تلعب فرنسا ضد كرواتيا في المباراة نصف النهائية الثانية من المونديال الفرنسي مساء اليوم الساعة 00،19 بتوقيت غرينيتش على استاد فرنسا في ضاحية سان دوني... وسيحصل الفائز على بطاقة تخوله اللعب على اللقب الغالي في حين سينال الخاسر حق خوض مباراة الترضية. وتوقع الفرنسيون مواجهة المانيا التي فازت عليها مرتين في نصف نهائي 1982 و1986 لكن كرواتيا لبست زي "الحصان الاسود". ويعتقد كثيرون أن مدرب فرنسا ايميه جاكيه كان يفضل مواجهة المانيا التي يعرف أسلوب لعبها تماماً بدل أن يواجه "لغز" كرواتيا التي يتبدل اسلوب لعبها من مباراة الى اخرى. ويسعى المنتخب الفرنسي الى دخول التاريخ، إذ في حال فوزه سيكون أول منتخب "أزرق وأبيض وأحمر" يبلغ نهائي المونديال علماً أن منتخبي كوبا وفونتين في الخمسينات ومنتخب بلاتيني في الثمانينات لم يحتلا افضل من المركز الثالث وخسرا ثلاث مرات في نصف نهائي 58 و82 و86. هذا الامر بحدّ ذاته سيكون حافزاً كبيراً لزين الدين زيدان ورفاقه لتحقيق الفوز على كرواتيا. والفرصة متاحة امام الفرنسيين اذ سيواجهون ضيفهم المجهول أمام جمهورهم المتحمس في الملعب الجديد سان دوني أمام 80 الفاً من مناصريهم. ومعنويات اللاعبين في القمة بعدما ازاحوا ايطاليا في الدور السابق بركلات الترجيح. ولم تحقق فرنسا الكثير على الصعيد الدولي، وخزانتها لا تضم سوى لقب كبير واحد هو بطولة الامم الاوروبية العام 84 التي نظمتها عندما كان جيل بلاتيني في قمة عطائه. وفي المونديال لم تحقق سوى المركز الثالث عامي 58 بفوزها على المانيا 6-3 و86 بفوزها على بلجيكا 4-2 والمركز الرابع مرة واحدة عام 82 عندما خسرت امام بولندا 3-2. وغابت فرنسا عن النهائيات عامي 90 في ايطاليا و94 في الولاياتالمتحدة لكنها عادت بقوة هذه المرة باعتبارها المنظمة بمنتخب صلب فيه نقاط ضعف قليلة. ومنذ بداية التسعينات بدأت الاندية الفرنسية تتألق في الكؤوس الاوروبية خصوصاً مرسيليا وباريس سان جرمان. ومع تطور الاندية ظهر لاعبون جدد وتألقوا فلفتوا الفرق الايطالية والانكليزية والاسبانية العريقة التي تعاقدت معهم، فهاجروا واكتسبوا خبرة واسعة دولياً افادوا فيها المنتخب الذي يقطف الثمار حالياً. في خط الدفاع لا يلعب سوى بلان في الدوري الفرنسي مرسيليا وخط الوسط يلعب في ايطاليا واسبانيا وانكلترا: بوتي ارسنال ديشان وزيدان يوفنتوس ودجوركايف انترميلان وكاريمبو ريال مدريد، وخط الهجوم وحده "صنّع" في فرنسا بوجود تريزيغه وهنري موناكو وغيفارتش اوكسير... اما كرواتيا فحديثة العهد اذ لم تستقل عن يوغوسلافيا الا العام 91 وشاركت دولياً للمرة الاولى في تصفيات كأس الامم الاوروبية العام 96 وتخطتها بنجاح وبلغت الدور ربع النهائي قبل ان تسقط امام المانيا التي احرزت اللقب. وعانت كرواتيا قليلاً في تصفيات المونديال الحالي ولم تتأهل اليها الا بعد مباراة فاصلة مع اوكرانيا، لكنها تألقت في النهائيات ووجدت