أمير تبوك: نقلة حضارية تشهدها المنطقة من خلال مشاريع رؤية 2030    الفالح: المستثمرون الأجانب يتوافدون إلى «نيوم»    برئاسة ولي العهد.. مجلس الوزراء يقرّ الميزانية العامة للدولة للعام المالي 2025م    الذهب يرتفع بعد تهديدات الرسوم الجمركية الأميركية.. وارتفاع الدولار    السعودية وروسيا والعراق يناقشون الحفاظ على استقرار سوق البترول    مغادرة الطائرة الإغاثية ال24 إلى بيروت    التعاون والخالدية.. «صراع صدارة»    الملك يتلقى دعوة أمير الكويت لحضور القمة الخليجية    الهلال يتعادل إيجابياً مع السد ويتأهل لثمن نهائي "نخبة آسيا"    في دوري يلو .. تعادل نيوم والباطن سلبياً    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء    «التعليم»: 7 % من الطلاب حققوا أداء عالياً في الاختبارات الوطنية    أربعة آلاف مستفيد من حملة «شريط الأمل»    «فقرة الساحر» تجمع الأصدقاء بينهم أسماء جلال    7 مفاتيح لعافيتك موجودة في فيتامين D.. استغلها    أنشيلوتي: الإصابات تمثل فرصة لنصبح أفضل    الأسبوع المقبل.. أولى فترات الانقلاب الشتوي    «شتاء المدينة».. رحلات ميدانية وتجارب ثقافية    مشاعر فياضة لقاصدي البيت العتيق    الزلفي في مواجهة أبها.. وأحد يلتقي العين.. والبكيرية أمام العربي    مبدعون.. مبتكرون    ملتقى الميزانية.. الدروس المستفادة للمواطن والمسؤول !    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    بايدن: إسرائيل ولبنان وافقتا على اتفاق وقف النار    كيف تتعاملين مع مخاوف طفلك من المدرسة؟    حدث تاريخي للمرة الأولى في المملكة…. جدة تستضيف مزاد الدوري الهندي للكريكيت    قمة مجلس التعاون ال45 بالكويت.. تأكيد لوحدة الصَّف والكلمة    7 آلاف مجزرة إسرائيلية بحق العائلات في غزة    الدفاع المدني: استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    كثفوا توعية المواطن بمميزاته وفرصه    شركة ترفض تعيين موظفين بسبب أبراجهم الفلكية    «هاتف» للتخلص من إدمان مواقع التواصل    حوادث الطائرات    حروب عالمية وأخرى أشد فتكاً    معاطف من حُب    الدكتور عصام خوقير.. العبارة الساخرة والنقد الممتع    جذوة من نار    لا فاز الأهلي أنتشي..!    الرياض الجميلة الصديقة    هؤلاء هم المرجفون    المملكة وتعزيز أمنها البحري    اكتشاف علاج جديد للسمنة    السعودية رائدة فصل التوائم عالمياً    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء الخميس المقبل    مناقشة معوقات مشروع الصرف الصحي وخطر الأودية في صبيا    حملة على الباعة المخالفين بالدمام    «السلمان» يستقبل قائد العمليات المشتركة بدولة الإمارات    أهمية الدور المناط بالمحافظين في نقل الصورة التي يشعر بها المواطن    المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة يناقش تحديات إعادة ترميم الأعضاء وتغطية الجروح    مركز صحي سهل تنومة يُقيم فعالية "الأسبوع الخليجي للسكري"    "سلمان للإغاثة" يوقع مذكرة تفاهم مع مؤسسة الأمير محمد بن فهد للتنمية الإنسانية    جمعية لأجلهم تعقد مؤتمراً صحفياً لتسليط الضوء على فعاليات الملتقى السنوي السادس لأسر الأشخاص ذوي الإعاقة    حقوق المرأة في المملكة تؤكدها الشريعة الإسلامية ويحفظها النظام    استمرار انخفاض درجات الحرارة في 4 مناطق    الكرامة الوطنية.. استراتيجيات الرد على الإساءات    محمد بن راشد الخثلان ورسالته الأخيرة    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    نوافذ للحياة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"سفك الدماء في جنوب لبنان يتوقف بانسحاب اسرائيلي كامل" . بلير ل "الحياة": سنضرب العراق اذا لم يغيّر صدام موقفه
نشر في الحياة يوم 27 - 01 - 1998

أكد رئيس الوزراء البريطاني توني بلير ان حكومته لا تستبعد الخيار العسكري ضد العراق اذا لم يغيّر الرئيس صدام حسين موقفه من فرق التفتيش. وقال في اول حديث الى صحيفة عربية منذ توليه رئاسة الحكومة ان "صدام يشكّل خطراً على أمن الخليج والعالم وعليه الانصياع الى كل القرارات الدولية".
