اذا كانت شبكة الانترنت تربط أجهزة الكومبيوتر والهاتف حول العالم فما المانع من استخدامها ليس لارسال الرسائل المكتوبة فقط بل المنطوقة أيضاً؟ هذا الحلم الذي تردد في ذهن مهندسي الكومبيوتر الشباب تحول خلال سنوات قليلة الى واقع. ويمكن الآن لكل مشترك في شبكة الانترنت أن يستخدم الكومبيوتر للاتصال الهاتفي عبر العالم، بل يمكنه الاتصال من كومبيوتر الى هاتف وبالعكس، وحتى من هاتف الى هاتف من دون الحاجة الى كومبيوتر. والمستقبل لهاتف الانترنت، وفق تقدير الخبراء، لكنه يدخل المنطقة العربية بحذر شديد... لماذا؟ المستقبل انترنت لم تصل تكنولوجيا هاتف الانترنت بعد مرحلة الكمال، لكنها تتطور بسرعة فائقة، وتصبح مع تقنية "متعددة الوسائط" قادرة على نقل المكالمات الهاتفية وصور الفيديو، اضافة الى المعطيات والبريد الألكتروني. ويدخل هاتف الانترنت المنطقة العربية بحذر شديد، وذلك بسبب ضعف خطوط الاتصالات وعداء شركات الهاتف التي تعود ملكيتها للدولة. ويواجه الحديث عن الانترنت مع بعض المسؤولين في المنطقة خطر انقطاع المكالمة الهاتفية، وليس بسبب ضعف الخطوط الدولية، بل خوفاً من الخوض في موضوع يثير الحساسيات! والشركة العربية الوحيدة لخدمات هاتف الانترنت، تدّعي أنها لبنانية تعمل من ولاية كينتيكوت في الولاياتالمتحدة. لكن خبراء الاتصالات العرب والأجانب في القطاعين العام والخاص أكدوا لپ"الحياة" أن الاتصالات الدولية عبر الانترنت ستدخل المنطقة، إن عاجلاً أو آجلاً، لسبب واحد على الأقل وهو أنها تكلف أقل من نصف اجور الهاتف الدولي الحالية. التخلف في هذا الصدد قد يكلف الكثير على المدى البعيد، لأن هاتف الانترنت كما قال مسؤول عربي هو المستقبل. "أكسيكوم" اللبنانية تعمل الشركة العربية الوحيدة لخدمات هاتف الانترنت من خارج المنطقة. اسم الشركة "أكسيكوم" Exicom، وتدّعي أنها لبنانية. وقد أوردت صحيفة "إنترناشينال هيرالد تربيون" الاسبوع الماضي "أكسيكوم" ضمن خريطة خدمات هاتف الانترنت العالمية. وقالت الصحيفة الأميركية الدولية عن الشركة أن مقرها في لبنان وتقدم خدمات هاتف الانترنت بين كنداوالولاياتالمتحدةولبنان. لكن موقع "أكسيكوم" على الانترنت يخلو من ذكر عنوانها في لبنان. وفي حديث هاتفي لپ"الحياة" مع "أكسيكوم" في ولاية كنيتيكت تجنب المتحدث باسمها السيد طوني عازار التصريح بعنوانها. وقال السيد عازار، الذي يتقن العربية، أنه لبناني وأكد أن موقع خدمات الشركة server موجود في لبنان، ويقوم مهندسوها بتوفير الخدمات موقعياً للمشتركين. وأضاف أن هاتف الأنترنت يحل مشكلة الاكتظاظ التي تعاني منها خطوط الهاتف الدولي في لبنان، وذكر أن خدمات "أكسيكوم" لا يمكن منافستها لجهة السعر، وأنهم تلقوا طلبات على خدماتهم من بلدان عدة في الخليج. حساسيات الانترنت ويتوقع السيد حامد شعبوني ضابط التنسيق بين البلدان العربية في "الاتحاد الدولي للاتصالات" أن تحارب مؤسسات الاتصالات التي تعود ملكيتها الى القطاع العام في معظم البلدان هاتف انترنت. لكنه أقر في حديث هاتفي لپ"الحياة" من مقر الاتحاد في جنيف بصعوبة منع دخول هاتف الانترنت العالم العربي "لأنه المستقبل"، على حد تعبيره. وذكر الدكتور طارق كامل، مدير قسم الانترنت في "المركز الإقليمي لتكنولوجيا المعلومات وهندسة البرامج" في القاهرة أن موضوع هاتف الانترنت ليس مطروحاً حالياً. وقال في حديث هاتفي لپ"الحياة" ان ادخال هذه التقنيات الى بلدان المنطقة يواجه صعوبات فنية بسبب ضعف خطوط الاتصالات الدولية. ويواجه كل من يحاول الحصول على معلومات عن الانترنت من المسؤولين في المنطقة العربية صعوبات كبيرة. سبب ذلك ليس