وصف مسؤول رفيع المستوى في ادارة الرئيس بيل كلينتون امس اللقاء الأول بين رئيس الحزب الديموقراطي الكردستاني السيد مسعود بارزاني ورئيس الاتحاد الوطني الكردستاني السيد جلال طالباني الذي عقد في واشنطن الأربعاء في مقر وزارة الخارجية وبرعاية اميركية بأنه كان جيداً نتيجة شعور الجانبين بامكان تحقيق تقدم حقيقي للتوصل الى المصالحة بينهما على رغم الخلافات الكبيرة التي تفصلهما. وعقدت بعد اجتماع طالباني - بارزاني لقاءات اخرى ابرزها اجتماع وزيرة الخارجية مادلين اولبرايت بالزعيمين الكرديين العراقيين. وقال المسؤول ان المحادثات استمرت نحو ثلاث ساعات على مرحلتين: اجتماع ضم الزعيمين ووفديهما ومساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الأوسط السفير مارتن انديك ونائبه المكلف ملف شمال العراق ديفيد ويلش واجتماع آخر مع ويلش الذي دخل في التفاصيل الدقيقة. وأكد ان الجانب الاميركي قدم اقتراحات تهدف الى التقريب بين الموقفين، لكنه رفض كشفها. وقال ان الجانبين يحاولان السعي الى التوصل الى صيغة تؤدي الى عودة "الادارة الاقليمية" الكردية الموحدة في شمال العراق لتستعمل سلطتها ومواردها لمصلحة جميع الاطراف. واعترف بصعوبات تواجه تحقيق ذلك نظراً الى الصراع السياسي القديم والظاهر بين الحزبين، موضحاً ان النقاش شمل الصيغ المطلوبة للمشاركة في الادارة الكردية ونسبها. وزاد: "هناك خلافات ذات ابعاد سياسية واقتصادية يصعب عليهما حلها، لكنهما يدركان ان المستقبل المحفوف بالخلافات لن يحميهما من الضغوط التي سيتعرضان لها، سواء من داخل العراق او من خارجه". وتوقع ان يكون الاجتماع الأول بين الزعيمين الكرديين منذ اكثر من 4 سنوات بداية لمزيد من الاجتماعات في شمال العراق او في انقرة او لندن او واشنطن. ولفت المسؤول الى ان اجتماعات واشنطن هي محاولة لتنفيذ عملية انقرة التي تشارك فيها الولاياتالمتحدة وتركيا وبريطانيا لتحقيق المصالحة الكردية، وان الهدف من الجهود الحالية هو اعطاء قوة دفع لهذه العملية، خصوصاً انها حتى اجتماع الأربعاء لم تتمكن من جمع الزعيمين معاً. وبدا كأنه يحاول الربط بين نجاح المبادرة الحالية وبين تقديم واشنطن الضمانات الأمنية للأكراد. وأوضح ان الادارة الاميركية لم تقدم ضمانات أمنية محددة الى الجانبين الكرديين لكنها اوضحت لهما ان استمرار الاقتتال والنزاع بين الحزبين سيحول الاهتمام عن امكانات المساعدات التي تقدمها الولاياتالمتحدة او تلك التي قد تقدمها المجموعة الدولية للأكراد. وتابع ان الاكراد "يعرفون ذلك جيداً، ويرون الاضرار التي لحقت بسمعتهم نتيجة القتال بينهم منذ 1994". وأكد ان عملية "مراقبة الشمال" مستمرة، وان الولاياتالمتحدة لا تزال تعتقد ان العراق لم ينفذ قرار مجلس الأمن الرقم 688 الذي دعا الى وقف اضطهاد الشعب العراقي. واختصر الموقف الاميركي بالقول ان "اهتمام واشنطن هو الضمانة". وجدد دعوة الجانبين الكرديين الى الابتعاد عن تأثيرات بغدادوطهران ونفوذهما، وقال: "لا نعتقد ان في امكانهم حل مشاكلهم وحماية مستقبلهم بالتطلع نحو النظام الحالي في بغداد او النظام في طهران". لكنه اعترف بأن للجانبين "اتصالات وفي بعض الاحيان تعاوناً" مع النظامين "ولا نشجع ذلك". وزاد: "نحن في الولاياتالمتحدة لا نتعاون مع متحالفين مع بغداد". وعن دور القيادات الكردية في المعارضة العراقية، قال المسؤول الاميركي ان "اهمية الزعيمين تكمن في انهما يمثلان ناساً حقيقيين داخل العراق ولديهما شعبية كبيرة في شمال العراق. ان مجرد وجودهما في واشنطن يظهر الموقع الذي يقفان فيه". وذكر ان الادارة ترغب في اظهار دعمها الاكراد، مشيراً الى انهم "جلبوا لأنفسهم الكثير من المشاكل، ونعتقد ان افضل وسيلة للتعاطي مع مستقبلهم بطريقة بناءة هي في ان يحصل تغيير في بغداد، ونحن مقتنعون بذلك. لكن عمليتنا هنا ترتكز الى مبدأ الخطوة خطوة بالنسبة اليهم". ونبه الى ان "تطوير المعارضة ضد الرئيس العراقي صدام حسين هو قضية كبيرة لا يمكن ان تحل باجتماع لمناقشة المشكلة الكردية، وهذان الشخصان طالباني وبارزاني يمثلان افرقاء يسيطرون على قسم كبير من البلاد، ولديهم تاريخ مرير مع ذلك النظام. فاذا لم تكن هذه معارضة لا اعرف ما هي المعارضة". وشدد على ان الهدف الاميركي ليس محصوراً بالمصالحة الكردية بل "هدفنا اكبر والمطلوب توجيه السؤال اليهم في شأن كيفية تعاطيهم مع العناصر الاخرى في المعارضة، سواء في الجنوب او الوسط او في الخارج".