ونفى بلير انحياز حزب العمال البريطاني لاسرائيل، مشدداً على ضرورة ان تنفذ الدولة العبرية اعادة الانتشار في الضفة الغربية وان تكون اعادة الانتشار "كبيرة ومن دون شروط". واعلن ان حكومته مستعدة لمساعدة السلطة الفلسطينية في "مكافحة الارهاب". ونبّه الى ان انسحاباً اسرائيلياً كاملاً من جنوب لبنان وتنفيذ القرار الرقم 425 وحدهما يكفلان "وقف سفك الدماء" هناك. وتابع ان حكومته ملتزمة اتخاذ اجراءات ضمن القوانين البريطانية "ضد الذين يسعون الى استخدام بريطانيا كقاعدة لارتكاب اعمال ارهابية في اماكن اخرى".
وكان رئيس الوزراء يردّ على اسئلة مكتوبة وجهها اليه رئيس التحرير، ثم عدّل بعضها بعد اجتماع بلير والرئيس ياسر عرفات في لندن امس.
وقال رئيس الوزراء ان الشرق الاوسط سيكون بين اهم اولويات بريطانيا خلال رئاستها الاتحاد الاوروبي. وفي حين انه لم يتحدث عن مبادرة اوروبية جديدة الا انه اشار الى عمل المبعوث الاوروبي ميغيل موراتينوس، وضرورة تنسيق الجهود مع الاطراف الدولية الاخرى. وأبدى اهتماماً بالمساعدة في امور محددة بموجب الاتفاق المرحلي مثل بناء المطار في غزة والميناء والمعابر الآمنة ومساعدة السلطة الفلسطينية على مكافحة الارهاب.
وأصر بلير على أن تنفذ إسرائيل إعادة الانتشار. وقال إن موقف بريطانيا والاتحاد الأوروبي هو ان تتم إعادة الانتشار في موعدها، وأن تكون كبيرة الحجم وتنفذ من دون شروط.
وأعرب عن أمله بأن تقوم إسرائيل بعمل ازاء المستوطنات التي وصفها بأنها غير قانونية وتتناقض مباشرة مع مبدأ الارض مقابل السلام.
وأكد رداً على سؤال آخر أن العراق يملك أسلحة دمار شامل، وقد استعملها في السابق ولن يتردد في استعمالها من جديد. وفي حين تريد بريطانيا حل مشكلة التفتيش على أسلحة الدمار الشامل مع العراق سلمياً، إلا أنها لن تستبعد أي خيار آخر، وقد ارسلت حاملة الطائرات "انفنسبل" إلى الخليج، والخيار العسكري لن يستبعد إذا لم يغيّر صدام حسين موقفه.
وفي ما يلي نص الأسئلة والأجوبة:
بتولي بريطانيا رئاسة الاتحاد الأوروبي، هل ترون أن الوقت مناسب لاطلاق مبادرة أوروبية جديدة في الشرق الأوسط؟
- منطقة الشرق الأوسط ستكون من أولويات السياسة الخارجية المهمة جداً بالنسبة إلى بريطانيا خلال رئاستنا الاتحاد الأوروبي، وسنقوم بكل ما في وسعنا لمساعدة الأطراف المعنية على حل مشاكلها، تلك المشاكل التي ظلت تلاحق عملية السلام في الأشهر الأخيرة. هذا يعني بصورة رئيسية بذل جهود ديبلوماسية مكثفة لدعم المفاوضات والمساعدة على تضييق الفجوة بين الطرفين. وعمل المبعوث الخاص للاتحاد الأوروبي السفير ميغيل انخيل موراتينوس يشكل جزءاً مهماً من هذا المجهود. وكي يساهم عمل الاتحاد الأوروبي فيكون اسهاماً بناءً في ذلك، اعتقد ان من المهم أن يتم تنسيق هذا العمل تنسيقاً وثيقاً مع الجهود الدولية الأخرى.
نحن تواقون أيضاً إلى تقديم الدعم العملي لمساعدة المفاوضات للسير قدماً إلى النجاح. وهناك مجال يمكن فيه الاتحاد الأوروبي أن يساعد الطرفين على تسهيل الاتفاق على الالتزامات المعلقة بموجب الاتفاق الانتقالي، أي فتح مطار غزة، وبناء ميناء فلسطيني في غزة، ووضع ترتيبات للعبور الآمن بين غزة والضفة الغربية. والمجال الآخر هو الأمن حيث ننفذ برنامجاً لمساعدة السلطة الفلسطينية على مكافحة الارهاب.
