أكد وزير الدفاع الفرنسي ألن ريشار في حديث إلى "الحياة" أن "فرنسا ستقدم عرضاً جيداً محسناً للسعودية لشراء دبابة لوكلير لأن العرض الأول يمثل كلفة ضخمة". وقال: "سيتسنى لنا قريباً أن نقدم عرضاً جديداً يتناسب مع الشروط الاقتصادية الضاغطة الأمر الذي قد يسمح بخيار إيجابي من الجانب السعودي". وأكد أن دول الخليج تمتلك أسساً للازدهار وأنها إذا نعمت بالاستقرار وطورت آلياتها الاقتصادية بشكل فاعل فإنها قد تشكل قطباً جماعياً مهماً يشبه الاتحاد الأوروبي. وأكد الوزير الفرنسي، الذي انهى مساء اول من امس زيارة للسعودية نقل خلالها رسالة الى خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وأجرى محادثات مع ولي العهد الامير عبدالله والنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران الامير سلطان بن عبدالعزيز، أن اقتراح بلاده بعقد مؤتمر دولي للسلام يحظى بتأييد وتشجيع من السعودية لكن عقده أرجئ لمنح الولاياتالمتحدة فرصة التحرك لعلها تدفع بالعملية السلمية الى الامام، مضيفاً أنه عند "الحاجة لا بد من ممارسة بعض الضغوط المناسبة تفادياً لتجميد كامل قد يؤدي إلى عودة التوتر العسكري وهو لا شك خطر على الدول المجاورة كافة"، ومعبراً عن قلق السعودية وفرنسا من السياسة الاسرائيلية وفشل مساعي السلام. ونوه ريشار "بالفعالية والمسؤولية الإقليمية التي تتولاها السعودية" والمبادرات السعودية النشطة، موضحاً أن بلاده تبني آمالاً واسعة على هذه السياسة المتلاحمة. وفي ما يأتي نص المقابلة: تهدف زيارتكم للسعودية الى البحث في جوانب التعاون بين البلدين. ما هي أبرز المجالات التي بحثتها مع الأمير سلطان بن عبدالعزيز؟ أسوة بكل الإتصالات، نؤكد دائماً مواقفنا من المواضيع المتعلقة بالأمن الإقليمي والأمن في الشرق الأوسط وإستئناف عملية السلام. وكذلك الحسم المتوازن للأزمة العراقية وتحسين العلاقات الثنائية. ولاحظنا اتفاقاً تاماً والتقاء كاملاً بين الدولتين. ولقد نقلت اليه تأييد وتشجيع رئيس الجمهورية جاك شيراك والحكومة الفرنسية على المبادرات النشطة والبناءة التي تقوم بها السعودية. ونحن، في الجانبين، مهتمون وقلقون لفشل المساعي الهادفة الى إعادة تنشيط عملية السلام. وقال لي الأمير سلطان أنه إذا أعطينا الفرصة لأصدقائنا الأميركيين لمحاولة ازالة جمود هذه القضية، يمكن بعد ذلك للدول العربية ومن بينها السعودية التي تلعب دور المنشط، القيام بمبادرة جماعية لإيجاد حل أفضل. ويندرج ضمن هذا المسعى وهذه المبادرة تقديم أكبر دعم ممكن من فرنسا والإتحاد الأوروبي. هذه هي الزيارة الثانية، هل يمكن القول أن تقارب وجهات النظر الفرنسية والسعودية نما خلال هذه الفترة؟ - طبعاً، أولاً على الصعيد الشخصي تعمقت معرفتي بالأمير سلطان، وقامت علاقة مفعمة بالثقة. ودولتنا معجبة بالفعالية والمسؤولية الإقليمية التي تقوم بهاالسعودية، وأعتقد أن المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين تتبع سياسة متلاحمة ومستمرة ، وفرنسا تبني عليها آمالاً واسعة. تحدثتم في باريس عن صفقة شراء دبابة "لوكلير" ثم ظهرت مواقف تشير الى ان السعودية تربط بين عقد الصفقة وتنمية الإستثمارات الفرنسية في السعودية؟ - صحيح، أخذنا علماً بما أحرزته الصناعات التسليحية السعودية من تقدم تكنولوجي خصوصاً في الأسلحة البرية. ونحن مقتنعون أن شركة "جيات" قادرة على تعاون معمق مع الشركاء الصناعيين في السعودية. وقلت للأمير سلطان أن عرضنا الجديد المحسن بخصوص دبابة لوكلير التي قد تتناسب وتتلائم مع متطلبات المملكة، سيأخذ في الإعتبار مساهمة الشركات والصناعات السعودية. ولدينا تعاون في الأوفست، والصناعات الفرنسية مهتمة ولديها مشاريع قائمة اعتماداً على صندوق الإستثمار والتمويل الذي سيتم تشكيله في الأسابيع المقبلة. هل يعني ذلك توجهاً لتوقيع إتفاقية شاملة تشبه "مشروع اليمامة" مع بريطانيا؟ - نحن مع الآلية التي تناسب السعودية، ومسعانا يهدف الى التعاون الصناعي بشكل محض، نعرف أن لدى السعودية حاجة واسعة لتفريغ نشاطاتها الإقتصادية، وهي إستراتيجية على المدى البعيد. ونحن مقتنعون بأهمية بعض الإتفاقات الإقتصادية بين الطرفين على المدى البعيد، لكنها خاضعة لخيارات التنظيم الإقتصادي، ونحن نتأقلم ونتكيف مع الأفضلية السعودية. بما أن دبابة "لوكلير" جربت عملياً في السعودية وعدلت وفقاً لمتطلباتها، وكانت التجارب ناجحة فما الذي يعرقل اتمام هذه الصفقة؟ - سبق أن قدمنا عرضاً مالياً أولياً يمثل كلفة مالية ضخمة، ونحن مضطرون للأخذ في الإعتبار للمقتضيات المالية التي يعيشها الجانب السعودي. وأصدرت الحكومة الفرنسية تعليمات مالية وصناعية لشركة "جيات" لإجراء التعديلات والخفوضات اللازمة، وهذا هو سبب التأخير. ونعتقد أن هذا التوجه على رغم صعوبته، يوفر امكاناً لزيادة فعالية "جيات" في المستقبل وتنافسيتها، ويزيد من ثقة الشركات والدول بها. وسيتسنى لنا قريباً أن نقدم عرضاً جديداً يتناسب مع الشروط الإقتصادية المتشددة الأمر الذي قد يسمح بخيار إيجابي من الجانب السعودي. على رغم التقارب الواضح في كثير من القضايا إلا أن التعاون العسكري ظل محصوراً وبشكل أساسي في مشروع "الصواري". فهل ستتم تنمية التعاون العسكري بين السعودية وفرنسا، وبين فرنسا ودول الخليج في ظل التحرك الفرنسي المكثف تجاه الخليج؟ - للسعودية مكانة وموقع متميز في هذه المنطقة وبيننا شراكة استراتيجية دائمة و مستمرة. صحيح أن العلاقات ايجابية مع دول أخرى في المنطقة، ونحن نشعر بالراحة اذ نرى هذه الدول صديقة لفرنسا. ولديها علاقات ممتازة في ما بينها، لكن المناقشات الصناعية هي بين السعودية وفرنسا. أن التعاون الإقليمي يعطي فاعلية وقوة أكثر لمجموعة الدول التي تتفق وفرنسا على المواضيع الإقليمية. تطرح فرنسا مفهوماً خاصاً للأمن الإقليمي في الخليج، ما هي ملامح هذا المفهوم؟ - الحرص على الحسم من خلال التفاوض واحتراماً للقانون الدولي وبالتالي حل كل النزاعات والخلافات بين دول المنطقة، والعمل على تسهيل تطوير التنمية الإقتصادية والمشاركة في الإقتصاد العالمي. وتملك دول الخليج مقومات للإزدهار وإذا تمكنت من تحقيق الإستقرار فإنها تستطيع تطوير الإستثمارات والبنى التحتية الأساسية لتشكل قطباً جماعياً قريباً جداً من الإتحاد الأوروبي. سعت فرنسا مع مصر الى مؤتمر دولي للسلام، ولكن تحركات حكومة بنيامين نتانياهو الأخيرة والموقف الأميركي الرافض لإدانتها يحبط آمال تنشيط عملية السلام، فما الذي تنوي فرنسا القيام به لتجاوز هذا المأزق وتحريك مبادرتها؟ - أعتقد أن الرئيس شيراك أسوة بالرئيس مبارك يتطلع أن تؤخذ المساعي المبذولة كإقتراح لمجموعة الدول العربية المتمسكة بالتسوية السلمية. والسعودية تدرك المبادرة الفرنسية، ويشجع خادم الحرمين الشريفين وولي العهد والحكومة السعودية هذه المبادرة كما هي مع ممارسة المزيد من الضغط على السياسة الإسرائيلية الراهنة التي تقلقنا. وفرنسا وهي تقدم معونة أو مساعدة ملموسة ليس لديها نزوع لزعامة غير مبررة، وإنما ترغب في تسهيل اقتراحات ومبادرات الدول العربية المسالمة، ولن تنزلق في أوهام نجاح فوري لهذه المساعي. لكننا نصر دائماً على محاولة الإنطلاق باقتراحات ملموسة. وعند الحاجة لا بد من ممارسة بعض الضغوط المناسبة تفادياً لتجميد كامل قد يؤدي الى عودة الاشتباكات العسكرية، وهو بلا شك خطر كبير على الدول المجاورة كافة. أنا متفق مع أصدقائنا السعوديين على بقاء وإستمرار التفاوض والحوار السياسي.