالية بين "مصرف القرض العقاري والسياحي" وشركات "ايراك" الحكومية للاسكان. وشهدت سنة 1998 تراجعاً في حجم الاستثمارات الأجنبية الخاصة التي بلغت 1.2 بليون دولار في العام السابق. وقدرت نسبة التراجع بنحو 71 في المئة. وقال خبراء ان لذلك علاقة بتوقف برنامج التخصيص مؤقتاً وتباطؤ تحويل ديون أجنبية الى استثمارات محلية متفق في شأنها مع فرنسا 1.4 بليون فرنك فضلاً عن الوضع الدولي غير المناسب، وتأجيل اطلاق اصدارات سيادية كانت تنوي الحكومة تنفيذها في السوق المالية الدولية قبل ان توقفها كارثة انهيار بورصات جنوب شرقي آسيا في الخريف الماضي. وبرأي مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي، عزز الاقتصاد المغربي حضوره في الأسواق الناشئة. وحققت بورصة الدار البيضاء ارتفاعاً بلغ نحو 20 في المئة على رغم العواصف، ما جعلها واحدة من أفضل خمس بورصات نامية والأفضل في الشرق الأوسط وشمال افريقيا. وكان نمو المؤشر بلغ نحو 50 في المئة العام الماضي قبل حلول الأزمة الاقتصادية العالمية. وقال مراقبون ان نمو الاقتصاد المغربي لم يواكبه نمو مماثل في توفير فرص العمل للشباب، اذ زاد معدل البطالة في الربع الثالث من السنة بنسبة 2.6 في المئة وارتفع الى 18.6 في المئة من الفئة النشيطة بعد أن كان سجل 16 في المئة عام 1997. وتشكل بطالة الخريجين قضية محورية في المغرب وصفها الملك الحسن الثاني في افتتاح ندوة حول التشغيل منتصف الشهر الجاري في مراكش ب "القضية الثانية بعد الصحراء". ويعيب البنك الدولي على الاقتصاد المغربي كونه لا يحقق نمواً كافياً لاستيعاب بطالة الشباب وأنه حتى في حال تحسن الأداء لا يوفر زيادة مشابهة في فرص العمل. وينصح البنك بنمو متواصل في حدود سبعة في المئة وهذا بدوره مرتبط بالزراعة التي توفر 20 في المئة من اجمالي الناتج. وتسمح معدلات النمو الحالية بتوفير ما يقارب 180 ألف فرصة عمل ويحتاج المغرب الى ايجاد 220 ألف وظيفة جديدة سنوياً، مع السعي الى تقليص نسبة الخريجين العاطلين وعددهم 200 ألف شخص تقل اعمارهم عن 35 سنة. وقال كمال درويش نائب رئيس البنك الدولي ان توقعات الاقتصاد المغربي حتى السنة 2007 تبدو حسنة إذا قورنت بدول أخرى في المنطقة خصوصاً التي تعتمد على النفط. وتتمحور التوقعات حول نسبة خمسة في المئة. ويعزز تنوع الصادرات والمداخيل وضعية الاقتصاد المحلي الذي قد يستفيد من توسع التجارة وعلاقات الشراكة مع الاتحاد الأوروبي والمنطقة التجارية الحرة مع بعض البلاد العربية. لكن ذلك رهين بسن سياسة تنموية طموحة والتركيز على المجالات ذات فائض القيمة المرتفع والتغلب على الصعوبات الاجتماعية. وبوسع المغرب زيادة الدخل الفردي في السنوات القليلة المقبلة الى نحو 500 دولار اضافي ويحتاج الأمر الى تحسين وضعية التعليم وتأهيل الادارة وتبسيط الاجراءات. وينظر الخبراء الى سنة 1999 على انها حاسمة في رسم مستقبل الاقتصاد المغربي، اذ ستشهد تنفيذ اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي وتقليص الرسوم الجمركية على الواردات تطبيقاً لبنود منظمة التجارة الدولية وبدء العمل بالخطة الخمسية التي تمتد الى السنة 2003. وقال مركز الظرفية في الدار البيضاء في دراسة حديثة ان النمو المرتقب للسنة المقبلة، والذي سيكون في حدود 4.7 في المئة البنك الدولي قال 4.4، واستقرار الأسعار في السوق الدولية واعتماد العملة الأوروبية الموحدة اليورو ستساهم في زيادة حركة الصادرات وتوسع مشاريع القطاع الخاص.