نحن نعتقد ان من الضروري معالجة المشاكل التي يواجهها الاقتصاد الفلسطيني، وأشعر بعطف تجاه الوضع الاقتصادي البائس للفلسطينيين، خصوصاً أن مستوى المعيشة عندهم هبط بنسبة 30 في المئة منذ توقيع اتفاق أوسلو. وأوروبا هي أكبر متبرع دولي للفلسطينيين، والاتحاد الأوروبي ودوله الاعضاء قدمت معاً بليوني دولار مساعدات للفلسطينيين منذ العام 1993. للأسف كل هذه الجهود تقوضت نتيجة الركود الذي ألم بالعملية السياسية والقيود على حرية حركة الفلسطينيين وحركة انتقال السلع الفلسطينية. وخلال رئاستنا الاتحاد سنبحث مع الإسرائيليين في الطريق التي يمكن بموجبها تعزيز الاقتصاد الفلسطيني وخفض الأثر السلبي للاغلاقات إلى أقصى حد ممكن.
هل توافقون أنه مع أن كل الأطراف في نزاع الشرق الأوسط يتحمل قسطاً من اللوم للجمود الحالي في عملية السلام، فان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو يتحمل القسط الاكبر من اللوم بسبب رفض حكومته السير قدماً في المرحلة الثانية من اعادة الانتشار، كما حددتها اتفاقات اوسلو، وبسبب مخططاتها الواسعة لبناء عدد اكثر من المستوطنات في الضفة الغربية؟
- لا أرى ان من الحكمة لرئيس وزراء ان يبدأ بتقسيم اللوم في وقت وصلت فيه المفاوضات الى مرحلة حساسة جداً، وكي نحقق التقدم في عملية السلام من المهم ان نتجنّب توزيع اللوم وتوجيه التهم. وتنص المبادئ الرئيسية ان على جميع الاطراف ان تتقيّد تماماً ومن دون قيد او شرط بالالتزامات التي اخذتها على نفسها، وان تواجه عملية المفاوضات بنية حسنة واحترام متبادل.
اما بالنسبة الى الفلسطينيين فهذا يعني بصورة خاصة بذل الجهود القصوى والمستمرة في مكافحة الارهاب، اذ لا يوجد اي مبرّر للمجازر التي رأينا مشاهدها في شوارع القدس الصيف الماضي. تمثل هذه الاعمال انتهاكاً اخلاقياً ومأساة انسانية، وكذلك تزعزع ثقة الاسرائيليين بعملية السلام وتجعل تقدمهاعملاً متعثراً وعسيراً.
رئيس الوزراء نتانياهو عبّر ايضاً عن قلق بالنسبة الى الغموض المحيط بالغاء البنود الواردة في الميثاق الوطني الفلسطيني، التي تدعو الى تدمير اسرائيل. كتب لي الرئيس عرفات اخيراً موضحاً الموقف الفلسطيني ومطمئناً بأن الامر تم وان المجلس الوطني الفلسطيني اصدر في نيسان ابريل 1996 قراراً يلغي كل البنود في الميثاق التي تتعارض مع اعتراف الفلسطينيين باسرائيل والعيش معها جنباً الى جنب بسلام. وأرسلت نسخاً عن رسالته هذه الى الرئيس كلينتون والى نتانياهو قبل اجتماعهما في واشنطن الاسبوع الماضي. لذلك ارجو الا تؤخّر هذه المسألة بعد الآن مجرى التقدم في المفاوضات.
ومثل ما ذكرتم فإن إسرائيل لم تنفذ حتى الآن التزامها باعادة انتشار قواتها وهو التزام اخذته على نفسها لدى التوقيع على اتفاق الخليل. وانني سعيد بأنه تجري الآن معالجة هذه المسألة. وموقف الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة هو انه يجب ان تتم عملية اعادة الانتشار في وقتها المتفق عليه، وان تكون كبيرة الحجم ذات صدقية وأن يتم تنفيذها من دون شروط مسبقة. ان التقدم على هذه الجبهة من شأنه ان يزيل عقبة كبيرة من طريق السلام.
وأرجو ان تتخذ اسرائيل اجراءات بخصوص المستوطنات في القدس وفي بقية الضفة الغربية. ان الاستمرار في بناء المستوطنات الجديدة غير شرعي ويتعارض مباشرة مع مبدأ الأرض مقابل السلام، ذلك المبدأ الذي تقوم عليه عملية السلام بكاملها، كما انه يضعف ثقة الفلسطينيين بعملية السلام ويقوّض صدقية اسرائيل كشريك في المفاوضات.
