برز اتجاهان في الحوادث التي شهدتها بعض الدول الإسلامية العربية. فبعضهم ثار على الديكتاتوريات المرتبطة بالدول الغربية، وبعض آخر أراد التزام الإسلام نظام حكم. فالأنظمة التي كانت تحكم مصر وتونس وليبيا سعت إلى ترويج الإسلام بالمفهوم الأميركي على ما وصفه الإمام الخميني، أي الإسلام العلماني والإسلام الليبيرالي. وهو توجه من أقام علاقات ديبلوماسية بالعدو الصهيوني وسعى في خيانة أهم قضية في العالم الإسلامي، وهي القضية الفلسطينية. نفد صبر شعوب الدول الإسلامية إزاء الارتباط بالكيان الصهيوني والولاياتالمتحدة والدول الغربية. فهي تتطلع إلى الإسلام الثوري. لكنها أمام أخطار كبيرة. فتركيا تسوّق لإسلام علماني نيابة عن الولاياتالمتحدة. وترمي الدول الغربية إلى إرساء النموذج التركي في فهم الإسلام في دول مثل مصر وتونس وليبيا. زيارة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان دول شمال أفريقيا ودعوته للاحتذاء بالنموذج التركي واجها ردوداً. وانتقدت جماعة الإخوان المسلمين هذه الدعوة واعتبرتها تدخلاً في الشؤون الداخلية للشعب المصري. وأبرز الردود العملية على دعوة أردوغان هو مهاجمة الشعب المصري السفارة الإسرائيلية، وشجبه العلاقات بالكيان الصهيوني. وانتقد الأتراك كذلك دعوات رئيس حكومتهم إلى استلهام النموذج التركي في مصر. ولا يخفى على أحد أن هتافات الشعب التركي المعادية لفريق الكيان الصهيوني أمام مقر إقامة الفريق في إسطنبول وداخل ملعب كرة القدم هي إشارة واضحة إلى اعتراضه علي سياسة الحكومة التركية. إن الشعوب الثائرة في الدول الإسلامية هي وحدها التي يسعها التصدي للمفهوم العلماني للإسلام الذي يروج له أرودغان لزعامة تلك الجماهير الثائرة. وعلى رغم أن وسائل الإعلام الغربية تحاول التقليل من أثر الثورة الإسلامية الإيرانية في حوادث المنطقة، يثبت الواقع خلاف ذلك. فالشعوب في هذه الدول لن تقف مكتوفة أمام انحراف سياسة الحكومات الموقتة. وحريّ بهذه الحكومات السير باتجاه تحقيق مطالب شعوبها. لذا، نبهت القيادة الإيرانية إلى ضرورة استيعاب المشكلات والوقوف أمام المشاريع التي تريد تنفيذ النماذج العلمانية والليبرالية أو الوطنية المتطرفة تحت غطاء اليسار الماركسي. والدول الثورية في المنطقة التي تريد الإسلام الحق مدعوة إلى الابتعاد عن نغمة الشيعة والسنّة، في وقت تؤجج الولاياتالمتحدة مسألة السنّة والشيعة منذ أعوام خدمةً لمؤامراتها الرامية إلى تنصيب حكومة عميلة لها. وعليه، تبرز الحاجة إلى وضع حد لهذه الخلافات التي يحركها الغرب. * معلّق، عن «سياست روز» الإيرانية، 17/9/2011، إعداد محمد صالح صدقيان