واشنطن - "الحياة"، رويترز، أ ف ب - قوبل اعتراف الرئيس بيل كلينتون باقامة علاقة جنسية غير لائقة مع مونيكا لوينسكي بارتياح في أوساط الرأي العام الأميركي الذي أيّد بغالبيته بقاء الرئيس في منصبه. وأظهرت استطلاعات أجرتها وسائل الإعلام الأميركية بعد خطاب ألقاه كلينتون في هذا الشأن مساء أول من أمس الاثنين ان ما يزيد عن 65 في المئة من الأميركيين يعارضون أي محاولة لعزل الرئيس. وفي وقت تعهد خصوم كلينتون الجمهوريون المضي قدماً في التحقيق لمعرفة هل انتهك الرئيس القانون الأميركي، التف الديموقراطيون حول رئيسهم وكان في مقدم هؤلاء نائبه آل غور الذي أكد انه "فخور" بكلينتون لأنه برهن عن "شجاعة في الاعتراف باخطائه"، داعياً الى طيّ الفضيحة بشكل نهائي. ورغم اعتراف كلينتون بمغامراته مع لوينسكي المتدربة السابقة في البيت الأبيض فإن اعترافه ارتكز الى نقطتين: الأولى، ان هذه "المغامرات" لم ترق الى علاقة جنسية كاملة لذا برر نفيه قبل أشهر اقامة مثل هذه العلاقة. والثانية، انه لم يطلب من لوينسكي أو أي شخص آخر الكذب تحت القسم لنفي هذه العلاقة. ومعلوم ان الكذب تحت القسم هو النقطة الرئيسية التي تشكل انتهاكاً فاضحاً للقوانين وتوجب الكونغرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون النظر في اقالة الرئيس الأميركي. وكانت التطورات تسارعت في واشنطن مساء أول من أمس بعد ادلاء كلينتون بشهادته أمام هيئة محلفين بحضور المحقق المستقل كينيث ستار. وظهر الرئيس أمام شاشات التلفزيون في مكتبه في البيت الأبيض معرباً عن أسفه لأنه "ضلل" الشعب الأميركي في هذه القضية وطالب بطي صفحة هذه المسألة الشخصية البحتة. غياب هيلاري ولوحظ ان الأميركية الأولى هيلاري كلينتون لم تكن الى جانب زوجها عندما خاطب الأميركيين، خلافاً لما كان يحصل تقليدياً. وأطل كلينتون وحده على المشاهدين الاميركيين من قاعة الخرائط في البيت الابيض معترفاً بأنه خدع زوجته من خلال اقامة "علاقة لم تكن لائقة" مع مونيكا ليونسكي التي كانت في الثانية والعشرين من عمرها عام 1995. وفي عام 1992، عندما اعترف كلينتون بأنه "تسبب بمتاعب لحياته الزوجية"، خلال برنامج تلفزيوني أعد بعناية لانقاذ حملته الرئاسية، كانت الى جانبه هيلاري التي شددت على الحب والاحترام اللذين تكنهما له. وكانت هيلاري كلينتون اول من انبرى للدفاع عن زوجها في كانون الثاني يناير الماضي مؤكدة ان قضية ليونسكي جزء من مؤامرة يحيكها اليمين ضده. واضاف كلينتون ان اقامته علاقة مع لوينسكي كانت "خطأ فادحاً جداً في الحكم على الامور وتقصيراً شخصياً من جانبي اتحمل وحدي مسؤوليته كاملة". لم يتعمد الكذب وفي المقابل، نفى بشدة ان يكون تعمد الكذب فى هذا الموضوع خلال الشهادة التى ادلى بها فى 17 كانون الثاني يناير الماضي فى قضية بولا جونز وقال: "كانت اجاباتي سليمة من الناحية القانونية". كما نفى اي اتهام بمحاولة اغواء شهود وقال: "قلت لهيئة المحلفين الكبرى واقوله لكم هذا المساء، لم أطلب ابداً من اي كان ان يكذب وان يخفي أو يتلف أدلة أو ان يقوم بأي تصرف غير قانوني". ورغم انه لم يطلب صراحة الصفح، اعترف الرئيس كلينتون بأنه "آسف" لاخفاء حقيقة علاقته بمونيكا لوينسكي لمدة سبعة أشهر وقال: "خدعت الشعب بما في ذلك زوجتي. وانا أشعر بالأسف الشديد" لذلك. لكن وبلهجة صارمة واصرار على المقاومة برر على الفور موقفه قائلاً: "استطيع ببساطة ان اقول لكم اني فعلت ذلك لأسباب عدة. أولا لأحمي نفسي من عار تصرفي الشخصي. كما انني كنت حريصاً جداً على حماية عائلتي". واضاف: "كذلك أخذت في الاعتبار واقع