ان هذه القضايا ذات اهمية كبرى. وخلال اجتماعي مع الرئيس عرفات امس طمأنته الى ان بريطانيا مع شركائها الأوروبيين ستستمر في التشديد على الحكومة الاسرائيلية بأن الحاجة تدعو الى معالجة هذه القضايا على نحو وافٍ كامل.
هناك شعور متزايد في العالم العربي بأن حكومة العمال تميل الى اسرائيل متخلية بذلك عن المواقف السياسية البريطانية الطويلة الأمد تجاه الشرق الأوسط. ومن الأدلة على ذلك تأييدكم الشخصي القوي والقائم منذ وقت طويل لمجموعة اصدقاء اسرائيل في حزب العمال، مثل ما تبيّن في الخطاب الذي القيتموه في حفلة الغداء السنوية لهذه الجمعية، بينما لم تخاطبوا أي منبر عربي شبيه به. هل تعتقدون ان هذا الانطباع العربي صحيح وكيف تردون عليه؟
- انني على علم بأن هناك انطباعاً في العالم العربي بأن حكومة العمال هي نوعاً ما اكثر انحيازاً لاسرائيل، او اقل ميلاً الى العالم العربي من الحكومات البريطانية السابقة. أود ان ابدد هذا الانطباع. صحيح ان لدى حزب العمال روابط قديمة مع حزب العمل الاسرائيلي بناء على عضويتنا المشتركة في منظمة الاشتراكية الدولية، ولدينا ايضاً اصدقاء طيبون في العالم العربي ويسرني ان اقول انه منذ فوزنا في انتخابات العام الماضي، اجريت اتصالات مع عدد من هؤلاء الاصدقاء، وانني لا أرى أي توتر في هذه الصداقات بل اعتقد انه يمكن لهؤلاء الاصدقاء ان يلعبوا دوراً بنّاءً في البحث عن السلام والمصالحة في الشرق الاوسط.
ومن الاهمية ألا يخلط المرء بين الصداقات والمواقف المبنية على المبادئ. فنحن لسنا هنا لنقدّم التأييد الذي لا يتناسب مع قواعد النقد النزيه لأي من الطرفين. وبالنسبة الى عملية السلام لم يطرأ اي تغيير على التزام المملكة المتحدة موقفها من المبادئ الجوهرية التي يجب بناء السلام العادل والدائم في الشرق الاوسط عليها. ان سياستنا ليست منحازة لا الى اسرائيل ولا الى العرب. وانما هي منحازة الى السلام. نؤيد المفاوضات المبنية على اساس قرارات مجلس الامن المعنية بالامر وعلى اساس مبادئ مدريد واوسلو، ونعتقد ان هذ العملية تعطي افضل فرصة لتحقيق تبادل عادل بين الارض والسلام وتأمين المستقبل الآمن والمزدهر الذي طالما انتظرته شعوب المنطقة.
السيد ديريك فاتشيت، وزير الدولة للشؤون الخارجية يقول دائماً ان دور بريطانيا في عملية السلام هو دعم موقف الولايات المتحدة، وهو يشدد على العلاقة الخاصة القائمة بين الولايات المتحدة وبريطانيا. هل تعتقدون ان هناك مخاطر لموقف بريطانيا في العالم العربي من ارتباطه القوي مع موقف الولايات المتحدة الذي لا يلقى تأييداً شعبياً في المنطقة؟
- نؤيد جهود الولايات المتحدة الهادفة الى اعادة احياء عملية السلام لأننا نعتقد ان الولايات المتحدة هي في افضل وضع للتفاوض والوصول الى وضع من شأنه ان يوجد اساساً ثابتاً لعودة المفاوضات مجدداً. وجميع الزعماء العرب الذين ناقشت معهم عملية السلام يتفقون معي على هذا الرأي. وفي الوقت ذاته، للاتحاد الاوروبي دور مهم واضح يمكنه ان يؤديه جنباً الى جنب مع الولايات المتحدة، وأرى ان هذا الدور يمكن ان يكون نشطاً اكثر من السابق. ان تأييدنا للجهود الاميركية لا يعني اننا نتفق في وجهات النظر مع الولايات المتحدة في كل قضية، لهذا علينا ان نبقى على اتصال وثيق بالادارة الاميركية حتى نؤمن التنسيق الكامل بين الجهود الاميركية وجهود الاتحاد الأوروبي، وأن تكون المواقف البريطانية والأوروبية مفهومة تماماً في واشنطن.
