اطلعت على مقال الكاتب والمعلق العربي حازم صاغية المنشور يوم السبت 15 أيلول سبتمبر 1998 في العدد الرقم 12968 في صفحة "أفكار" تحت عنوان من أجل تحسين "صورتنا". أولاً: أحب أن أنوّه بأفكار السيد حازم صاغية النقدية الجريئة التي تتناول قضايا العرب. اتفق مع سعادته من حيث المبدأ الأساسي في ضرورة حرص العرب، حكومات وجماعات وأفراداً، على الابتعاد عن كل تصرف يشوه صورتهم أمام الناس، بل ينبغي السعي دائماً الى تحسين "صورة العربي" بكل وسيلة طيبة. ثانياً: اختلف مع الكاتب على نقاط عدة تناولها المقال اما صراحة أو تلميحاً. منها مثلاً التلميح بأن "صورة العربي" سيئة جداً لدرجة تثير الذعر، في نظري هذا غير صحيح تماماً، لأن في هذا الأمر تفصيلاً، فمثلاً يتمتع الطلاب العرب في جميع دول العالم، في أميركا وأوروبا على وجه الخصوص، بالسمعة الجيدة من حيث الذكاء والمثابرة والانضباط. وقس على ذلك الشرائح العربية التي عرفها الغرب مثل رجال المال والأعمال والتجار والسياح الذين يتصفون بالأمانة والصدق في التعامل مع الآخرين. وكذلك المهاجرون العرب في أميركا ودول أوروبا، فهم من أرقى الفئات التي استوطنت هناك من حيث المستوى الثقافي والتعليمي وخلوهم من الآفات الاجتماعية. ليس من الانصاف مقارنتهم بالفئات الأخرى خصوصاً الفئة التي تحضر كرنفال لندن كل عام، والتي تعاني من مشكلات لا مجال لذكرها هنا. ثالثاً: لقد شطح قلم السيد حازم كثيراً حين كتب: "نحن العرب، لم نعمل مرة على تطوير "صورة" لنا ذات جاذبية، وذات قدرة على دخول عقول الغربيين وقلوبهم وبيوتهم، وهذا مجتمعاً ما سهل مهمة بعض العنصريين أو المولعين بالتنميط ممن رسموا العربي المسلم مجرد ارهابي أو مجرد ثري متبطل". قبل أن أقول أي شيء عن هذه العبارة أذكّر الكاتب بأن للعرب قضية يختلفون مع الغرب عليها ألا وهي "قضية فلسطين" التي تفرز جميع السلبيات في العلاقات بين الطرفين. الحد من هذه الافرازات السلبية على "صورة العرب" يتم بخطاب الشعوب الغربية واقامة الحجة وكشف الممارسات الاسرائيلية الوحشية ضد المدنيين العزل من السلاح في فلسطين ولبنان. ثم أرجع الى العبارة أعلاه وأقول ان الكثير من العرب كان وما زال يقوم بجهود جبارة في سبيل اظهار الصورة الحقيقية للعرب أمام الشعوب والحكومات الغربية، وكان لها صدى رائع. خذ على سبيل المثال لا الحصر: - معرض "السعودية: بين الأمس واليوم" الذي جال في مدن أوروبا وأميركا ولاقى نجاحاً رائعاً. - مهرجان الجنادرية الثقافي الفني الذي يقام في الرياض سنوياً ويُدعى إليه كبار الشخصيات الغربية. - جائزة الملك فيصل العالمية التي تمنح سنوياً للفائزين بها في مجالات العلوم والطب والآداب وخدمة البشرية، والتي تضاهي جائزة نوبل. - بناء المساجد ودور العبادة التي تجلب الخير في كل مكان في الغرب مثل افتتاح الأمير عبدالعزيز بن فهد بن عبدالعزيز جامع خادم الحرمين الشريفين في لوس انجليس وجامع أدنبره. - مساهمة العرب في المهرجانات والمباريات الرياضية وتنظيمها على المستوى العالمي مثل جهود الأمير فيصل بن فهد بن عبدالعزيز، أو الفرق الرياضية التي تمثل بلدانها مثل فرق المملكة والكويت والمغرب ومصر وغيرها أو كأفراد محترفين مثل عويطة المغربي، وزين الدين زيدان الجزائري، وسعيد العويران والأسمري من السعودية، ونسيم حميد اليماني الأصل وغيرهم كثير. - مساهمة الفرق الفنية والمسرحية والفنانين والفنانات في اقامة العروض الفنية الراقية في مدن الغرب وكانوا دائماً يتركون انطباعات حسنة لكل من شاهد عروضهم. رابعاً وأخيراً، يكاد المراقب المنصف أمام ظاهرة "القولبة" السلبية "لصورة العربي" في الإعلام الغربي أن يجزم بأنها مشكلة غربية بحتة تماماً لا دور للعرب فيها، لولا الحوادث المؤسفة التي يقوم بها بعض المتطرفين والخارجين على القانون الذين هم أساساً من افرازات النظام العالمي الذي يتحكم به الغرب ممثلاً في الولاياتالمتحدة ولا يشجعه ولا يؤيده العرب. هذه الحوادث الاجرامية يلصقها بعض العنصريين زوراً وبهتاناً بالمجتمعات العربية على أنها سلوك عربي طبيعي وهي ليست كذلك، ومن ثم تدخل ضمن "القولبة" كصورة عن "العربي البشع". * كاتب وجامعي سعودي.