غريب هذا العالم الذي يعيش في ظل تناقضات بين الاقوال والافعال، وازدواجية المعايير في التعامل مع الشعوب والدول، ومع الفقراء والاغنياء والاقوياء والضعفاء. ففي الوقت الذي يتشدق فيه الغرب بكل اجهزته وقياداته ومؤسساته وإعلامه بحقوق الانسان ويتعامل معه "كقميص عثمان" ويرفع صوته او يخفضه حسب المقاييس والظروف والاعتبارات والمصالح نجد دوله تصم آذانها عن سماع صوت الحق، واستغاثات المظلومين وحق الشعوب المضطهدة في تقرير مصيرها من فلسطين الى البوسنة ومن كشمير الى كوسوفو. فالشعب الفلسطيني محروم حتى من الصراخ من شدة الالم، وممنوع من اقامة دولته المستقلة فيما الصهاينة الذين ينتمون لجنسيات من الشرق والغرب يحتفلون بكل امان واطمئنان وفرح وبهجة بذكرى مرور خمسين سنة على اقامة دولتهم الظالمة المزيفة على ارض فلسطين العربية بعد ان سلبوا شعبها ارضهم وحقوقهم وآمالهم وانسانيتهم. ولم نسمع سوى اصوات خافتة تدين انتهاكات حقوق الانسان في فلسطين وتطالب بوقف ممارسات التمييز العنصري والديني فيما بقيت قرارات الاممالمتحدة والشرعية الدولية حبراً على ورق بعد ان امضت فيها اسرائيل طعناً وخرقاً واستهتاراً واذلالاً. وفيما تستمر مأساة فلسطين وتتواصل فصولها الدامية تتفجر مآسي شعوب اخرى مضطهدة وتعاني من التمييز العنصري وجرائم الابادة الجماعية كان آخرها ألبان كوسوفو وهم يشكلون غالبية مطلقة في هذا الاقليم المنضوي تحت لواء الجمهورية اليوغوسلافية التي يسيطر عليها الصرب. والمؤسف ان العالم يعترف بالظلم الحاصل وبجرائم العنصريين الصرب، ويدرك ان استمرار الازمة سيؤدي الى مأساة كبرى تضاهي مأساة مسلمي البوسنة والهرسك، بل ربما اشعلت فتيل حرب جديدة مدمرة في البلقان تجر اليها معظم دول المنطقة والدول الكبرى خاصة وان روسيا تدعم الصرب في كوسوفو وتمدهم بالمساعدات اسوة بما كانت تفعل من قبل مع العنصريين الصرب في حربهم الظالمة ضد المسلمين في البوسنة والهرسك. ورغم هذا الاعتراف، والوساطات ولا سيما جهود الوسيط الدولي الاميركي ريتشارد هولبروك فإن القرار الذي اجمعت عليه الاطراف يضع خطوطاً حمراء لا يمكن تجاوزها وهو رفض منح المسلمين الالبان في كوسوفو حق تقرير المصير او الانفصال لإقامة كيان مستقل، والاصرار على ابقاء الاقليم تحت حكم الصرب في يوغوسلافيا مع منحهم حكماً ذاتياً خاصاً. وبانتظار الحل، تبقى المأساة مستمرة والدمار يتواصل فيقتل من يقتل ويتشرد من يتشرد من مسلمي كوسوفو كما اشرت في مقال سابق ودعوت فيه الى مد يد العون لهؤلاء الاشقاء ولو بدولار واحد. وقد تلقيت اتصالات كثيرة من قراء كرام من مختلف الدول العربية كان اولها من الاديبة المبدعة سلمى الحفار الكزبري التي لم تخف تأثرها من هول هذه المأساة. والسؤال الذي حيّرني وحيّر المتصلين هو كيف سنلبي النداء؟ ولمن سنسلم التبرعات؟ وبدوري اسأل متمنياً وجود جهة موثوقة في منظمة المؤتمر الاسلامي او اية هيئة انسانية لتلقي الاتصالات والقيام بالواجب وعدم حرمان اهل الخير من ثواب دعم اخوانهم في كوسوفو بعيداً عن اي اعتبار سياسي. فالقضية انسانية وأخلاقية قبل اي اعتبار آخر.
خلجة من دفتر الذكريات أقرأ في رسالة وردية احلى الكلمات: وفي ثنايا النور أبحث عنك وفي أطراف دروبي أنتظر شروقك أغزل حبي في محارة لأزرع اللؤلؤ في صدرك وأخطو في دمك عروسة جميلة!