هل تعتقدون انه اصبح الآن اكيداً تقريباً ان يجري اللجوء الى الخيار العسكري في العراق نظراً الى موقف صدام حسين المتشدد من فرق التفتيش التابعة للأمم المتحدة؟ وهل تعتقدون ان ضربة او ضربتين او ثلاث ضربات كافية لاقناع صدام بتغيير رأيه، خصوصاً انه يعتقد ان معظم دول العالم يعارض مثل هذا العمل العسكري؟
- في نهاية حرب الخليج، في عام 1991، كان العراق لا يزال يملك ترسانة ضخمة من اسلحة الدمار الشامل بما فيها الاسلحة الكيماوية والجرثومية. فريق "اونسكوم" اوكل اليه مجلسالأمن ايجاد هذه الاسلحة وتدميرها. ومنذ البداية والنظام العراقي لا يتوانى عن محاولاته عرقلة عمل "اونسكوم" وتعطيله.
علينا الا نقلل من تقدير الخطر الذي يستمر صدام في تشكيله على المنطقة، اذا بقي يملك القدرة على انتاج اسلحة الدمار الشامل. فهو استعمل هذه الاسلحة ولن يتردد في استعمالها ثانية لتعزيز مصالحه ضارباً عرض الحائط بمصالح الآخرين. لهذا نحن عاقدو العزم على الا يحصل ذلك في المستقبل.
اننا نشارك في محادثات مسهبة في مجلس الأمن لحل سلمي للأزمة المتعلقة بعمل "اونسكوم"، وأظهر مجلس الأمن دائماً انه متحد في الرأي ضد الاستفزازات العراقية، كما ظهر اخيراً في البيان الرئاسي الصادر في 14 كانون الثاني يناير. اننا نأمل بأن تنجح الجهود الديبلوماسية في حل الازمة، لكننا غير مستعدين لاستبعاد أي خيار في هذه المرحلة. ولهذا ارسلنا حاملة الطائرات "انفنسبل" الى الخليج. هذا تدبير احتياطي في هذه المرحلة، لكننا لا نستبعد استخدام القوة العسكرية اذا رفض صدام تغيير موقفه.
هل انتم قلقون من احتمال عدم امكان تشكيل تحالف عربي - غربي مرة ثانية لمواجهة صدام نظراً الى القلق في المنطقة من معاناة الشعب العراقي، وهل انتم مستعدون لمواجهته مع الولايات المتحدة وحدكما؟
- كانت استجابات مجلس الأمن تكتيكات صدام تتم باجماع الاصوات، ويبقى المجتمع الدولي مصراً على ان على صدام ان ينصاع الى كل قرارات الأمم المتحدة الخاصة بهذا الامر. والى ان ينصاع الى هذه القرارات فانه يبقى خطراً حقيقياً على الأمن الاقليمي والعالمي، وهو خطر يدركه ادراكاً تاماً كل حكومات المنطقة. اذا انصاع صدام للقرارات عندئذ يمكن مجلس الأمن ان ينظر في مسألة رفع العقوبات الاقتصادية عن العراق. وهكذا فان الخيار له في هذا الموضوع.
عكس صدام حسين، اننا قلقون من معاناة الشعب العراقي، ولهذا السبب طرحنا قرارات مجلس الأمن الاصلية التي تسمح للعراق ببيع النفط مقابل الغذاء. لكن صدام رفض قبول اي رأي من هذه الآراء حتى عام 1996. يبدو انه قرر عن قصد وبسخرية ان يدع الشعب العراقي يعاني العوز وشظف العيش لزيادة الضغط على المجتمع الدولي كي يرفع العقوبات الاقتصادية عنه، ويبقى هو محتفظاً بأسلحة الدمار الشامل.
وقرار مجلس الأمن الرقم 1143 الذي مدد العمل ببرنامج "النفط مقابل الغذاء" هو قرار قدمته المملكة المتحدة أصلاً وتم تبنيه بالاجماع. ويفيد القرار أنه إذا أوصى الأمين العام للأمم المتحدة بتحسين كفاءة المشروع وزيادة كمية النفط التي يمكن العراق بيعها، فإن أعضاء مجلس الأمن سينظرون إلى تلك التوصية نظرة ايجابية. انني متأكد من أنه يمكن تحسين المشروع وأتطلع بشوق إلى قراءة تقرير الأمين العام. لكنني أرى بصراحة ان معظم التأخير نتيجة ما يقوم به العراقيون من عرقلة متعمدة.
ما رأيكم بانسحاب إسرائيلي من جنوب لبنان وامكانات انعاش المسار السوري - اللبناني في عملية السلام؟
- لا نزال على اعتقادنا أنه لا يمكن وضع حد لفقدان الأرواح المأسوي في جنوب لبنان إلا بتنفيذ قرار مجلس الأمن الرقم 425 وبالانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من جنوب لبنان. ومن المؤسف أنه لم تتحقق مواصلة التقدم الذي احرز على المسار السوري في محادثات مزرعة واي، وأرجو انه ببعض المرونة من الجانبين سيكون من الممكن البناء على ذلك التقدم للوصول إلى الهدف الرئيسي وهو تحقيق تسوية سلمية شاملة.
