أعلنت الشرطة الفلسطينية فرار أحد قياديي "حركة المقاومة الإسلامية" حماس، المعتقل عماد عوض الله من أحد سجونها. وكانت السلطة الفلسطينية أمرت باعتقاله للاشتباه بتورطه في قتل المهندس الرقم 2 في الحركة محيي الدين الشريف قبل أربعة أشهر. لكن "حماس" شككت في بيان أمس بهذه الرواية، محملة السلطة الفلسطينية "مسؤولية أمنه وسلامته". وبدأت أجهزة الأمن الفلسطينية أمس حملة للبحث عن عوض الله فدققت في هويات الداخلين إلى مدن الضفة الغربية والمغادرين في المناطق الخاضعة للسيطرة الفلسطينية بما فيها مدية أريحا حيث كان عوض الله معتقلاً في أحد سجون جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني الذي كان يتولى التحقيق معه في شأن عملية اغتيال الشريف التي نفذت بصورة غامضة في مدينة رام الله نهاية شهر آذار مارس الماضي. وأعلن رئيس قوات الأمن الفلسطينية اسماعيل جبر الحاج إسماعيل تشكيل لجنة للتحقيق في ظروف فرار المعتقل عوض الله، وهو الخط الوحيد الذي يمكن أن يوصل أجهزة التحقيق الفلسطينية إلى تفاصيل عملية اغتيال الشريف الذي تؤكد السلطة أنه قتل على يد عوض الله فيما تتهم حركة "حماس" إسرائيل بالضلوع في اغتياله وتوجه أصابع الاتهام لبعض أجهزة الأمن الفلسطينية. وحسب مصادر الشرطة الفلسطينية، نجح عوض الله في الفرار من المعتقل بمساعدة أحد سجانيه مساء أول من أمس قبل غروب الشمس بقليل اثناء تجواله في ساحة السجن ضمن "الفرصة" المسموح له خلالها بمغادرة زنزانته، فيما أشارت مصادر إعلامية إسرائيلية أن عوض الله استخدم سيارة تحمل لوحة إسرائيلية صفراء اللون كانت في انتظاره. وكان حراس السجن المذكور افشلوا قبل نحو أسبوعين محاولة أخرى لفرار عوض الله الذي اعتقلته أجهزة الأمن الفلسطينية في غضون أيام قليلة من اغتيال الشريف بعد اعلانها عن قيام عوض الله بقتل رفيقه في حركة "حماس" بسبب نزاع داخلي على السلطة والنفوذ، معتمدة على اعتراف رفيق ثالث لهما هو غسان العدسي الذي أدلى باعترافين متناقضين أثناء التحقيق معه. ونفت "حماس" تورط أي من أعضائها في قتل الشريف الذي كان المطلوب الرقم واحد من قبل أجهزة الأمن الإسرائيلية والذي تنسب إليه سلسلة من العمليات الانتحارية التي نفذتها الحركة خلال العامين الماضيين وقتل خلالها العشرات من الإسرائيليين. وحسب الرواية الفلسطينية، أمر عوض الله خبير المتفجرات رفيق العدسي بإعداد سيارة مفخخة كان يستقلها الشريف وتفجيرها عن بعد وذلك بعد مشاجرة كلامية حادة بين عوض الله والشريف في شأن سبل صرف أموال خصصت للحركة، وبعد رفض الشريف الإعداد لعملية انتحارية جديدة. وشككت "حماس" في هذه الرواية جملة وتفصيلاً. وفشل المحققون الفلسطينيون في الحصول على اعتراف من عوض الله 29 عاماً شقيق المطلوب الرقم واحد الحالي لدى أجهزة الأمن الإسرائيلية عادل عوض الله الذي تطارده هذه الأجهزة منذ نحو ثلاثة أعوام. وأفادت عائلة عماد أنه التزم الصمت التام طوال الأشهر الأربعة الماضية التي قضاها في التحقيق، ولم يدل بأي اعترافات عن عملية اغتيال الشريف أو غيرها. وفي غزة، أعرب زعيم حركة "حماس" الشيخ أحمد ياسين عن شكوكه في رواية السلطة الفلسطينية في شأن فرار عوض الله، مشيراً إلى إمكان لجوء السلطة إلى هذه الرواية لتبرير تصفيته لاحقاً. وحمل الشيخ ياسين السلطة الفلسطينية مسؤولية حياة عوض الله. وقال إنه إذا عرفت "حماس" أن عوض الله هرب، فلن تساعد السلطة في اعتقاله. وأعرب النائب المقدسي حاتم عبدالقادر عن أسفه لفرار عوض الله الذي من شأنه أن يزيد في تعقيد قضية اغتيال الشريف التي ما تزال من دون حل. وقال عبدالقادر في تصريح إلى "الحياة" إن مصير المعتقلين الآخرين من حركة "حماس" الذين اعتقلوا بسبب القضية ذاتها بات أكثر غموضاً، خصوصاً ان الدليل الوحيد الذي تعول السلطة عليه لتأكيد صحة روايتها بات خارج السجن. وحذر عبدالقادر في الوقت ذاته من الزيادة في احتمالات القضاء على عوض الله من قبل أجهزة الأمن الإسرائيلية خارج السجن، مشيراً إلى أن بقاءه داخله شكل حماية أمنية له. واعتبرت "حماس" في بيان تلقت "الحياة" في لندن نسخة منه أمس ان ما أعلنته الشرطة الفلسطينية عن فرار عوض الله "تطور مقلق". وشككت في رواية الشرطة "نظراً لحجم الاجراءات الأمنية التي فرضتها أجهزة استخبارات الحكم الذاتي" على عوض الله، معتبرة أن "أمن المجاهد عوض الله وسلامته هي مسؤولية السلطة وأجهزة استخباراتها". كذلك شككت الحركة في "نيات السلطة الحقيقية" تجاهه، خصوصاً بعد فشل أجهزة الاستخبارات الفلسطينية في انتزاع معلومات منه عن مكان اختفاء شقيقه عادل، مثلما فشلت في مساومته للاعتراف بالتورط في جريمة اغتيال الشريف مقابل اطلاقه. وحذرت السلطة من أن يكون خبر فرار عوض "مقدمة لاستهدافه"، ودعتها إلى اطلاق جميع المعتقلين في سجون الحكم الذاتي.