بلغ الجدل بين رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة رفيق الحريري في لبنان مرحلة حرجة، تشبه التحدي بين السلطتين الاشتراعية والتنفيذية: هل تُفتح دورة استثنائية للمجلس النيابي لاقرار سلسلة الرتب والرواتب لموظفي القطاع العام التي يصرّ عليها بري، بمرسوم يصدر عن رئيس الجمهورية الياس الهراوي بالاتفاق مع رئىس الحكومة، أم بعريضة نيابية توقّع عليها غالبية المجلس وتلزم الهراوي اصدار مرسوم فتحها؟ راجع ص2 المرحلة الحرجة للخلاف الذي بدأ على مواصفات العهد الرئاسي المقبل، وبات وقوده الاساسي اقرار السلسلة، جعل جهود رئيس الجمهورية لمعالجته صعبة خلال المشاورات التي اجراها في شأن فتح الدورة الذي يصرّ عليه بري وفي شأن ايجاد ايرادات جديدة للخزينة من اجل تمويل كلفة رفع رواتب الموظفين والمتقاعدين حتى لا تتأثر الخزينة سلباً من جراء هذه الكلفة، كما يطالب الحريري. وأعربت مصادر رئاسية عن اعتقادها بأن المخرج للخلاف ليس سهلاً، لكنها اشارت الى ان من حق الهراوي والحريري تحديد جدول أعمال الدورة بحسب الدستور. وانعقد مجلس الوزراء اللبناني بعد ظهر امس وسبقه لقاء بين الهراوي والحريري انضم اليه وزراء. ونفى وزير الداخلية ميشال المر ان يكون تم اتفاق بين الرئيسين على فتح دورة استثنائية. كما استبعد وزير الدفاع محسن دلول فتح الدورة. وقال وزير الشؤون الاجتماعية ايوب حميد كتلة بري، وهو يهم بدخول مجلس الوزراء: "إما أن تفتح الدورة الاستثنائية من قبل رئيس الجمهورية أو الحكومة وإما بعريضة توقعها الأكثرية النيابية". ويعتبر بري ان لا حاجة الى مصادر تمويل جديدة للسلسلة، بعد انتهاء اللجان النيابية من درس المشروع، لأن ايرادات زيادة بعض الرسوم كافية، رافضاً ربط التفاهم عليها بمبدأ فتح الدورة، فيما لم يبد الحريري حماسة للموافقة على فتحها قبل ضمان التسليم بمبدأ البحث عن تمويل لها، يقول ان لديه افكاراً في شأنها. وأعربت مصادر وزارية ل "الحياة" عن خشيتها ان يؤدي فتح الدورة الاستثنائية بعريضة نيابية الى تصاعد التحدي بين المجلس النيابي والحكومة وصولاً الى مأزق يصعب معه عودة اي من الفريقين عن موقفه، في ما يشبه التجاذب على "القرار لمن"، على عتبة انتخابات رئاسية مطلع الخريف المقبل. وتخوفت المصادر نفسها، في سيناريو يتم تداوله على الخلاف، من ان يؤدي فتح الدورة من دون توافق بين اركان الحكم على تمويل السلسلة، الى رفض الحكومة حضور جلسات المجلس النيابي، مما يطرح عندها خيار طرح النواب المعارضين وبري الثقة بالحكومة، الأمر الذي يتسبب بمأزق سياسي يوجب تدخل دمشق لتفادي حصوله مع التحضيرات لانتخاب رئيس جديد للجمهورية. وعلمت "الحياة" أن لقاء الهراوي والحريري الذي عقد قبل الجلسة انتهى إلى اتفاق على مواصلة البحث في شأن الدورة الاستثنائية والسلسلة "إذ أن لا تهرب من إقرارها، لكن الوضع يفرض تأمين تمويل للنفقات الاضافية التي تضمنتها". وقال مصدر وزاري إن الأجواء كانت ايجابية بينهما، ولا قرار نهائياً في شأن مصير الدورة الاستثنائية، لأن المشاورات ستتكثف بدءاً من اليوم، علماً ان الحريري سيغادر بيروت ليعود مساء الأحد المقبل. أما جلسة مجلس الوزراء فقد انتهت إلى إقرار بنود عادية على جدول أعمالها من دون التطرق إلى السلسلة وفتح الدورة النيابية، مكتفية بإقرار الزيادات على مستحقات الموظفين المتقاعدين كما جرى تعديلها. وأعلن وزير الاعلام بالوكالة شوقي فاخوري ان أهم المشاريع التي أقرت تلك المتعلقة بإنماء مناطق بعلبك - الهرمل وعكار. كما جدد مجلس الوزراء تكليف الجيش حفظ الأمن في البقاع ستة أشهر أخرى. وأكد فاخوري أن لا صلاحية لمجلس الوزراء للبحث في فتح الدورة الاستثنائية، لأنه من اختصاص رئيسي الجمهورية والحكومة، وانه لم يناقش موضوع السلسلة أو تمويلها. ووصفت نتائج الجلسة بأنها عادية وهادئة خلافاً للأجواء السائدة خارجها.