نظراً إلى الدور القيادي الذي لعبته بريطانيا كرئيسة للاتحاد الأوروبي في اطلاق المبادرة الاوروبية بخصوص الجزائر، ما الدور الذي تأملون بأن يلعبه الاتحاد وبريطانيا في المستقبل لمساعدة الجزائر من اجل التغلب على النزاع الدموي فيها؟
- اولاً، دعوني أعبّر عن تعاطفي وتعاطف الشعب البريطاني والاوروبي مع معاناة جيراننا في الجزائر، ودعوني اكرر ادانتنا المطلقة للارهاب، فمن تجاربنا لدينا فكرة واضحة عن البؤس والتعاسة والمعاناة التي يسببها الارهاب.
لا يتوهم احد منا ان الاتحاد الاوروبي يمكنه ان يلوّح بعصا سحرية ويحل النزاع في الجزائر. لكننا جيران قريبون من بعضنا بعضاً والمجازر هناك مروعة. نحن توّاقون لعمل كل ما في امكاننا لمساعدة الشعب الجزائري، وعرضنا على الجزائر تقديم المساعدات الانسانية. ونالت دول الاتحاد الاوروبي خبرة مفيدة في مساعدة ضحايا الارهاب. ان حكومة الجزائر لا تريد قبول هذا العرض في الوقت الحاضر، لكن العرض يبقى قائماً رغم ذلك. ونحن نشجع الحكومة الجزائرية على التعاون مع المنظمات الدولية ووسائل الاعلام والسماح لها بدخول البلاد من دون عائق او عرقلة. نرجو ان تستقبل الجزائر المبعوثين الخاصين لحقوق الانسان الآتين من قبل الأمم المتحدة.
والحوار بين الحكومات مفيد ايضاً، واقامة علاقة من الثقة المتبادلة والتبادل الصريح لوجهات النظر والافكار امر ضروري كي تتاح لنا الفرصة للتعاون ومساعدة الجزائر. واتفقت بعثة الترويكا الاخيرة مع الحكومة الجزائرية على مواصلة الحوار بين الاتحاد الاوروبي والجزائر، ودعونا وزير الخارجية السيد عطاف لزيارة لندن اثناء رئاستنا الاتحاد ومستعدون للبحث في التعاون ومواصلة الحوار الذي سيكون من أولويات الاتحاد الاوروبي في الاسابيع المقبلة.
اقترح وزير الخارجية، روبن كوك، على وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت وضع استراتيجية اميركية - اوروبية للتعامل مع ايران. هل ترون ان الوقت حان الآن لتطبيع العلاقات بين الاتحاد الاوروبي وايران وهل ترون تحولاً حقيقياً في سياسة ايران برئاسة السيد خاتمي؟ في الماضي كانت بريطانيا تحذّر من الخطر الايراني على الدول الاخرى في المنطقة لا سيما نظراً الى برنامجها التسلحي، فهل تقلّص هذا الخطر؟
- العديد من التطورات السياسية الايجابية في ايران حدث في الاشهر الماضية، تطورات نراقبها مع شركائنا في الاتحاد الاوروبي باهتمام، وتشجعنا بمحاولات ايران الاخيرة تحسين علاقاتها مع جيرانها، ولتخفيف حدة خطاباتها المعادية للغرب، وادانتها الفظائع الارهابية في الجزائر ومصر، والخطوات الايجابية التي اتخذتها مثل قرارها الاخير المصادقة على معاهدة الاسلحة الكيماوية. أرى ان من الصواب، في ضوء هذه المستجدات ان يستمر الاتحاد الاوروبي في ابقاء علاقته السياسية مع ايران تحت النظر.
مع ذلك نبقى على حذر، فنحن قلقون مثل ما كنا في السابق من محاولات ايران المستمرة الحصول على اسلحة الدمار الشامل وعلى أنظمة الصواريخ البالستية وقلقون من ماضيها في تأييد الارهاب. نريد ان نطوّر ما لدينا من اجراءات لردع ايران عن متابعة هذه السياسات غير المقبولة. مثلاً، أثار العديد من القادة الأوروبيين الآخرين معي قلقنا من المساعدة الفنية التي تقدمها روسيا الى برنامج ايران الخاص بتطوير الصواريخ البالستية. وقال روبين كوك للسيدة مادلين اولبرايت انه يجب ان يعمل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة معاً لتعزيز التعاون في المجالات التي تقلق الجانبين. وهو أوضح ايضاً ان الاتحاد لا يؤمن بعزل ايران واننا نعارض، من حيث المبدأ، القوانين الاميركية مثل قانون المقاطعة الاقتصادية ضد ايران وليبيا، ليس فقط لأثرها خارج الولايات المتحدة على النشاطات التجارية الشرعية لشركات الدول الاعضاء في الاتحاد، بل لأنها تقف عائقاً كبيراً امام تعاون اكبر بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في هذا المجال.
