صدّق مجلس النواب المغربي مساء اول من امس موازنة سنة 1998 - 1999 الذي كان قدمها وزير الاقتصاد والمال فتح الله ولعلو الى البرلمان في 28 حزيران يونيو الماضي. واقترح لصالح الموازنة 152 نائباً مؤيداً للحكومة وعارضها 71 نائباً من احزاب الوفاق والوسط. وينتظر ان تُعرض الموازنة مجدداً امام مجلس المستشارين الغرفة الثانية في البرلمان مطلع الاسبوع المقبل طبقاً للدستور المعدّل في ايلول سبتمبر 1996. وقال رئيس مجلس النواب عبدالواحد الراضي عقب التصويت "بات لدى المغرب موازنة تؤهله للقرن المقبل معتبراً ان اقرارها مكسب للحكومة والبرلمان على السواء". وأثنى على جدية النقاش والحماس الذي استمر نحو شهرين في اللجان البرلمانية الفرعية والجلسات العمومية. وقال وزير التعمير والاسكان محمد اليازغي "ان الحكومة الجديدة سعت من خلال الموازنة الى وقف التدهور الاقتصادي والاجتماعي وتسريع وتيرة التنمية عبر تحسين اداء الموارد العمومية"، واعتبر نواب الاغلبية المساندة للحكومة ان الموازنة جاءت لمحو آثار برنامج التقويم الهيكلي المطبّق منذ عام 1983 مع صندوق النقد الدولي وانعكاساته الاجتماعية واشاد بعضهم بشجاعة الحكومة التي تسلّمت المسؤولية في ظروف مالية وصفتها ب "الصعبة" بعدما كان عجز الخزينة يتجاوز 400 مليون دولار. وقال رئيس الفريق الاشتراكي عبدالقادر باينة "ان الموازنة تعكس ارادة التغيير في البلاد وتمهّد لمرحلة جديدة من الشفافية وحسن التدبير". ووصف الحافظي العلوي من التجمع الوطني للاحرار الموازنة بأنها مدخل صحيح للتوزيع العادل للثروات. واعتبر محمد الخليفة رئيس فريق الاستقلال والتعادلية ان الموازنة أُقرت باشتراك الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين. وقال المسعودي العياشي رئيس فريق التجديد والتقدم ان الموازنة سعت الى التوازن بين الضرورة المالية والضرورة الاقتصادية وتجلّت بالواقعية والطموح. وأثنى على الموازنة كل من خلة السعيدي رئيس فريق الحركة الوطنية الديموقراطية وعبدالسلام الصديقي رئيس فريق جبهة القوى الديموقراطية. وكان فتح الله ولعلو وزير المال والاقتصاد وصف الموازنة بأنها استهدفت اخراج البلاد من حالة "اقتصاد الديون" الذي يثقل مستقبل الاجيال المقبلة الى "اقتصاد النمو وترشيد النفقات العمومية وتوسيع مجالات الاستثمار وتحسين اداء الشركات المحلية والعناية بالتشغيل ومحاربة الفقر". وانتقدت فرق المعارضة اليمينية المشروع المالي ووصفته بأنه "لا ليبرالي ولا اشتراكي" وقال محمد كمو رئيس فريق الاتحاد الدستوري المعارض "ان الوضعية الاقتصادية والمالية التي ورثتها الحكومة الاشتراكية افضل من الوضع الذي كان سائداً في الثمانينات اثناء مشاركة الحزب في الحكومة". واعتبر ان الموازنة لم تعكس ما جاء في تصريح الوزير الاول عبدالرحمن اليوسفي اثناء جلسة الثقة. وانتقد الطاهر شاكر رئيس فريق الديموقراطية والعمل تقليص الاعتمادات الموجهة للعالم القروي والبادية ووصف الموازنة بكونها "جديدة قديمة". وتركز الموازنة المغربية التي تقدر اعتماداتها بنحو 132 بليون درهم 13.6 بليون دولار على ثلاثة اتجاهات: 1 - البعد التنموي ويستهدف زيادة الاستثمار العام الى نحو 27 بليون درهم نحو ثلاثة بلايين دولار عبر اشراك الجماعات المحلية والمؤسسات العامة. وتحسين عمل شركات القطاع الخاص من خلال تحسين الحسابات 250 مليون دولار مداخيل متوقعة وبعث جو ثقة لتحريك الدورة الاقتصادية. 2 - البعد الاجتماعي من خلال التركيز على مجالات العمل للشباب العامل وتقترح الموازنة 12 الف وظيفة جديدة في القطاع العام تضاف اليها 25 ألف وظيفة في القطاع الخاص اعلن عنها الملك الحسن الثاني لصالح الجامعيين الشباب. كما التزمت الموازنة تطبيق الشطر الثاني من مقتضيات الحوار الاجتماعي الموقّع مع النقابات عام 1996 في شأن تحسين ايرادات العاملين في القطاعين العام والخاص 320 مليون دولار. 3 - البعد الثالث الحفاظ على التوازن المالي والمكرو-اقتصادي وابقاء معدل العجز اقل من ثلاثة في المئة ونسبة التضخم في حدود 2 في المئة. وتوقع نمواً في حدود 7 في المئة من اجمالي الناتج المحلي اضافة الى تقليص الرسوم الجمركية على الواردات تنفيذاً لاتفاقات منظمة التجارة الدولية وتكلف هذه الاجراءات نقصاً في الموارد بنحو 200 مليون دولار. ومن الجوانب المهمة في الموازنة المغربية تحفيز المجموعات الاقتصادية والشركات العابرة للقارات بالاستثمار في المملكة عبر امتيازات واعفاءات جمركية وضريبية للشركات التي يفوق استثمارها مئة مليون دولار وهو امتياز يرتبط باتفاق خاص ومباشر مع الدولة، وكان بعض رجال الاعمال انتقد الاجراء واعتبره يعزز وضعية الشركات الاجنبية على حساب نظيراتها المحلية وتم تقليص المبلغ الى 50 مليون دولار. غير ان خدمة الديون ستمتص ثلث الموازنة المغربية الحالية وستكلّف خدمات الدين العام 34 بليون درهم نحو 3.6 بليون دولا ما يجعل العجز المرتقب نحو 1.5 بليون دولار. وتراهن الحكومة الاشتراكية على توسيع الاستثمارات الاجنبية في المغرب لتوفير مزيد من السيولة النقدية ومنها مشاريع ضخمة قيمتها تفوق بليوني دولار.