تمر اليوم ذكرى استشهاد الشيخ فهد الأحمد الصباح. من سيذكره اليوم غيري؟ ربما أهله وأصدقاؤه، ربما كاتب مثلي تقاطعت طريقه يوماً مع "ابي الفهود". كنت أفكر في الشهيد وذكراه عندما تلقيت رسالة بالفاكس من صديق أعرفه باستمرار منذ أيام الدراسة شارك فهد الأحمد العمل الفدائي في جنوبلبنان، وحول إسرائيل، وفي أوروبا وغيرها. الرسالة صرخة فدائي علق بندقيته، من دون أن يعلق وطنيته. وهي تستحق النشر كلها، إلا أنني اعترف للقارئ بأنني سأحذف منها اسماء زعماء ودول لحماية الجريدة، من دون أن انتقص من معناها. قالت الرسالة: "أخي الشهيد، شيخ الشهداء، أبو الفهود ربما نستك أمتك، ولكن لن أنساك ما حييت. ابكيك ليل نهار أنت وجميع الاخوان الذين استشهدوا قبلك في سبيل أطهر وأقدس قضية، فلسطين الأرض، فلسطين الشعب، فلسطينالقدس المقدسة. حصلنا من نضالنا كله على لقب السيد رئيس دولة فلسطين، أما أنت فأكرمك الله بشهادتك حتى لا ترى ما أصبحت عليه أمتنا اليوم، وجلاد الكويت والشعب العراقي باقٍ في نعيم قصوره، فيما الألوف من أبناء الشعب العراقي يموتون مرضاً وجوعاً. الجزائر بلد المليون شهيد مأساة مستمرة، فكل يوم يقتل من أبناء الشعب المسلم بأيدي جماعات تدعي الإسلام، وهو براء من خريجي مدرسة المخابرات الأميركية في أفغانستان... فلم يبق لنا سوى أن نحتفل بالقنبلة الذرية الباكستانية. هذا الشعب لا يزال كما عهدته يريد أن يحارب بسلاح غيره ورجال غيره، وأن يأكل الوجبات السريعة التي غزت أسواقنا في النظام العالمي الجديد. وما زالت أم الديموقراطية العالمية تفصل ثوب الديموقراطية على مقاسها ومقاس الصهيونية العالمية، حتى مؤتمر أوسلو ضاع على فراش بيل كلينتون و"المتدربة" مونيكا لوينسكي. ويصرخ الشعب العربي ألماً ويأساً... هل صحيح ضاعت أوسلو على فراش غانية؟ هل صحيح ضاعت فلسطين على يد صدام حسين وأمثاله؟ وماذا بقي من النضال يا أبا عمار. الأسبوع الماضي توفي الممثل فريد شوقي، شرير الشاشة، فنعته الأمة من المحيط إلى الخليج، وخرجت الألوف في عصر الانحطاط لتشييع "شهيد" الفن. من يذكر أبا الفهود في ذكراه اليوم؟ من يذكر أشرف شهداء هذا الزمن الرديء؟ من يذكر فهد الجزيرة، فهد الأقصى، فهد فلسطين؟ لن أبكيك بعد الآن، بل سأخرج باحثاً عن هوية، باحثاً عن شعب عربي جديد، باحثاً عن علمائنا الذين تشتتوا في بقاع الأرض هرباً من الاضطهاد على أيدي قادة الأمة، لماذا لا نبدأ من الصفر، فنضع القنبلة الذرية الفلسطينية، ثم نصرخ بصوت مسموع مطالبين بحقنا، أو يشمل الموت والدمار الجميع لا الشعب الفلسطيني وحده. في ذكرى استشهاد أبي الفهود أصرخ صرخة لاجئ عربي في أرضه، مجروح منهك، وأدعو ان نعيد جميعاً بناء البيت كما حلم به فهد الأحمد. أخوك، الفيصل" ومرة أخرى، كاتب الرسالة صديق شخصي، شارك في العمل الفدائي مع الشيخ فهد الأحمد، رغم ثراء أسرته واسمها المعروف. وكم كنت أتمنى لو استطيع أن اسجل بعض العمليات التي شارك فيها مع أبي الفهود، أو تلك التي نظمها أبو الفهود ونفذها الصديق والفدائيون الآخرون من جنوبلبنان إلى ايلات وأوروبا وغيرها. جلست مع الصديق قبل أيام، وحولنا ناس قدرت أنه ما يمكن أن يتصور أحد منهم ان هذا الرجل في سترته الغربية وربطة عنقه الأنيقة، هو ذلك الفدائي في زمن البراءة الوطنية. ومضت أيام وتذكرت أبا فهد، وجاءتني رسالة الصديق فقد تذكره معي.