ان هذه الاسئلة طرحت علي في اطار تحقيق تقف وراءه دوافع سياسية وقد سبق ان طويت صفحته" مضيفاً: "طال الامر كثيراً وكان مكلفاً جداً وجرح مشاعر الكثير من الاشخاص الابرياء". وتابع: "اما الآن فإن هذه المسألة لا تعني سواي وسوى أعز شخصين على قلبي، زوجتي وابنتنا". واضاف: "علي ان أصحح ذلك وأنا مستعد لأن اقوم بكل ما يلزم في سبيل ذلك. فلا شيء يهمني اكثر من ذلك لكنها مسألة شخصية ولا تخص سوانا" متابعاً: "حتى الرؤساء لهم حياتهم الخاصة ... وقد انشغلت بلادنا بهذه القضية لفترة طويلة واتحمل مسؤوليتي فيها .... والآن، حان الوقت تماماً لطي الصفحة". وجاء هذا الاعتراف العلني بالذنب من قبل الرئيس والذي نقلته جميع شبكات التلفزيون الاميركية الكبرى على الهواء مباشرة، بعد- الاسرائيلي××× ساعات فقط من شهادته الطويلة امام هيئة المحلفين الكبرى في واشنطن والتى كانت سابقة كبرى لرئيس خلال ولايته. فطوال خمس ساعات، اجاب كلينتون محاطاً بثلاثة من محاميه على اسئلة المدعي المستقل كينيث ستار والعديد من مساعديه. ونقلت شهادته مباشرة عبر فيديو داخلي الى اعضاء هيئة المحلفين ال 23. واستناداً الى تقرير محاميه ديفيد كيندل فان كلينتون رفض مع ذلك الاجابة على بعض الاسئلة وقال: "قدم كلينتون رداً على بعض الاسئلة المحددة جداً عن تفاصيل العلاقة بين الرئيس ولوينسكي اجابات صريحة لا تتضمن الكثير من التفاصيل وذلك لصون حياته الخاصة وكرامة منصبه". وذكرت شبكات التلفزيون الاميركية ان ستار قد يقرر الاستماع من جديد الى كلينتون اذا ما اعتبر هذه الاجابات غير كافية. وطوال ذلك النهار، شهد البيت الابيض نشاطاً اعلامياً مكثفاً. فقد قطعت جميع شبكات التلفزيون الاميركي برامجها لتعلن بدء شهادة الرئيس وانتهاءها. رضا الأميركيين وبدأ الرئيس كلينتون عطلة مع اسرته في جزيرة مارثاز فينيارد ماساشوسيتس حيث يحتفل اليوم الاربعاء بعيد ميلاده الثاني والخمسين، فيما أظهرت استطلاعات للرأي اجريت بعد الخطاب، رضا غالبية الأميركيين عن اعتراف الرئيس بعلاقة جنسية "غير لائقة" مع لوينسكي كما أظهرت رغبتهم في اسقاط القضية برمتها. واختلفت نتائج الاستطلاعات اختلافاً طفيفاً لكنها أظهرت ان ثلثي الأميركيين تابعوا الكلمة التي وجهها كلينتون الى الأمة عبر التلفزيون وان غالبيتهم لا تريد ان يستقيل بسبب هذا الأمر كما لا يريدون من الكونغرس ان يعزله. وجاء في استطلاع أجرته شبكة "سي.ان.ان" التلفزيونية ان 53 في المئة ممن شملهم الاستطلاع راضون عن خطاب كلينتون وأن نسبة التأييد لأدائه ظلت عند 62 في المئة. لكن مكانته الشخصية انخفضت 20 في المئة ووصلت الى 40 في المئة فقط مقارنة بالاسبوع الماضي. وقال 48 في المئة ان رأيهم في كلينتون سلبي. وأظهر استطلاع آخر أجرته شبكة "اي.بي.سي. نيوز" عقب خطاب كلينتون مباشرة ان الرئيس كسب عشر نقاط بعد خطابه الى الأمة واعترافه بأنه "ضلل" الرأي العام في قضية لوينسكي وهو ما كان يصبو اليه مستشاروه السياسيون. وجاء في الاستطلاع ان 68 في المئة لا يرون ضرورة لاستقالة كلينتون وهو ما يمثل زيادة 11 نقطة عن يوم الأحد الماضي وان كان 52 في المئة يعتقدون انه عطل العدالة في القضية. كما أظهر استطلاع آخر أجرته شبكة "سي.بي.اس. نيوز" وصحيفة "نيويورك تايمز" ان 68 في المئة يؤيدون الطريقة التي يؤدي بها كلينتون مهام منصبه مقارنة بنحو 67 في المئة قبل اسبوع. وأظهر استطلاع لصحيفة "وول ستريت جورنال" وشبكة "ان.بي.سي" ان 62 في المئة ممن شملهم الاستطلاع و75 في المئة ممن تابعوا خطاب كلينتون يصدقون روايته. وعارض 66 في المئة محاولات عزل الرئيس