نشرت سكرتارية اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني في كانون الثاني يناير 1996 تقييماً في نحو من ثمانين صفحة لانقلاب 19 تموز يوليو. وكتب التقييم عام 1985 بعد مضي 14 عاماً. لكن التقييم الفعلي بدأ منذ اليوم الأول لهزيمة الانقلاب في 22 تموز، وبرز في أدب الحزب منذ اجتماع اللجنة المركزية في أيلول سبتمبر 1971، وتجلى في الممارسة العملية للحزب طوال ربع قرن، كان الحزب خلاله يمارس نشاطه ويعيد تقييم الأحداث التي مرت به. بل ان التقييم يمتد طوال ربع قرن من تاريخ الحزب الذي سبق 19 تموز. فالتقييم الذي صدر في كانون الثاني 1996، ليس عملاً أكاديمياً انكب عليه بعض الباحثين، بقدر ما هو تلخيص لتجربة نصف قرن من عمر حزب سياسي. وعلى رغم بعض الاختلافات مع ما جاء في التقرير من تحليل، فإن التقييم وثيقة تاريخية بالغة الأهمية لما اتصف به من تدقيق شديد وتقصٍ حاذق للأحداث. وهذا أول تقييم متكامل يصدر من جهة رسمية في حزب سياسي سوداني عن أحداث شارك فيها وكان لها أثرها عليه وعلى البلاد. فلم يصدر عن حزب الأمة تقييم لدوره في التخطيط لانقلاب 17 تشرين الثاني نوفمبر 1958 وما أحدثه من آثار مدمرة ليس أقلها أنه ابتدر ظاهرة الانقلابات في الحياة السياسية السودانية. ولم يصدر عن حزب الشعب الديموقراطي تقييم لوقوفه الأصم مع ذلك الانقلاب حتى تهاوى منهاراً. ولم يصدر من الأحزاب تقييم لدورها في حل الحزب الشيوعي ومذبحة القضاء، وكانت تلك الأحداث طعنة في التجربة الديموقراطية. ولم يصدر من الصادق المهدي تقييم لمصالحته مع جعفر نميري عام 1977 وأثارها السلبية على حركة المعارضة السياسية. وينتظر الجبهة الاسلامية واجب ثقيل لتقييم وزرها في انقلاب 1989 اذا كتب لها البقاء بعد زواله. ويبدأ تقييم 19 تموز من تنظيم الضباط الأحرار. وهو جبهة عريضة تضم ضباطاً قوميين وبعثيين وشيوعيين وديموقراطيين. ويجمع بينهم أمران: المؤسسة العسكرية التي ينتمون اليها وهي الرباط الأقوى، وأفكار اليسار العريض. تنظيم الضباط الأحرار ليس منتدياً فكرياً أو جمعية أدبية، لكنه تنظيم عسكري سياسي يطمح الى السلطة، مثله مثل التنظيمات السياسية الأخرى في الجيش. والعلاقة بين التنظيمات العسكرية والأحزاب التي ينتمون اليها علاقة لا تخلو من تعقيد. أهمها أنهم يتمتعون بدرجة من الاستقلال النسبي، مما يدفعهم في بعض الأحيان للجنوح بعيداً عن الأحزاب التي ينتمون اليها. ولعل أسطع مثال انقلاب ابراهيم عبود عام 1958 الذي خططه حزب الأمة. ثم تحول حزب الأمة الى معارض شرس للحكومة العسكرية التي جاء بها. وعندما يدخل الجيش معترك السياسة ينفتح الباب للعنف ويحسم الصراع في تطور الحركة السياسية بالعنف، إذ يختلط الانضباط العسكري الذي يحكم المؤسسة العسكرية مع الصراع السياسي الذي لا تحكمه قوانين الضبط والربط نفسها ويصبح العنف هو الذي يحكم مسار الصراع السياسي. فدخول المؤسسة العسكرية شر وبلاء. فانقلاب 25 أيار مايو أدخل الحركة السياسية في ذلك النفق. فدخلت مختلف التيارات السياسية في المؤسسة العسكرية الى حلبة