لدى بريطانيا علاقات مهمة قديمة وحديثة مع عدد من الاقطار الاسلامية وهي تستضيف اعداداً كبيرة من المسلمين وبعضهم من العالم العربي. الآن ونحن في نهاية شهر رمضان المبارك هل لكم ان تعطونا، لا سيما في ظل الكلام المثير للمخاوف في بعض الاوساط عن "الخطر الاسلامي"، رأيكم في العلاقات بين العالم الاسلامي والغرب وهل يمكن ان تتخذ هذه العلاقات شكل الحوار بدلاً من المواجهة؟
- ان بعض الاكاديميين والصحافيين وحتى بعض السياسيين يتكلم بعبارات مضلّلة عن "الخطر الاسلامي" او "صراع الحضارات"، لكن الناس امثالنا الذين يعرفون الاسلام على حقيقته وهم على إلمام بالعالم الاسلامي يستنكرون هذا الهراء. انا شخصياً استنكره وتستنكره الحكومة البريطانية، فلبريطانيا منذ سنوات عديدة علاقات وثيقة وحميمة مع عدد كبير من الدول الاسلامية في مختلف انحاء العالم، وأتطلع الى مواصلة هذه العلاقات وتعميقها بروح المشاركة والتعاون. وفي بريطانيا جالية مسلمة كبيرة تؤدي دوراً كاملاً وبنّاء في المجتمع البريطاني. ويسرّني بصورة خاصة ان أقول ان حكومتي وافقت اخيراً على توفير التمويل من الدولة لأول مدرستين اسلاميتين في بريطانيا.
بعض الحكومات العربية اتهم بريطانيا بأنها تؤوي زعماء ارهابيين، وانهم موجودون في بريطانيا تحت ستار اللجوء السياسي. هل تعتبرون ان هذه الاتهامات غير منصفة؟ والى اي مدى يمكن المنشقين السياسيين الاجانب في بريطانيا ان يتصرفوا في تخطيط نشاطاتهم ضد حكوماتهم؟
- اعلم ان هذا السؤال مهم جداً بالنسبة الى العديد من اصدقائنا في الشرق الأوسط. هناك نقاط رئيسية اريد ان ابديها في هذا الموضوع.
أولاً، الارهاب جريمة شائنة، وبريطانيا عانت هذا الخطر في السنوات الاخيرة بالقدر الذي تعانيه أية دولة من دول العالم، وربما حتى اكثر من أي منها. نحن نقف بحزم وثبات ضد الارهاب وملتزمون اتخاذ الاجراءات اللازمة ضمن قوانيننا ضد الذين يسعون الى استخدام بريطانيا كقاعدة للأعمال الارهابية في اماكن اخرى. وأية معلومات تصلنا عن نشاطات ارهابية محتملة في المملكة المتحدة يجري التحري عنها بدقة تامة. فمن المنافي للعقل القول ان بريطانيا تؤوي ارهابيين. نحن ننوي ان نصدّر قوانين تعطي للمحاكم البريطانية الحق في ادانة اي مؤامرة يجري حبكها في بريطانيا للقيام بأعمال اجرامية في الخارج، وألحّ على الذين يتهموننا بهذا الأمر ان يعطونا بيّنات واضحة اكيدة يمكننا ان نقدّمها الى المحاكم ضد مقترفي الاعمال الارهابية.
ثانياً، بريطانيا ملتزمة تماماً واجباتها القانونية الوطنية والدولية في ما يتعلق باللجوء السياسي. وتنظر السلطات البريطانية الى طلبات اللجوء السياسي بصرامة شديدة بموجب ميثاق الامم المتحدة لعام 1951 المتعلق بوضع اللاجئين. وينص الميثاق على ان اولئك المسؤولين عن الجرائم الخطيرة غير السياسية خارج بلد اللجوء لا يمكنهم الاستفادة من حماية الميثاق. وأية بيّنات تظهر لنا عن مثل هذه الجرائم يجري النظر فيها بعناية وحذر. ونحن لا نتردد في الرجوع الى بنود الاستثناء من حماية الميثاق عندما تتوافر بيّنات كافية. ويجري النظر دائماً الى أية بيّنات جديدة تظهر لنا بعد منح اللجوء السياسي.
