القرار لك، لكن مهرجان ادنبرة منهك، يحتاج الى خريطة صبر، وقبل كل شيء الى استعداد لمغامرة. انه ضخم ومليء بالغث والسمين. النعوت قد لا تنفع هنا، والارقام تصيب بالحيرة. المهم ان يعثر الانسان على مقعد في مسرح او غرفة او دهليز او شارع. مدينة ادنبرة تتخلى عن هدوئها لتستقبل ما بين 9 آب اغسطس و5 ايلول سبتمبر المقبل اكبر مهرجان في العالم وتتحول خشبة شاسعة لأكثر من 9800 فنان. ليعبروا في حرية ومن دون رقابة او صاية عن ان الناس في كل مكان يشتركون في هموم واحدة. لعل المسرحي العالمي اختار من دون ان يدري نبرة المهرجان في "المتشابهون" لبوتو ستراوس التي تعرض للمرة الاولى في اوروبا. وفيها يعود الى فكرة ان الناس كلما ازدادوا تشابهاً كلما قلوا انسانية. "فيدرا" لراسين التي تقدمها فرقة فرنسية تتحدث ايضاً عن القدر والاختيار وتحمل المسؤولية. اما مسرحية فريدريك شيلر "اللصوص" التي تقدمها فرقة اسكوتلندية فهي تصور شقيقين يحبان امرأة واحدة ويتنافسان على الفوز بقلبها. وحاولت فرقة المانية تحديث مسرحية "كاليغولا" للكاتب الفرنسي البير كامو، وفيها يتحول البطل إلى مخرج تلفزيوني يسلط الأضواء على نوازع السيطرة والتحكم والتعذيب. المهرجان يحتفي بموسيقى فيردي بتقديم عدد من الاوبرات: دون كارلوس، جيوفانا داركو، لويزا ميللر، كما يعرض برنامجاً متنوعاً للرقص الكلاسيكي. في الموسيقى برنامج حافل بسمفونيات شومان، موتسارت، بيتهوفن، وشوبرت، بمشاركة عازفين عالميين كجان روجز وبيتر ميتولاس ولورين هانت وميشيل دويونغ. إلا ان التركيز يظل على المسرح، خصوصاً في المهرجان الهامشي الذي يحتوي على اكثر من 1300 عرض، وبرنامجه يشبه ملحقاً لدليل التلفون، إذ يجذب المواهب الشابة التي يبحث اصحابها على مجال لتقديم تجاربهم. في هذه السنة قليل من الغرابة واتجاه الى تحوير الاعمال الكلاسيكية سخرية او ابداعاً. من الاعمال الملفتة مسرحة "الحلاقة" للاميركي سام شيبرد في اول عرض في اوروبا. وكذلك "النمرة" للايطالي داريو فو. اما الكاتب البريطاني ارنولد ويسكر فاختار المهرجان للعرض الاول مسرحيته الجديدة "رسالة الى ابنة". لا يبتعد المهرجان عن تقاليده الممتعة، ومنها تقديم مسرحيات عدة لشكسبير، وهناك ما يزيد عن عشرين عرضاً عن حياته والاسطورة التي تحيط به. كما يقدم قطعاً لصموئيل بيكيت، ومنها "آخر تسجيل كراب" ثم "الشقيقات الثلاث" لتشيخوف في مفهوم للشذوذ. وهناك مسرحية "بريخت ماذا تظن في أميركا" مكتوبة حول شهادته امام لجنة مكارثي ضد الشيوعية. افضل عرضاً تحت عنوان "فطور مع شكسبير" يتناول فيه الناس فطوراً فرنسياً وهم يستمعون الى قصائد.