إذا كنت من مستمعي المطرب جورج وسوف، فلا شك في أنك ستحكم له بأنه فنان مختلف عن غيره. اما إذا قدر لك ان تقابله، فستكتشف أيضاً بأنه إنسان مختلف الى حد الغرابة. لكن قبل الدخول في مزيد من التفاصيل التي قد توحي اليك بحكم مسبق، فنحن ندعوك لقراءة الحوار قبل ان تحكم! على رغم الزيارات المتعددة التي يقوم بها وسوف الى مصر لإعداد ألبوماته، أو للاتفاق مع الملحنين المصريين على أغنيات جديدة فإنه يفضل ألا ينتشر خبر وجوده في القاهرة ربما لكونه شديد الانطوائية حسبما يقول هو نفسه. عموماً فقد سنحت ل "الحياة" فرصة لقائه في إحدى زياراته "السرية" فلم تتردد في الطلب ولم يتردد هو بدوره في التلبية. ولعل هذا الحماس المتبادل أزال الكثير من المعابر الحدودية الشائكة من طريق الحوار. أين تضع نفسك في قائمة أشهر وأنجح المطربين اللبنانيين؟ - يضحك جورج أريد أن أفصح لك عن سر قلته مراراً، لكن أحداً لا يريد الالتفات إليه لأسباب لا أعلمها، وهو أنني سوري ولست لبنانياً. فقد ولدت في قرية كفرون التابعة لبلدية حمص في سورية وهي القرية التي خلدها دريد لحام في فيلمه الذي حمل الاسم نفسه، ولم أزر لبنان إلا بعدما احترفت الغناء، ربما كان عمري وقتها 14 عاماً أو أقل. ومن يومها وأنا أقيم في لبنان، وربما هذا هو السبب في أن يتعامل معي الناس على أنني من بلد الأرز. عموماً كل بلاد العرب بلدي قالها بطريقة مسرحية. لست سيئاً في التمثيل، فلماذا لم تجرب حظك؟ - التمثيل خطوة لم أفكر فيها لحظة واحدة لأسباب عدة أولها أنني أكره أن أكون فرداً في مجموعة، وهذا ما يجعلني أرفض حتى الاشتراك في الاوبريتات الغنائية، فأنا أعشق أن أكون وحدي. والسبب الثاني قناعتي بأنه بعد عبدالحليم وفريد لن ينجح مطرب في التمثيل، ولهذا أرفض أن أكون ممثلاً درجة ثانية طالما أن لدي فرصة لأكون مطرباً درجة أولى... وهذا أيضاً ما يدفعني لرفض كل العروض التي ما زالت تأتيني لبطولة أفلام سينمائية. النجاح المدوي لفيلم "اسماعيلية رايح جاي" وبطله محمد فؤاد، ألم يدفعك لتغيير رأيك؟ - فؤاد مطرب ممتاز وإنسان مجتهد جداً، فليسمح لي بأن أهمس في أذنه بأن الفيلم نجح لظروف معينة، ويعود الفضل في جزء كبير من هذا النجاح لمحمد هنيدي، ووقت عرض الفيلم في دور السينما. وكذلك فإن نزول ألبوم "كامننا" إلى السوق قبل نزول الفيلم ساهم في الترويج له، ولو مثّل فؤاد مئة فيلم آخر، لما لاقت النجاح نفسه... وهذا ليس عيباً فهو فنان جميل كما قلت. لكنني سمعت إنك تخاف من الكاميرات ولهذا لم تصور فيديو كليب حتى الآن؟ - أنا لا أخشى شيئاً كما أنني أملك وجهاً "فوتوجينيك" كما يقال لي دائماً، لكنني لا أحب التمثيل ولا اقتنع به ولهذا تراجعت عن الفيديو كليب بعدما كنت نويته. المسألة بصراحة ليست في الخوف أو الشجاعة، وانما في ان تعمل شيئاً تحبه فإن لم تكن كذلك فالأغلب إنك ستفشل فيه. عودة للسؤال الأول: أين تضع نفسك وسط قائمة المطربين اللبنانيين الذين تنتمي اليهم بحكم الرخصة؟ - لحقت نفسك يضحك، أنا اعتبر نفسي في قائمة منفردة ليس فيها سواي، هناك مطربون ناجحون جداً مثل راغب علامة ووليد توفيق ووائل كفوري وغيرهم، لكن كل هؤلاء لون وأنا لون آخر، لا أشبه أحداً ولا أحد يشبهني ولهذا فمن الظلم مقارنتي بأحد. البعض لاحظ تأثر صوتك منذ أجريت العملية في الحبال الصوتية قبل نحو ثلاث سنوات، فما ردك؟ - لا لم يتأثر صوتي أبداً، وما زال كما هو بعافيته. وألبومي الأخير يشهد على ذلك سواء أدائي لأغنياته أو أرقام توزيعه. ما رأيك في من يصنفك كمطرب شعبي؟ - لا يعنيني هذا في شيء لأنني لا أعترف بالتصنيفات، فلسنا في ملعب كرة ليؤدي كل واحد في مركز معين. أنا مطرب عربي تخرجت في مدرسة أم كلثوم الغنائية التي تعتمد على "التطريب" والكلمات السهلة البسيطة التي يمكن أن يفهمها أي مستمع عربي. ألم تخش قبل الغناء بالعامية المصرية من منافسة أهلها؟ - لا لأن الساحة تتسع للكل والأجود يفرض نفسه. سابقاً كان يوجد ما يزيد على عشرة مطربين في مستوى واحد تقريباً في الامكانات الصوتية، وكلهم نجح. وحالياً يحدث الشيء نفسه، فأنا ناجح وكذلك هناك آخرون غيري حققوا النجاح. سمعت أن لك قصة طريفة مع احتراف الغناء؟ - نعم، فقد ذهبت الى الفنان الكبير صباح فخري، وكان وقتها نقيباً للفنانين في سورية، وطلبت منه أن يقبلني في عضوية النقابة، وقتها كان عمري 11 أو 12 عاماً. فنظر إليّ من فوق إلى تحت وصرخ فيّ قائلاً: "روح يا ولد لأمك ولما تصير شاباً تعال غني"! فجريت من أمامه ولم أعد لهذه النقابة أبداً. ولم أقابل صباح فخري إلا بعدما أصبحت نجماً ويومها كنا مشتركين في إحياء إحدى الحفلات فألتقيت به، وذكرته بهذا الموقف فضحك. وكيف تجاوزت الاحباط الذي سببه لك فخري؟ - كنت قبلها قد حددت هدفي وطريقي، وهو أنني مطرب. فتركت المدرسة، وكنت أتردد على الملاهي والمقاهي للغناء في مقابل أجر أتدبر منه نفقات معيشتي. وعشت سنوات عدة من الضنك قبل أن يفرجها الله وأسجل ألبومي الاول وكان بعنوان "ماما يا ماما". ولاقى الألبوم نجاحاً جعل أسمي يتداول بين الناس ما شجعني على السفر الى بيروت للإقامة فيها، وبدأ مشوار الاحتراف الحقيقي من هناك إلى أن حصلت على لقب "سلطان الطرب" وهو الذي أعتز به كثيراً. البعض قال إن بدايتك المبكرة جعلتك تفلس فنياً مبكراً أيضاً؟ - كلام فارغ، والدليل أن آخر ألبوماتي "كسر الدنيا" في مصر ومعظم الدول العربية، كما أن اسمي ما زال رائجاً، يعني ان متعهدي الحفلات يضعون اسمي ومعي أية مجموعة من المطربين ومع ذلك تنفد التذاكر. سمعت أنك تتعامل بعنجهية مع من حولك ولا تستشير أحداً نهائياً؟ - كوني لا استشير أحداً فهذه ليست عنجهية، لأنني مقتنع بأن رأيي في الكلمات أو اللحن يجب أن يكون الرأي النهائي، فأنا الذي سأغني واذا لم أشعر بما سأقوله فلن ينجح. أيضاً اعتدت منذ صغري على أن اخطو بمفردي واتحمل تبعات خطواتي سواء كانت خيراً أو شراً، ثراءً أم فقراً. ولهذه الأسباب لا أستشير أحداً في ما يخص فني ولا حتى زوجتي التي تسمع الاغنيات وأنا أؤديها في الحفلات أو على ألبوم غنائي. لماذا اطلقوا عليك سلطان الطرب؟ - لأن إمكاناتي الصوتية جيدة، فأنا أملك صوتاً واسعاً اتميز به عن مطربي هذا الجيل، بالاضافة الى إحساسي العالي بالموسيقى الشرقية التي أفضلها بحكم انتمائي كما ذكرت لمدرسة أم كلثوم. ربما أيضاً لأنني حريص على تقديم أغنية من أغنيات "الست" في أية حفلة أظهر فيها، وهو ما يعكس حرصي الشديد على التطريب. ما رأيك في ما يقال إنك تُسمع ولا تُشاهد؟ - كلام فارغ أيضاً لأن كل حفلاتي تحقق ارقاماً قياسية في الحضور، ولو كان الناس لا يحبون رؤيتي لما تهافتوا على شراء التذاكر. ثم أنني لا أقتنع بوجود مطرب يسمع ولا يشاهد وآخر يشاهد ولا يسمع، فالمطرب مطرب سواء في حفلة أو على ألبوم. ويجب أن يحتفظ بدرجة تفاعل عالية مع جمهوره... وإذا ملّه الناس فمن الافضل له أن يجلس في بيته.