الصراع الاجتماعي وفرضت قوانينها على مجراه. والانقلابات العسكرية بما فيها انقلاب 25 أيار هي نتيجة أزمة سياسية، ويأتي العسكريون لحل الأزمة التي تسبب فيها الحكم المدني. لكن الحل الانقلابي اما يحل الأزمة جزئياً أو يفشل في حلها أو يزيد من تعقيدها وهذا هو الأرجح. ويعتقد الانقلابيون بعقليتهم العسكرية أنهم فوق الأحزاب المدنية. وهكذا يولد الانقلاب العسكري دوامة من الحلول الفاشلة القائمة على العنف. ولا يمكن الحديث عن 19 تموز من دون التعرض الى تنظيم الضباط الشيوعيين. فهم جزء من تنظيم "الضباط الأحرار" وجزء من المؤسسة العسكرية التي شبوا في كنفها وتأثروا بالأفكار السائدة فيها. وينتمون من الجانب الآخر الى حزب سياسي تحكمه ضوابط، ولا بد أن يخضعوا لتلك الضوابط. لكنهم كتنظيم عسكري كان لهم استقلالهم النسبي في داخل الحزب. فليسوا مثل فروع الحزب الأخرى التي تصارع بشكل مفتوح في المواقع التي ينتمون اليها، ولا يخضعون لهيئات الحزب مثل التنظيمات الأخرى. فهو تنظيم تحيط به سرية عالية الانضباط ان لم تكن مطلقة، ولا تعلم عنه هيئات الحزب القائدة إلا من خلال تقارير الجهات المسؤولة عنه مباشرة. وهذا أمر طبيعي في تنظيم عسكري. فكان تنظيم الضباط الشيوعيين تنظيماً حزبياً ومنفصلاً عن رقابة الحزب العامة ولعله في بعض الأحيان كان فوقها. ولا يمكن الحديث عن 19 تموز بمعزل عن تاريخ الحركة السياسية السودانية، وهي تواجه تدخل الجيش في السياسة مرات عدة، اذ شهدت البلاد انقلابات وانقلابات مضادة في الأعوام: 1958 و1959 و1959 و1959 و1964 و1967 و1969 و1971. ولا يمكن الحديث عن 19 تموز بمعزل عن الصراع في الحزب الشيوعي منذ عام 1965، وكان الوصول الى السلطة هو محور الصراع. فأصبحت السلطة هاجساً بعد أن لامسها الحزب بل شارك فيها. وكان التيار الذي يقوده عبدالخالق محجوب يسعى ليؤكد أن الحزب لا يريد السلطة بأي شكل، وانما يريد أولاً استنهاض الحركة الجماهيرية وتأهيلها ثم يأتي الاستيلاء على السلطة في قمة ذلك النهوض. وكون الحزب تنظيماً في الجيش، لا من أجل أن ينقض على السلطة في أي ظرف، لكن ليسند الحركة الجماهيرية في نهوضها نحو السلطة. فالصراع من أجل السلطة لا بد أن يصاحبه عنف. لكن بعض كادر الحزب الشيوعي أصيب بلوثة السلطة بعد أن لامسها بدرجة أو أخرى، وهم كادر له تاريخ طويل في الحزب وشارك في تأسيسه وكانوا من واجهاته المشرقة في لحظات من تاريخه، وشاركوا في وضع برامجه وصوغ أفكاره عبر سنوات طوال، فكيف بالضباط الشيوعيين الذين تحف بهم الضغوط من عدة جوانب لا يتعرض لمثلها كادر الحزب من غير العسكريين؟ ولا يمكننا الحديث عن 19 تموز بمعزل عن موقف الحزب من الانقلابات ومن السلطة. موقف الحزب من الانقلابات واضح في وثائقه المختلفة. لكن قبول الحزب الاشتراك في حكومة انقلاب 25 أيار، ولو بتحفظ، كان يحمل في باطنه قبولاً بالانقلاب، وهذا ما أشار اليه تقرير السكرتارية المركزية. وكان الحزب يسعى الى السلطة مثله مثل أي حزب سياسي آخر. وقد اقتربت منه السلطة بعد ثورة تشرين الأول اكتوبر. وعلى رغم