تعقيدات الموضوع التقنية، بل الاقتصادية والثقافية. ويفضل حتى العاملون في القطاع الخاص التكتم على مشاريعهم الخاصة بهاتف الانترنت. ويبدو الجميع في حال انتظار القرارات الحكومية الخاصة باعادة هيكلة قطاع الاتصالات، وفق تقدير الدكتور خلدون طبازه مدير شبكة الانترنت العربية "آرابيان اون لاين". وقال طبازه في حديث لپ"الحياة" من مقر "آرابيان اون لاين" في العاصمة الأردنية عمان أن تقنيات، مثل العلبة التي تربط أجهزة الفاكس بالانترنت معروفة في المنطقة العربية. وتوفر هذه العلبة بث رسائل الفاكس عبر الشبكة بأسعار زهيدة. حصة الانترنت وتقل كلفة المكالمات الدولية عبر الانترنت بنسبة تراوح بين 25 و75 في المئة عن معدل الاجور التي تتقاضاها خدمات الهاتف في معظم البلدان. ويتوقع تقرير للاتحاد الدولي للاتصالات أن يخفض الانترنت سعر المكالمة الهاتفية بين المملكة العربية السعودية والولاياتالمتحدة من دولار و56 سنتاً للدقيقة الواحدة حالياً الى نحو 10 سنتات. يعود سبب الكلفة المنخفضة الى أن المكالمات "تقفز" من شبكة انترنت محلية الى شبكة انترنت محلية اخرى، من دون المرور عبر خدمات الهاتف الدولي. ويثير هذا "القفز" على الخطوط عداء مؤسسات الاتصالات المحلية في أماكن عدة من العالم، بما في ذلك المنطقة العربية والولاياتالمتحدة. ويتوقع الدكتور تيم كيلي رئيس قسم تحليل العمليات في "الاتحاد الدولي للاتصالات" أن تقفز حصة هاتف الانترنت من المكالمات الهاتفية الخارجية من الصفر قبل سنة تقريباً الى مئات الملايين من الدولارات السنة المقبلة. وقال كيلي لپ"الحياة" أن تقديرات الاتحاد تشير الى أن موارد هاتف الانترنت قد تبلغ في الولاياتالمتحدة وحدها 560 مليون دولار نهاية السنة المقبلة. وتدرس الحكومة الأميركية فرض ضرائب على شركات هاتف الانترنت اسوة بالضرائب على شركات الهاتف التقليدي. شبكات سرية وتغري الوعود المادية الكبيرة حتى شركات القطاع العام بالنزول الى الميدان. شركة "سنغافورة تيليكوم" التي تسيطر على قطاع الاتصالات الخارجية في سنغافورة أنشأت أخيراً خدمات هاتف الانترنت "بيجت كول" Budgetcall التي تغطي نشاطاتها منطقة جنوب شرق آسيا. وعلى رغم أن بيع المكالمات الهاتفية الدولية من الخارج ممنوع في بلدان عدة إلاّ أن الانترنت تزخر بهذا النشاط حالياً. وتقوم شركات عدة ببناء شبكات سرية تربط عشرات البلدان. ويتخذ النشاط الاسرائيلي في هذا المجال الطابع "الاخطبوطي". ويحظى نشاط شركات اسرائيلية، مثل "دلتا ثري" Delta Three و"فوكال تيك" Vocal Tec بتغطية مكثفة في الاعلام البريطاني والأميركي. ويعتبر الخبراء العرب هذا النشاط "طفيلياً" وزائلاً أمام التيار الدولي العملاق لاتصالات وتقنيات الانترنت. ذكر ذلك الدكتور علي الأعسم رئيس شركة تكنولوجيا المعلومات "نوليج فيو" Knowldgeview. وقال في حديث ل"الحياة" من مقر الشركة في لندن أن هاتف الانترنت هدف عمليات اندماج كبرى بين عمالقة الصناعة العالمية، مثل شركة الهاتف الأميركية "أ.ت. آند. ت" AT&T التي تفاوض لشراء شركة الكيبل "ت.سي.آي"TCI. وحجم الصفقة التي تكلف 84 بليون دولار يبرر اعتبارها عملية اندماج في رأي الصحافة الأميركية والبريطانية. وتلوح في الافق اندماجات اخرى بين عمالقة صناعة الاتصالات والترفيه مثل "تايم وارنر" وشركات انترنت كانت مغمورة حتى وقت قريب. وتشبه عمليات الدمج زحف القارات، الذي يعيد تشكيل صناعات الاتصالات العالمية. معلومات وفيرة عن خدمات وبرامج هاتف الانترنت موجودة على موقع الشبكة: www.von.com هاتف شركة "أكسيكوم" في الولاياتالمتحدة: 7560 374 2031 ، وموقعها على الشبكة: www.exicom.com