نفسها في نصف النهائي على حساب المانيا بعدما حققت الثأر في ربع النهائي. واستفادت كرواتيا التي تعتبر مدرسة كروية من خبرة لاعبيها المنتشرين في اكبر الفرق الاوروبية مثل بوبان ميلان الايطالي وسوكر ريال مدريد الاسباني وفلاوفيتش فالنسيا الاسباني واسانوفيتش نابولي الايطالي وسولدو شتوتغارت الالماني ويارني بتيس الاسباني وبيليتش ايفرتون الانكليزي... وسيتواجه سوكر مهاجم ريال مدريد مع زميله في الفريق الاسباني كاريمبو، وستانيتش لاعب بارما الايطالي مع زميله في النادي ليليان تورام، علماً ان ديشان ودوسايي يعرفان مدرب كرواتيا ميروسلاف بلازيفيتش تمام المعرفة اذ دربهما عندما كانا يلعبان في صفوف فريق نانت الفرنسي في نهاية الثمانينات وبداية التسعينات. كما لعب الفرنسي دوغاري المصاب حالياً مع بوبان في صفوف ميلان الايطالي العام الماضي. وتخوض كرواتيا المباراة من دون اي ضغوطات لان لاعبيها حققوا اكثر من المطلوب منهم ببلوغهم هذه المرحلة في حين ان فرنسا مطالبة ببلوغ النهائي واي شيء اقل من اللقب سيكون كارثة. كما أن لاعبي كرواتيا تخطوا الدورين الاخيرين من دون خوض وقتين اضافيين خلافاً لفرنسا التي خاض لاعبوها وقتين اضافيين 53 دقيقة اضافية من دون ذكر امتحان الاعصاب ضد ايطاليا في ركلات الترجيح. وقد يستغل الكروات عامل التعب لدى خصومهم لتسجيل هدف ثم الاعتماد على الهجمات المرتدة كما حصل في مباراتيهما الاخيرتين. فرنسا وأدخل ايميه جاكيه تعديلات جديدة على تشكلية المنتخب الفرنسي بعد كل مباراة ومن المتوقع ان يحصل الامر نفسه ضد كرواتيا اليوم. والتعديلات ستشمل مرة جديدة خطي الوسط والهجوم لان مراكز خط الدفاع ثابتة وكذلك حراسة المرمى بوجود بارتيز. فالدفاع بقيادة دوسايي لم يرتكب اي خطأ منذ بداية الدورة لذلك لم تهتز شباك بارتيز سوى مرة واحدة عندما لعب الاحتياطيون ضد الدنمارك في ختام الدور الاول. والى جانب دوسايي يلعب بلان الذي لا يتأخر في مساندة الهجوم عند الضرورة وهو صاحب الهدف الذهبي ضد الباراغواي في الدور الثاني. كما يقوم تورام على اليمين وليزارازو على اليسار بمهامهما الدفاعية كاملة اضافة الى لعبهما على الجناحين في حال الهجوم. ويحتار جاكيه في خياراته في خط الوسط. فهل يلعب بثلاثة لاعبي وسط مدافعين لحماية صانع الالعاب زين الدين زيدان كما حصل ضد ايطاليا عندما اشرك كاريمبو الى جانب بوتي وديشان، او يعود الى اختيار هنري وديوميد على الجهتين ويضحي بدجوركايف وكاريمبو؟ بعد العرض الايطالي قد يختار جاكيه التركيبة الاولى التي تعطي الفريق صلابة كبيرة اذ يشكل الثلاثي بوتي وكاريمبو وديشان خط دفاع اولي في وسط الميدان يقطع كرات كثيرة ويمنع وصول الخطر الى المدافعين وبالتالي الى منطقة بارتيز. لكن بعد نزول هنري في الدقيقة ال 66 ضد ايطاليا تحرك الفريق الفرنسي بشكل لافت واربك الدفاع الايطالي وازدادت فاعلية الهجوم الفرنسي بفضل الحيوية التي يتمتع بها هذا