أعلنت انقرة امس انها ستعزز علاقاتها الديبلوماسية مع الحكومة العراقية، وذلك ردا على استبعادها عن اتفاق السلام الذي تم التوصل اليه بين الفصيلين الكرديين المتنازعين في واشنطن الاسبوع الماضي، وتعبيراً عن مخاوفها من تسوية اميركية تعطي الاكراد حكماً دائماً في شمال العراق. وقال نائب رئىس الوزراء التركي بولنت اجاويد، في بيان امس، ان انقرة قررت اعادة علاقاتها الديبلوماسية مع بغداد الى مستوى السفراء، وأنها طلبت رسمياً من الحكومة العراقية الموافقة على اعتماد سفير تركي. وكانت تركيا خفضت تمثيلها في العراق الى مستوى قائم بالاعمال عام 1992 تحت ضغط حلفائها الغربيين خلال حرب الخليج. وقال اجاويد الذي يقوم بأعمال رئىس الوزراء مسعود يلماز، الموجود حاليا في نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة، ان العراق سعى أيضاً لدى تركيا من اجل تعيين سفير في انقرة في 22 الجاري ووعد بتسريع عملية تبادل السفراء. وعزا اجاويد هذه الخطوة الدراماتيكية الى ان الاتفاق الذي توصل اليه الفصيلان الكرديان استبعد تركيا و"سرّع عملية تهدف الى ادامة تقسيم العراق فعليا". وقال انه رغم ان الاتفاق الذي توصل اليه زعيم الحزب الديموقراطي الكردستاني مسعود بارزاني وزعيم الاتحاد الوطني الكردستاني جلال طالباني، أيّد لفظيا وحدة العراق، الا انه "اشار للمرة الاولى الى ضرورة ارتكاز وحدة البلاد الى نظام اتحادي". وقال: "هذا يصعّد مخاوفنا من ان تقسيم العراق سيصبح دائماً". وتابع: "رغم ان الاتفاق يشير في الوقت الحالي الى حكومة موقتة وبرلمان، الا انه من الواضح ان ترتيبات دائمة هي هدف المرحلة الثانية التي ستقدم الاتحاد كأمر واقع". وزاد ان لغة الاتفاق الكردي تلمح الى انه من الآن فصاعدا فان تركيا قد تواجه معارضة للعمليات التي تشنها عبر الحدود ضد قواعد حزب العمال الكردستاني ومخابئه في شمال العراق. وقال اجاويد انه "وفق اتفاق واشنطن فإن الاعداد للانتخابات وتشكيل الحكومة سيتم في لندن، فيما تقتصر المحادثات في انقرة على الاجراءات الامنية"، معتبرا ان ذلك يعني بوضوح ان دور انقرة في عملية السلام اصبح مهمشاً. وتتوج خطوة اعادة العلاقات الديبلوماسية مع العراق مجموعة من التصريحات التي اطلقها اجاويد ومسؤولون آخرون كشفت استياء تركيا من المبادرة الاميركية للتوصل الى سلام بين الاطراف الكردية المتنازعة في العراق. وعندما مر بارزاني بانقرة في طريقه الى واشنطن، نصحه المسؤولون العسكريون والحكومة التركية بتجنب الزام نفسه بأي صيغة تضر بسيادة العراق وسلامة اراضيه و"عدم نسيان أن العراق، عاجلا او آجلا، سيعيد فرض سيطرته على شمال" البلاد. ورغم الامتعاض التركي من اتفاق واشنطن، فإن لدى انقرة أوراقاً ضرورية لانجاح السياسة الاميركية في عزل العراق.