أنه طور منهجه للوصول الى السلطة في وثائقه قبل المؤتمر الرابع وفي المؤتمر وبعده، إلا أن السلطة أصبحت محوراً أساسياً، ان لم يكن لكل الحزب، فكانت بالنسبة لبعض كادره الأساسي. وكانت ملامسة السلطة قبل أن يتأهل لها الحزب تاريخياً طموحاً غير مؤسس. وإذا حاول الحزب الخروج من تلك الدائرة الشريرة، فإن خروجه لم يكن كاملاً. وفي هذا المناخ المفعم برياح السلطة نما وتطور تنظيم الضباط الشيوعيين بين 1964 إلى 1971. وإذا كانت قيادة الحزب لم تتخذ قرار الانقلاب يوم 19 تموز، فانها لم تلغ الظروف التي أحاطت بالضباط الذين قاموا بتنفيذه. ما الذي حدث منذ وقوع الانقلاب حتى هزيمته؟ تم تنفيذ الانقلاب في الساعة الثالثة من ظهر 19 تموز، ولم يستغرق اسقاط النظام إلا سويعات. "ان الخطة العسكرية للانقلاب، بكل ما فيها من ذكاء وقدرات تنظيمية وتنفيذية عالية، وجسارة فائقة، ومبادرة وابتكار، اعتمدت على الانتصار السريع، لكن ذلك كله كان مصدر ضعفها القاتل". تقرير السكرتارية المركزية، 1996. وبدأ قادة الانقلاب يبحثون عن قيادة الحزب الشيوعي المختفين ليصوغوا لهم بيان الانقلاب الأول. وأذاع هاشم العطا البيان في الساعة التاسعة مساء بعد ست ساعات من وقوع الانقلاب، كان خلالها الناس يترقبون في قلق. وفي المساء أصدرت اللجنة المركزية خطاباً الى كافة تنظيمات الحزب وأعضائه والقوى التقدمية الملتفة حوله أكدت فيه ضرورة تأمين الثورة. وطلبت منهم جميعاً أن يبدأوا فوراً في حراسة مراكز العمل والأحياء، وتنظيم عمل جماهيري واسع للسيطرة على العاصمة وتأمينها. وطالبت بقيام فرق مسلحة بالاعتماد على الشباب والطلبة وارسال مدربين الى الأقاليم. كما نادت بمحاربة أي تعجل يساري أو شعارات يسارية انعزالية. وأكدت على ضرورة المحافظة على أجهزة الحزب السرية وكادره السري. وفي اليوم التالي أصدرت اللجنة المركزية بياناً جماهيرياً بعنوان "ذهب الزبد جفاء". وسرد البيان مساوئ النظام السياسي "للطغمة اللئيمة التي فرضت ديكتاتوريتها على البلاد وعجزت عن تلبية أبسط حاجات البلاد في العيش والكرامة". وفي الميدان الاقتصادي محور الصراع الطبقي الحقيقي "انتكس حكم اللواء السابق نميري فسار في طريق السياسة المالية القديمة"، وكبل الشعب بالضرائب التي لم يذهب عائدها الى مشاريع التنمية وانما الى "السفه والحفلات التفاخرية"، كما انهزم أمام النفوذ الأجنبي، وتراجع أمام تصفيات علاقات الانتاج المختلفة. ويستمر البيان: أما في مجال الديموقراطية فقد كان النظام السابق "تاريخاً أسود كله عار. لقد أقام الحكم البائد دولة المخابرات والتجسس في البلاد... وستكشف الأيام الوسائل المخربة التي كان يستعملها جهاز الأمن القومي والرقابة في تعذيب المواطنين... ولقد كانوا يودون لو امتدت أيامهم أن يزيفوا إرادة الشعب فينصبوا لواءهم المنهزم رئيساً للجمهورية بلا رقيب ولا قيد من ضمير". ويرى البيان أن التغير الذي حدث يفتح الباب واسعاً لتحقيق الثورة الوطنية الديموقراطية. وفي صباح 22 تموز بدأت المواكب تتجمع في العاصمة متجهة الى ساحة الشهداء أمام القصر الجمهوري. وخاطب الرائد هاشم العطا الموكب. وكان موكباً ضخماً، لكن نبراته كانت يسارية الى حد بعيد، وتخللته هتافات متناقضة. فكان البعض يهتف "كل السلطة في يد الجبهة"، والبعض الآخر يهتف "سايرين سايرين في طريق لينين"، مما أربك كثيراً من الناس، فكيف تطالب بالجبهة الوطنية الديموقراطية والسير في طريق لينين في آن واحد؟ كما طغت اللافتات الحمراء. وقامت ليبيا بإرغام طائرة الخطوط البريطانية التي كانت تقل رئيس وزراء النظام الجديد المقدم بابكر النور وعضو مجلس الثورة الرائد فاروق حمد الله من لندن الى الخرطوم، على الهبوط في طرابلس واعتقلتهما وهما من اهم اعضاء مجلس الثورة الجديد. وتم الاعلان عن الحادث في الموكب الجماهيري من دون مبرر. وكان ذلك نذير شرّ بتدخّل اجنبي، كما هزّ من هيبة النظام. وتضافرت عوامل داخلية وخارجية ادت الى هزيمة 19 تموز بعد ثلاثة ايام. فيقول تقرير السكرتارية المركزية: "اذا كان تقدير العسكريين سليماً بشكل عام من عزلة مجلس مايو داخل الجيش… فالخطأ في التقدير انه اهمل وزن ونشاط القوى اليمينية المعادية للشيوعية والقوى الديموقراطية داخل الجيش… صحيح انهم اتخذوا خطوات اولية لاضعاف تلك القوى وتحييد بعضها… لكن الانتصار السريع دفعهم للتراجع عن تلك الخطوات والاستجابة لحسن النوايا البعيدة عن التقدير العسكري الصارم… ومن الاخطاء الجسيمة في الخطة العسكرية، ان تنظيم الضباط لم يشرك معه الجنود الشيوعيين والديموقراطيين في التحضير والتنفيذ وما بعد التنفيذ، وهو تنظيم له وزنه وتقاليده". والانقلاب ضد 19 تموز بادرت به وقادته مجموعات من الصف. وأدى الانتصار السريع الى سرعة اضعاف اليقظة وسرعة الحسم. ووصلت بلاغات عديدة لقادة الانقلاب عن تحركات لتنظيم انقلاب مضاد. بل كان الحديث عن الانقلاب المضاد تناقلته المجالس في ليالي الخرطوم مساء 21 تموز وكلمة السرّ للانقلاب المضاد وهي "العرس" كانت تتناقلها الأفواه. وتناولت اللجنة المركزية في دورتها في ايلول سبتمبر 1971 العوامل الخارجية التي ادت الى هزيمة الانقلاب. فقالت لم يكن في داخل البلاد خلال تلك الايام الثلاثة اي قوة لها القدرة على التحرك بمفردها في ذلك الوقت لولا التآمر الخارجي من جانب دول "الاتحاد الثلاثي" خصوصاً مصر وليبيا، وتعاون المخابرات البريطانية معهما، والدور الذي لعبته لندن في تعبئة القوى القريبة والبعيدة. وتمثل ذلك الدور في تدخّل الكلية العسكرية المصرية في جبل اولياء، وقاعدة الطيران المصري في وادي سيدنا، ودور الملحق العسكري المصري في اختطاف الطائرة . وقام الرئيس انور السادات بدور نشط، فأرسل وزير حربيته مع وزير دفاع نميري خالد حسن عباس الى ليبيا لوضع الخطة العسكرية للتدخل بتعبئة مظليين وتحضير قوات لنقل القوات السودانية من قناة السويس، بعد ان سمح لخالد حسن عباس الاتصال بهم وتحريضهم، والسماح له باذاعة بيان للجنود السودانيين. فلم يضع العسكريون اعتباراً للمتغيرات الدولية المحيطة بالمنطقة العربية. وعندما بدأ الانقلاب المضاد لم تستمر المقاومة سوى ساعات عاد بعدها نميري