اللاعب اضافة الى انتقاله بين المراكز ما يصعب مراقبته. ولا يزال عقم المهاجمين يقض مضجع جاكيه وهو الذي يعرف ان عدم استغلال نصف فرصة في هذه المرحلة المتقدمة من المونديال قد يكلف غالياً. والحقيقة هي ان كل فرق نصف النهائي باستثناء فرنسا تملك قناصاً للاهداف مثل البرازيلي رونالدو والهولندي برغكامب والكرواتي سوكر. اما فرنسا فلا تملك احداً من هذا الطراز، ولو ضمت في صفوفها واحداً لحسمت مباراتيها السابقتين من دون الحاجة لخوض وقتين اضافيين وركلات الترجيح. ويبقى دجوركايف لغزاً للمحللين فالبعض يرى ان لا اهمية له في الفريق والبعض الآخر يصرّ على انه ضروري. ودجوركايف ليس مهاجماً وليس لاعب وسط ومركزه الافضل هو صلة الوصل بين المهاجمين وخط الوسط او مسانداً للمهاجم. ويبطئ لاعب انترميلان لعب فريقه في احيان كثيرة ولذلك قد يفقد مركزه اليوم، الا في حال اراد جاكيه اشراك تريزيغيه بدل غيفارتش من البداية فيبقي في هذه الحال دجوركايف لمساندة لاعب موناكو الطري العود وصاحب الخبرة القليلة دولياً. وبدأت فرنسا مشوارها في البطولة بفوز على جنوب افريقيا بثلاثة اهداف وفوز آخر على السعودية باربعة اهداف نظيفة وثالث على الدنمارك 2-1. وعانت فرنسا في الدور الثاني امام الباراغواي ولم تهزمها الا بعد 114 دقيقة بهدف ذهبي سجله بلان، وفي ربع النهائي تخطت ايطاليا بركلات الترجيح 4-3 بعد تعادلهما السلبي في نهاية الوقت الاضافي. كرواتيا لاعبو كرواتيا قادرون على انتزاع الانتصارات من دون اجتهاد كبير وهي امور تتميز بها الفرق الكبيرة. في الدور الاول لم تحقق كرواتيا الفارق بينها وبين جامايكا الا بعد طرد لاعب جامايكي والنتيجة 1-1، كما انها سرقت فوزاً من اليابان كان المنتخب الآسيوي اقرب اليه واحق به، ثم خسرت امام الارجنتين بهدف. وفي الدور الثاني خطفت هدفاً من ركلة جزاء ضد رومانيا في نهاية الشوط الاول، وفي ربع النهائي استنزفت خصمها الالماني في الشوط الاول قبل ان تنقض عليه اثر طرد المدافع فورنز في الشوط الثاني. والاستخفاف بالطرف الكرواتي ضرب من الجنون، اذ يضم الفريق لاعبين قادرين على قلب موازين مباراة في لحظة. ودفاع الفريق صلب بوجود بيليتش وستيماتش ويارني علمًا ان الاخيرين يشاركان في الهجوم كثيراً. وثلاثي الوسط سولدو - بوبان - اسانوفيتش "فتاك" وبوسعه اختراق اقوى دفاع في العالم. وينهك كل من فلاوفيتش وسوكر المدافعين بتحركاتهما الكثيرة وهداف ريال مدريد قادر في اي لحظة على تسجيل هدف او حتى دفع مراقبه الى ارتكاب اخطاء قد تكلفه وفريقه غالياً كما حصل الامر مع فورنز. ومن المتوقع الا يدخل المدرب بلازيفيتش اي تعديلات على التشكيلة التي هزمت المانيا وقد يستغل حسب ما المح امس، المساحات التي يتركها تورام وليزارازو عندما يشاركان في بناء الهجمات الفرنسية! ومعنويات اللاعبين في القمة بعد انتصارهم الكبير في ربع النهائي وكلهم امل في اضافة فرنسا الى لائحة ضحاياهم.