واخيراً، في بريطانيا تقليد قديم بخصوص حرية الكلام وهو تقليد اعتبره من أنفس ما لدينا من قيم. وشرط ألا يقوم الناشطون السياسيون بخرق قوانيننا فهم احرار في التعبير عن رأيهم من غير تردد او خوف. لكن هذا لا يعني ان الحكومة البريطانية توافق على ما يقولونه، فنحن بكل تأكيد لا نتفق بالرأي مع المتطرفين الذين يستخدمون لندن كقاعدة يطالبون فيها بإطاحة الحكومات الصديقة عن طريق العنف.
تمتعت بريطانيا تحت حكومات المحافظين بعلاقات وثيقة خاصة مع دول مجلس التعاون الخليجي، هل تتوقعون أن يستمر مثل هذه العلاقات وهل ترون ان هذه العلاقات هي حالياً متوترة نتيجة رفض تلك الدول الاشتراك في ضربات عسكرية في المستقبل ضد العراق؟ وكيف تتوقعون ان تؤثر "السياسة الخارجية الاخلاقية" التي أعلنتها بريطانيا في علاقاتها مع دول مجلس التعاون؟
- تتمتع بريطانيا بعلاقات وثيقة مع دول الخليج منذ سنوات طويلة، وخلال هذه الفترة، كان الخليج ولا يزال منطقة ذات أهمية متنامية بالنسبة إلينا، استراتيجياً واقتصادياً وتجارياً. ونحن نكنّ احتراماً عظيماً أيضاً للتقدم الرائع الذي حققه زعماء كل دول مجلس التعاون الخليجي في تأمين الازدهار والأمن الاقتصادي لشعوبهم. ان حكومة العمال الجديدة، مثل سابقاتها، ملتزمة المحافظة على هذه العلاقات الطيبة وعلى صلاتنا الواسعة مع دول مجلس التعاون، وتبقى دول المجلس من كبار المستثمرين في الاقتصاد البريطاني، وارحب بذلك بحرارة.
ونحن مؤيدون متحمسون لمجلس التعاون، ففي نيسان ابريل المقبل سنستضيف، بصفة رئاستنا الاتحاد الأوروبي، اجتماعاً في لندن بين وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي، وسيتيح لنا الاجتماع فرصة للبحث في القضايا السياسية الراهنة بما في ذلك الأمن الاقليمي.
تهدد أمن دول الخليج وتهددت سلامتها الاقتصادية مرتين نتيجة العدوان الذي تعرضت له في السنوات الأخيرة، ان ارتباطنا الوثيق والطويل الأمد مع الخليج يعني ان لبريطانيا اهتماماً دائماً في تنفيذ التزامها عملياً لتعزيز الأمن في الخليج واحتواء أية تهديدات يتعرض لها. ونتفق في وجهة النظر اتفاقاً تاماً مع دول الخليج بخصوص الأخطار التي تواجهها. ودول مجلس التعاون والمجتمع الدولي الواسع متفقة على الحاجة إلى مواصلة الضغط على صدام حسين للتقيّد تماماً بجميع متطلبات الأمم المتحدة. لا أحد منا يريد ان يلجأ إلى العمل العسكري ضد العراق. وسنستمر في المضي على المسار الديبلوماسي، ولكن من المؤسف ان ذلك لم يترك أي اثر يذكر حتى الآن على صدام حسين.
وبالنظر إلى المجموعة الواسعة من الاهتمامات التي نتقاسمها مع شركائنا في مجلس التعاون الخليجي، فقد تأتي بعض الأوقات التي نرغب فيها للبحث معها في قضايا حساسة منها حقوق الانسان، فإننا نسعى إلى ايجاد الطريق الفعال للقيام بذلك آخذين في الاعتبار احترام الفروق في تقاليدنا القانونية والدينية. ومثل ما قال روبن كوك العام الماضي، فإن بريطانيا تؤيد حق الناس في الاشتراك بالحكم عن طريق الاجراءات الديموقراطية. وأما كيف يقومون بذلك، فهذا أمر يرجع إليهم، واننا نحترم أن لهم تاريخهم وتقاليدهم. ونحن لا نتوقع ان تتبنى كل الدول أنظمة سياسية مثيلة لنظامنا. ففي الخليج، مثلاً، هناك مبدأ الشورى وهو يتيح أساساً محلياً سليماً ومناسباً للتطور السياسي، وعلى نظام الشورى العريق تتشكل المجالس المختلفة وهو النظام الذي يتطور الآن من خلال تشكيل مجالس الشورى في عدد من دول الخليج.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.