استبعدت مصادر نيابية وأخرى وزارية ما تردد اخيراً ان رئيس المجلس النيابي نبيه بري يرغب فور عودته من إيطاليا حيث يمضي اجازة عائلية، في اجراء مشاورات نيابية في شأن الاستحقاق الرئاسي. وقالت ان بعض وسائل الاعلام نسب الى اوساط مقربة من الرئاسة الثانية عزمها جوجلة الآراء داخل المجلس النيابي اسوة بالمشاورات التي كانت اجريت ربيع العام 1995 وجاءت لمصلحة التعديل المزدوج للمادة ال49 من الدستور وعززت التمديد لرئيس الجمهورية الياس الهراوي على خلاف التوقعات التي كانت تصب في خانة توسيع الخيارات الرئاسية. وفي معلومات "الحياة" ان اتصالات اجريت على مستوى عالٍ في اليومين الاخيرين وشملت في الدرجة الاولى الرئيس بري في مقر اقامته في إيطاليا وشارك في جانب منها احد كبار المسؤولين السوريين، ومسؤولون لبنانيون، بغية استيضاح رئيس المجلس صحة عزمه اجراء مشاورات موسعة لا تقتصر على النواب بل تطاول فاعليات سياسية وحزبية ونقابية. وتبين من الاتصالات ان فكرة اجراء مشاورات نيابية في الوقت الحاضر غير واردة، وان الرئيس بري على تريثه ريثما تتبلور الخيارات الرئاسية من خلال الاتصالات الجارية بين بيروتودمشق والتي يفترض ان تتوج بعقد قمة بين الرئيسين الياس الهراوي وحافظ الاسد، تعقبها محادثات لرئيسي المجلس النيابي والحكومة في العاصمة السورية. وفي حين اعتبر مصدر وزاري رفيع ان من حق رئيس المجلس اجراء مشاورات نيابية وسياسية موسعة تتناول المواقف من انتخابات رئاسة الجمهورية، قالت اوساط مقربة من الرئيس بري انه لم يفصح عن نيته فتح دورة من المشاورات، سواء من خلال اللقاء الاسبوعي مع النواب كل اربعاء، او في الخطاب الذي ألقاه في النبطية قبل ان يغادر الى إيطاليا لمناسبة الذكرى العشرين لاختفاء الامام السيد موسى الصدر. وأضافت الاوساط ان رئيس المجلس لم يكشف عن برنامجه في شأن التعاطي مع الاستحقاق الرئاسي، وان ما نقل عن لسانه لم يكن سوى "اخبار" سربت عن مصادر اعلامية، وتم التعاطي معها جدياً قبل ان يقول كلمته الحاسمة التي استبعد فيها احتمال تكرار المشاورات التي اجراها ربيع 1995، على الاقل في المدى المنظور. وكشفت ان الرئيس بري يعتزم العودة الى بيروت الاحد المقبل ورجحت ان يعرج على دمشق للتشاور مع المسؤولين السوريين في آخر التطورات السياسية، وبينها الاستحقاق الرئاسي. ورأت المصادر الوزارية والنيابية ان استبعاد اجراء الرئيس بري مشاورات او صرف النظر عنها، اذا كانت مثل هذه الفكرة مدار تداول ولو من باب استمزاج الآراء، من شأنه ان يقطع الطريق على حصول سجال او تجاذب سياسي بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، خصوصاً ان السجال سيولد هذه المرة حالاً من الارباك السياسي لن يوقفه الا الاسراع في حسم قضية الانتخابات الرئاسية. وتابعت "على رغم ان المشاورات من صلب صلاحيات رئيس المجلس، فإن عدم بلورة الموقف النهائي من الاستحقاق الرئاسي سيجر الى صدامات سياسية بين النواب من جهة والمرشحين الى رئاسة الجمهورية من جهة ثانية، فضلاً عن ان عدم وضوح الصورة الرئاسية سيؤدي الى احراج الجميع من دون استثناء، ولن تخدم الدعوة الى التريث الى حين بلورة الخيار الرئاسي بتفاهم سوري - لبناني". وعليه يبقى التريث سيد الموقف الى ان يرسو الخيار الرئاسي على احد المرشحين خصوصاً اذا كان من خارج الذين يصنفون على خانة الاقوياء، وهم قلة، ما يستدعي توفير الغطاء السياسي لتأمين دعمه. وهذا ما يفسر احجام معظم الناخبين المحليين كباراً وعاديين عن ابداء رأيهم علناً على رغم انهم يحبذون مجيء المرشح القوي القادر الذي يسهم مجيئه في تغيير العقلية والذهنية السائدة التي ما زالت تحول دون تثبيت مشروع بناء دولة المؤسسات والقانون. وفي هذا السياق، نقل عن احد المراجع في لبنان ان المناخات السياسية العامة التي تصب في مصلحة قائد الجيش العماد إميل لحود باعتباره احد ابرز المرشحين لبلوغ سدة الرئاسة الاولى وكان جرب عن كثب واختبر من خلال وجوده على رأس المؤسسة العسكرية فأثبت كفاءة وقدرة وبالاخص بالنسبة الى اعادة توحيد الجيش وتصويب دوره. وأكد ان لحود يعتبر احد ابرز قادة الجيش في لبنان منذ قيام المؤسسة العسكرية، وان التعاطي معه كواحد ضمن طليعة المؤهلين للرئاسة ينطلق من شعور عام ان وجوده في سدة الرئاسة الاولى سيدفع في اتجاه تصحيح الاوضاع وتجاوز الاخطاء والشوائب التي حالت دون النهوض بمشروع بناء الدولة. ولفت المرجع الى عدم التعامل مع لحود في حال انتخابه رئيساً للجمهورية كأنه يحمل عصا سحرية يمكن ان تقلب الامور رأساً على عقب بمقدار ما ان مجيئه يسهم في انبعاث الامل بطي صفحة التجاوزات لمصلحة قيام ادارة نظيفة، خصوصاً ان جميع الرؤساء اقروا بضرورة الافادة من الاخطاء وسارعوا الى اجراء مراجعة نقدية يفترض ان يؤخذ بها لدى المباشرة بتصحيح الاوضاع. وختم المرجع ان "استمرار الحديث عن ضرورة احداث صدمة سياسية مع مجيء رئيس قوي يمكن ان يحدث رد فعل سلبياً لدى الرأي العام اللبناني في حال رسا الخيار على رئيس عادي، على نحو ينشئ حالاً من الاحباط تتجاوز طائفة معينة الى الغالبية الساحقة من اللبنانيين، خصوصاً ان الوهج السياسي المترتب على اختيار الرئيس المقتدر سيتحول حالاً من اللامبالاة مع وصول رئيس عادي وغير استثنائي".