عشية جولته على البحرينوقطر، عرض وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية ديريك فاتشيت في حديث الى "الحياة" وجهة النظر البريطانية في قضايا الشرق الأوسط والخليج، من مسيرة السلام الى العراقوايرانوافغانستان الى ليبيا، بالإضافة الى ما يعرف بمكافحة الارهاب الذي أقره مجلس العموم البريطاني، والعلاقات مع المسلمين. وأكد فاتشيت التزام بلاده "الدفاع عن أمن الخليج"، مشيراً الى ان الرئيس "صدام حسين ما زال خطراً على المنطقة". وشدد على ان بريطانيا لن تكون قاعدة لمن يخططون لتنفيذ عمليات ارهابية في أي مكان في العالم. واشار الى ان بريطانيا متمسكة بشرطين لاعادة العلاقات مع السودان، مشددا على ان حكومته "لن تعترف بحكم طالبان" في افغانستان. وهنا نص الحديث: ما طبيعة المحادثات التي ستجريها في قطروالبحرين؟ - إنها زيارة عادية وروتينية بالمعنى المطلق للكلمة، لكن ذلك لا يعني ان الزيارة والمحادثات ليست مهمة أو فاعلة. البحرينوقطر من الدول المهمة لنا وهما من حلفائنا في المنطقة وستتيح زيارتي فرص تأكيد رغبتنا في الاستمرار في تنفيذ التزاماتنا وتطوير علاقاتنا العريقة سياسياً وتجارياً، وتمسكنا بالتزاماتنا في مجال الدفاع عن أمن الخليج واستقراره. وستشمل المحادثات القضايا الاقليمية كالعراقوايران ومسيرة السلام. وهل ستشمل ايضاً قانون مكافحة الارهاب الذي أقر في بريطانيا أخيراً؟ - سأكون مستغرباً إذا لم يطرح هذا الموضوع على بساط البحث، خصوصاً في البحرين التي تهتم بهذه المسألة. نحن قمنا بكل ما نعتقد انه ضروري للتصرف بحزم مع الذين يتآمرون على بلادهم ويخططون لعمليات اجرامية هنا أو هناك، والقانون الذي أقر جاء ليملأ فراغاً كان موجوداً في القانون البريطاني، وشعر توني بلير رئيس الوزراء بحاجة الى هذا القانون، فطرحه وأقره الجميع. وكان من المهم جداً ان نرسم خطاً واضحاً بين الذين يخططون لعمليات ارهابية واولئك الذين يطالبون بحقهم الطبيعي في شرح أفكارهم بالكلام أو الكتابة. أردنا بهذا القانون ان نؤكد حقيقتين: ان بريطانيا ستبقى الدولة التي يستطيع الفرد فيها ان يعلن رأيه بكل حرية وصراحة في اطار الجدل السياسي العادي، والحقيقة الثانية ان بريطانيا لن تكون مقراً للمنظمات الارهابية أو منطلقاً لتنفيذ مخططاتها في أي مكان في العالم. لكن الخيط الذي يفصل بين الارهاب وحرية الكلام رفيع، ويصعب الفصل بين من يخطط للارهاب ومن يستغل حرية التعبير للتحريض بالتصريحات والبيانات على تهديد امن الدول الأخرى؟ - القانون الجديد يعطينا حق ملاحقة ومعاقبة الذين يقيمون في بريطانيا ويخططون لعمليات ارهابية هنا أو في الخارج. لكنه لا ينص على ملاحقة طرق التعبير عن الآراء. ونحن لا نعتقد ان هناك دلائل واضحة تؤكد ان هناك من يعيش في لندن ويخطط للقيام بعمليات ارهابية في دول مثل مصر أو سواها. واذا ثبت ذلك سيطبق عليه القانون الجديد. وهل ستطاول احكام القانون طالبي اللجوء أو ذوي الاقامة الدائمة وحاملي الجنسية البريطانية؟ - هذا القانون يطالك ويطالني ويطال كل فرد يعيش في بريطانيا. وحتى اليوم لم يقدم الينا أحد أي دليل دقيق وثابت يؤكد ان بريطانيا تستخدم كقاعدة أو مركز للارهاب. نحن سعداء بالقانون الجديد الذي يؤمن لنا الفرصة للتعامل مع كل من يحاول استخدام اراضينا كقاعدة للارهاب. العراق كيف تنظرون الى دوركم في الخليج سياسياً وأمنياً، وهل ترون ان الخطر العراقي على الخليج ما زال قائماً؟ - نعم، نعتقد ان العراق ما زال يشكل خطراً على جيرانه، ويشاطرنا هذا الرأي العديد من أصدقائنا في الشرق الأوسط. وما زلنا لا نملك أدلة دقيقة على ان العراق لم يعد يمتلك اسلحة دمار شامل، كما ان لجنة نزع الأسلحة أونسكوم غير قادرة على متابعة مهماتها، لأن العراق يعرقل عملها. ويستطيع صدام حسين استخدام الأسلحة غير المدمرة ضد جيرانه، خصوصاً العرب الذين يعرفون اكثر من غيرهم كم عدد الذين قتلهم صدام، وكيف لطخ يديه بدماء الأبرياء. نحن نرى ان خطر صدام على المنطقة ما زال قائماً، لذلك نحافظ على الوفاء بالتزاماتنا، ونؤيد مواقف الاممالمتحدة من العراق. المفتش الاميركي المستقيل سكوت ريتر أكد ان العراق يخفي اسلحة نووية وانه قادر على صنع قنابل نووية خلال اشهر قليلة. فهل هذا التأكيد دقيق، وهل ترى ان توجيه ضربة عسكرية الى العراق ما زال احتمالاً وارداً؟ - هذه الآراء تؤكد لنا جميعاً اهمية أخذ الخطر العراقي بالجدية اللازمة، والتعامل مع هذه الاخطار بحذر شديد، ونحن في حاجة الى التدقيق كثيراً في هذا النوع من المعلومات، والى استمرار عمل "اونسكوم" في العراق، ولن نرتاح ونطمئن الا حين تعطينا "شهادة" تثبت انه بات خالياً من أسلحة الدمار الشامل. لكن ريتر اتهمكم واميركا بعرقلة مهمات "اونسكوم" في العراق؟ - من المهم جداً ان تمارس "أونسكوم" عملها بطريقة فاعلة، وهذا ليس موقفنا وحدنا بل كذلك موقف اعضاء الاممالمتحدة. لوكربي اقتربت الأزمة مع اليبيا من الحل، ثم تعثرت، فما العقبات التي أخرت التسوية؟ - قدمنا اقتراحات قوبلت بالترحيب في الاممالمتحدة، وهدفها حل قضية لوكربي على اسس عادلة، وتوقعنا ان يكون الجواب الليبي ايجابياً، ونحن مستعدون لتقديم أي مساعدة لتوضيح الأمور وتحقيق الحل، ولكن عبر الاممالمتحدة، لأننا لسنا في موقع يسمح لنا بالتفاوض مع العقيد القذافي. يعرف الجميع ان جامعة الدول العربية ودول المجموعة الافريقية ودول عدم الانحياز، طالبت بمحاكمة الليبيين المشتبه في تورطهما بتفجير لوكربي امام محكمة في دولة ثالثة، وهذا ما سيحصل اذا تعاون الليبيون. وأرى ان القذافي مسؤول امام الجامعة والآخرين لإجراء هذه المحاكمة، ونحن غيرنا مواقفنا الاساسية ونحاول ان نتأكد من ان القضية ستحل على اساس مثول المتهمين امام العدالة، ولا أظن ان هناك من يشك بعدالة الهولنديين. ان اجراء المحاكمة في هولندا مصدر ثقة واطمئنان لليبيين، أو هكذا يجب ان يكون شعورهم، وليس هناك شك في ان الليبيين سيعاملان في هولندا وفق نصوص القوانين والأنظمة. بذل الأمين العام للجامعة الدكتور عصمت عبدالمجيد جهوداً مكثفة للتوصل الى الحل، وعلى الجامعة ان تقنع الليبيين بقبول الحل وتسليم المتهمين الى المحاكمة. التقيت عبدالمجيد هنا، وفي القاهرة وكانت وجهة نظره دائماً ن الحل يتحقق بتقديم المتهمين الى المحاكمة، وهو مطمئن اليوم وآمل بأن نتمكن من العمل معاً لتنفيذ هذا الحل. لبنان يجتاح القلق اللبنانيين من احتمالات شن اسرائيل هجوماً واسعاً على أراضيهم، وتدمير البنى التحتية. هل لديكم معلومات وهل تساهمون في المساعي التي تبذل لمنع هذا العدوان؟ - نحن قلقون دائماً على الاستقرار في لبنان، وواضح ان الجنوب موقع تصادم مستمر ومما يؤسف له ان الضحايا تسقط من الجانبين. نشعر بخيبة الأمل من توقف التفاوض على المسارين اللبناني والسوري، ونطالب اسرائيل بإلحاح بأن تدرس سبل تطبيق القرار 425 والعمل لفتح باب المفاوضات مع سورية. ومن المهم جداً الحفاظ على استقلال لبنان وسيادته واستقراره، وذلك بخلو أراضيه من أي جنود احتلال، وترك اللبنانيين يديرون شؤونهم بأنفسهم وهو ما لم يتوافر لهم الى اليوم. كيف تنظر الى العملية السلمية المتعثرة، وكيف يمكن انقاذها وسط الاحباط والتعنت والعراقيل؟ - نؤيد العملية السلمية وعملنا خلال رئاستنا للاتحاد الأوروبي لتأمين فرص النجاح لها، وعمقنا الارتباط الأوروبي بها. فنحن نتوق الى وصول العملية السلمية الى نهايات ناجحة وسريعة، ولاحظنا مدى التأرجح بين التفاؤل والتشاؤم في التقارير الصادرة من غزة وتل أبيب، لذلك سنفعل كل ما نستطيع لتشجيع الفرقاء على الوصول الى نهاية سريعة وايجابية بالمفاوضات، لأننا لا نستطيع السماح للعملية بأن تسير ببطء الى ما لانهاية، ولا بد من الاتفاق لأنه ليس هناك سبيل آخر لتحقيق السلام العادل والشامل. نحن لا نلوم أحداً، خصوصاً الفلسطينيين الذين وافقوا منذ البداية على المبادرة الاميركية. تقف إيرانوافغانستان على عتبة الحرب، فهل تتوقع اندلاع القتال بينهما، وما تأثير ذلك على المنطقة؟ - نتفهم موقف الايرانيين جيداً، فهم خسروا أرواح عدد من ديبلوماسييهم الذين قتلتهم قوات "طالبان". لكننا نطلب من ايران ان تتعامل بحذر مع الحل العسكري، ونعتقد انها لن تلجأ الى هذا الحل مع تفهمنا الضغوط التي تتعرض لها. وهل يثير الوضع في افغانستان قلقاً في بريطانيا؟ - نحن قلقون جداً على حقوق الانسان والمرأة هناك، وقلقون من مواقف "طالبان" وتصرفاتهم حيال قضية الاتجار بالمخدرات التي لا تتوافق مع السلوك الاسلامي. يقولون انهم يسيرون وفق تعاليم الدين الاسلامي ثم نراهم كيف يتعاملون مع تجارة المخدرات التي تهدد حياة شبابنا في أوروبا، ويجنون منها الأموال الطائلة. انهم يتاجرون بالمخدرات بكل وضوح، وعلينا ادانتهم ولن نعترف بشرعية حكمهم لافغانستان. متى يعود السفير البريطاني الى الخرطوم ويعود سفير السودان الى لندن؟ - أسفنا لمغادرة سفيرهم ومغادرة سفيرنا الخرطوم، بعد موقف الحكومة السودانية، ورأينا في هذا رد فعل غير مبرر من جانب الحكومة السودانية. نحن نتطلع الى عودة العلاقات الطبيعية مع السودان لكن مسؤولية ما حصل تقع عليه، ولدينا شرطان لإعادة العلاقات الديبلوماسة الى طبيعتها: الأول ان نختار نحن سفيرنا لدى السودان، والثاني المطالبة بالحماية والأمن لجميع العاملين في سفارتنا هناك. والى الآن لم نتلق رداً ايجابياً وواضحاً. تعمل من أجل علاقات جيدة بين الجالية الاسلامية في بريطانيا والجاليات الأخرى، لكن هذه العلاقات تتعرض دائماً للتعثر والهزات، ويواجه الدين الاسلامي حالاً من عدم فهم الآخرين له. فماذا فعلتم لتصحيح هذا الخطأ؟ - اعتقد ان بريطانيا هي دولة الاعراق والأديان المختلفة، وان علينا ان نعمل لتحقيق التفاهم والتقارب بين الجميع، وأن لا ندين أحداً بسبب عقيدته مسلماً كان أم غير مسلم. الاسلام عقيدة ثابتة تكبر كل يوم، ولدينا علاقات ممتازة مع معظم الدول الاسلامية، وبذلت حكومتنا أقصى الجهود للانفتاح على الجالية الاسلامية في بريطانيا، وعقدنا وسنعقد مؤتمرات حوار معها. وناقشنا مع قياداتها قضايا بينها البلقان وكوسوفو وكشمير والسودان وايران، وآمل بأن تبقى علاقاتنا مبنية على الثقة والاحترام. وأنا كعضو في مجلس العموم أرفض أي لوم أو انتقاد للاسلام كدين، وللمسلمين. أما بالنسبة الى ما يدعيه المسلمون المتطرفون كعمر البكري عن مواقف حكومتنا فنرى أنها ادعاءات لا أساس لها