ومجموعته الى السلطة. وبدأت فوراً سلسلة من الاجراءات الهمجية التي لم تشهدها الحركة السياسية السودانية في تاريخها الطويل. فنصبت في معسكر الشجرة العسكري محاكمات ميدانية، وهي محاكم عسكرية تقام اثناء الحرب لمحاكمة الجنود الذين يخلّون بالانضباط العسكري ولا تخضع لاجراءات المحاكم وتنفذ احكامها فوراً، ولم تطبّق في السودان منذ القرن الماضي ابان الغزو البريطاني - المصري للسودان. وأعدم قادة الانقلاب العسكريون من بينهم بابكر النور وفاروق حمد الله بعد ان سلّمهما حكّام ليبيا لنميري. واعدم ثلاثة من قادة الحزب الشيوعي: عبدالخالق والشفيع احمد الشيخ وجوزيف وهم اول سياسيين مدنيين يعدمون في تاريخ السودان الحديث. وزجّ بمئات المعتقلين من مختلف الاتجاهات في سجون البلاد. واصدر الحزب الشيوعي كتاباً عن "مجازر الشجرة"، واصبح نميري يلقب بالسفّاح، فكانت المظاهرات المعارضة تهتف "لن ترتاح يا سفّاح". وقيمت اللجنة المركزية في دورتها في ايلول عام 1971 انقلاب 19 تموز فقالت: 1 كانت 19 تموز في مجرى الثورة السودانية تغييراً ثورياً للسلطة قامت به قوى الجبهة الوطنية الديموقراطية، وبالتحديد قوى الديموقراطيين الثوريين داخل القوات المسلحة. وقد نقلت 19 تموز السلطة لتضعها في يد التحالف الوطني الديموقراطي ككل، وليس في يد فئة واحدة تنفرد به. وحددت للمرة الاولى بصورة قاطعة ان تنظيم الضباط الاحرار الذي أنجز العملية العسكرية هو واحد من تنظيمات الجبهة الوطنية الديموقراطية وأداة من ادواتها، وكان ذلك بمثابة خروج على الاطار التقليدي للانقلابات العسكرية التي يتحدث قادتها عادة باسم القوات المسلحة ككل، ويضعونها موضع الطليعة بالنسبة للحركة الشعبية الثورية، ويخلطون بين وظيفة القوات المسلحة كجهاز من اجهزة القمع واداة من ادوات السلطة، وبين الطلائع الثورية التقدمية في داخلها، وصاغت كل ذلك في الاوامر الجمهورية التي اصدرتها. 2 حددت بصورة قاطعة وفي مستوى مبادئ الديموقراطية الجديدة، فباشرت التشاور مع المنظمات الديموقراطية والقوى التقدمية في تكوين الحكومة واجهزة السلطة. وكفلت للقوى الوطنية الديموقراطية حق تكوين منظماتها واحزابها السياسية. وألغت القوانين والقرارات المقيدة لحرية تلك القوى، وصفت اجهزة الارهاب والتجسس. 3 اعلنت راية حكم القانون واستقلال القضاء. وحددت معالم الممارسة الديموقراطية والنظام النيابي واجهزة السلطة التنفيذية، وحق الجماهير في انتخاب وسحب ممثليها. كما حددت الديموقراطية كعلاقات انتاج في الريف لتحرير الغالبية الساحقة من السكان، واشراك العاملين في ادارة شؤون الانتاج. وبذلك وفّرت امكان انهاء التناقض بين الديموقراطية السياسية والاقتصادية. وجعلت الديموقراطية شرطاً ومنهجاً لتوحيد شطري القطر وحلّت مشكلة الجنوب. 4 رفعت رايات الاستقلال والسيادة الوطنية ومكانة السودان في الجبهة المعادية للاستعمار. 5 اكدت حقيقة جوهرية ومهمة وهي ان هناك بديلاً - كامكانات وكواقع وقدرات ثورية حيّة - لديكتاتورية البرجوازية الصغيرة او شريحة او فئة منها. * كاتب سوداني.