بدا أن ألبانيا تحولت إلى ساحة حرب بديلة عن كوسوفو بعدما أعلنت الحكومة القبض على اثنين من مواطني كوسوفو بتهمة التورط في الاضطرابات، فيما انتشرت اشاعات قوية في تيرانا عن وجود أصابع صربية في اغتيال المعارض الألباني حازم حيداري. وظهر ان الحكومة الاشتراكية في ألبانيا قررت التعاطي بشدة مع المعارضين لها، إذ طوقت مقرهم الرئيسي في تيرانا بقوات عسكرية كبيرة وشنت حملة تفتيش عن الأسلحة واعتقلت العشرات من الذين تتهمهم باقتحام المقرات الحكومية. وتواصل اطلاق نار متقطع في انحاء تيرانا خلال الليل. وتعرض مقر وزارة الدفاع في وسط المدينة إلى هجوم بالأسلحة الرشاشة، ما أسفر عن إصابة ضابط وجنديين من بين حراسه. وتحدت المعارضة الاجراءات الحكومية المشددة، ونظمت أمس الأربعاء مسيرة في تيرانا شارك فيها نحو ألفين من أنصارها طالبوا استقالة الحكومة ومحاسبة رئيسها فاتوس نانو ووزير داخليته بيريكلي تيتا. وألقى الرئيس السابق صالح بريشا، الذي يتزعم المعارضة، كلمة دعا فيها أنصاره إلى "مواصلة التجمعات والاحتجاجات اليومية حتى ترضخ الحكومة لمطلب الشعب وتقدم استقالتها". وأكد بريشا أنه لن يترك ألبانيا ولا يبالي بتهديدات الحكومة برفع الحصانة البرلمانية عنه وعن عدد آخر من نواب المعارضة. وبدأت الحكومة اجراءات لسحب الحصانة البرلمانية عن بريشا و4 نواب آخرين لحزبه الديموقراطي اعتماداً على الغالبية البرلمانية التي يتمتع بها الحزب الاشتراكي الحاكم. وأبلغ مصدر مطلع في تيرانا "الحياة" أن النواب الذين يمثلون المعارضة "قرروا مقاطعة جلسات البرلمان بصورة دائمة". وأضاف المصدر ان تهمة القيام بانقلاب التي تعدها الحكومة ضد بريشا وعدد من قادة المعارضة "ستكون عقوبتها ما بين السجن مدى الحياة والاعدام". وأشار المصدر إلى انتشار اشاعات في تيرانا إلى ضلوع حكومة بلغراد في عملية اغتيال الأمين العام للحزب الديموقراطي حازم حيداري بقصد إثارة الفوضى في ألبانيا "ما يوفر الاجواء للقوات الصربية بمواصلة عملياتها ضد السكان الألبان". ولم يستبعد المصدر تحول المواجهات بين الحزب الاشتراكي الحاكم ومعارضيه إلى حرب أهلية قريبة بين الشمال المؤيد للمعارضة والجنوب الذي يعتبر معقلاً للاشتراكيين. وأوضح المصدر أن الحكومة اليونانية، التي تربطها علاقات قوية برئيس الحكومة نانو، شجعت الاشتراكيين على التصدي بحزم لمعارضيها "وأنها مستعدة لأي مساندة عسكرية ومعنوية تحتاج إليها الحكومة". وأضاف المصدر ان هذا الدعم يمثل خطراً كبيراً على وحدة الدولة الألبانية، خصوصاً أنه ليس خافياً تعاطف ألبان كوسوفو مع المعارضة وزعيمها بريشا الذي ينتمي إلى قرية تروبايا على الحدود الألبانية مع كوسوفو، كما أن قسماً كبيراً من العشيرة التي ينحدر منها بريشا يسكن كوسوفو. يذكر أن وسائل الاعلام اليونانية تطرقت أمس إلى "مشاركة عناصر من جيش تحرير كوسوفو ومتشددين مسلمين في أعمال الشغب المناهضة للحكومة". ونقلت اذاعة تيرانا عن مصادر وزارة الداخلية الألبانية أنه تم اعتقال اثنين من مواطني كوسوفو كانوا ضمن المسلحين الذين سيطروا على مبنى الاذاعة والتلفزيون الرسمي الأحد الماضي. وأضافت ان أسلحة أوتوماتيكية عثر عليها لدى عدد من سكان كوسوفو الذين شاركوا في أعمال العنف في تيرانا. ونفى رئيس الجناح السياسي لجيش تحرير كوسوفو آدم ديماتشي مشاركة مقاتلين من ألبان الاقليم "في الصراع الدائر في ألبانيا بين الحكومة والمعارضة". وقال في تصريح صحافي أمس في بريشتينا: "إننا نرغب أن تكون ألبانيا قوية لمصلحة الكفاح في كوسوفو ولا يمكن ان نساند العنف فيها". لكن ديماتشي نصح الرئيس الألباني رجب ميداني بحل الأزمة من خلال تشكيل حكومة انتقالية من الخبراء "تتولى تصحيح الأوضاع في البانيا". وأكد ديماتشي أن المقاومة الألبانية للسلطات الصربية في كوسوفو "ستستمر مهما كانت التطورات في البانيا".