أكدت هولندا أمس ان الحكومتين الأميركية والبريطانية اتصلتا بها بهدف استكشاف إمكان اجراء محاكمة المتهمين الليبيين في قضية لوكربي في لاهاي. وجاء هذا التأكيد في وقت أكد رئيس طاقم المحامين الليبيين عن المتهمين عبدالباسط المقرحي والأمين خليفة فحيمة أن موكليه أكدا له "استعدادهما الكامل للمحاكمة". وقال الغويل أمس انه ابلغ المقرحي وفحيمة "بتغيير الموقف الاميركي" وانهما "ابديا استعدادهما الكامل للمحاكمة، وعبرا عن سعادتهما بقرب الحصول على حريتهما بدل تقييدهما لذنب لم يقترفاه". واضاف الغويل في تصريح هاتفي الى "الحياة" ان طاقم الدفاع الذي يضم قانونيين من جنسيات مختلفة، سيعقد اجتماعاً قريباً "بعد تلقي الموقف الاميركي رسمياً" للبحث في اجراءات المحاكمة "ومنها مقر إقامة المشتبه فيهما خلال فترة المحاكمة وتأمين سلامتهما والترجمة ومنع ممارسة اي ضغوط عليهما خارج قاعة المحكمة". أما مندوبة ليبيا لدى الجامعة العربية السفيرة سلمى راشد فقالت ل "الحياة": "نحن ملتزمون قرارات الجامعة العربية ومنظمة الوحدة الافريقية في شأن الازمة واقتراحاتهما لحلها سلمياً". وقالت: "ننتظر ان نتسلم الموقف الاميركي بصورة رسمية لاتخاذ التدابير المتعلقة بالمحاكمة بعد الاتفاق عليها بين السلطات القضائية وطاقم الدفاع عن الليبيين". واضافت: "ان قبولنا بمحاكمة المواطنين الأمين خليفة فحيمة وعبدالباسط المقرحي في دولة ثالثة يمثل نوعاً من التنازل ارتضيناه في اطار إصرار ليبيا على المحاكمة لإظهار حقيقة الادعاءات الباطلة وراء توجيه الاتهامات الى ليبيا" في حادثة لوكربي. وقالت: "سيعرف العالم في جلسات المحاكمة ان ليبيا بريئة وان جهات أخرى هي التي فجرت الطائرة". ووصف الناطق باسم الجامعة العربية المستشار طلعت حامد التغيير في الموقف الاميركي بأنه "تطور مهم نحو اغلاق ملف أزمة لوكربي". وقال ان "القبول بالمحاكمة في دولة ثالثة يتفق ومبادئ القانون الدولي والقرارات التي اتخذتها الجامعة العربية". وقال ل "الحياة" ان الجامعة بصدد إجراء محادثات مع المسؤوليين الليبيين في اعقاب عودة الامين العام للجامعة الدكتور عصمت عبدالمجيد من زيارته للنمسا وبولندا للبحث في الخطوات المقبلة على الصعيدين القانوني والسياسي. باريس وعلمت "الحياة" من مصدر غربي مطلع في باريس ان مدير مكتب الأممالمتحدة في وزارة الخارجية الفرنسية جان دوغلينياستي زار قبل أيام واشنطن وبحث مع معاون وزيرة الخارجية الاميركية توماس بيكيرينغ في موضوع ليبيا وقضيتي تفجير طائرة "يوتا" فوق النيجر في 1989 وتفجير طائرة "بان أميركان" فوق لوكربي اسكوتلندا في 1988. وعلّق أمس الناطق المعاون في الخارجية الفرنسية ايف دوتريو على إعلان الولاياتالمتحدة انها تدرس إمكان اجراء محاكمة متهمي لوكربي في هولندا وفق القانون الاسكوتلندي، قائلاً ان "فرنسا تعتبر ان أي اقتراح يتيح الفرصة أمام محاكمة المتهمين بهدف حصول عائلات الضحايا على حقيقة ما حصل وعلى التعويضات المتوجبة لهم - على أن يكون الاقتراح مقبولاً من الحكومات المعنية مباشرة أي الولاياتالمتحدة وبريطانيا - هو اقتراح يستحق الدرس". واعتبر السفير الليبي في فرنسا وزير الخارجية السابق الدكتور علي التريكي في تصريح الى "الحياة" ان مواقف الدول الافريقية المؤيدة لليبيا لعبت دوراً اساسياً في تغيير الموقف الاميركي من مكان المحاكمة. وأكد ان العلاقات الفرنسية - الليبية "في تطوّر مستمر". وأوضح ان جيروم مونو، وهو صديق للرئيس جاك شيراك ويرأس شركة "ليونيز ديزو"، زار ليبيا في الأيام الاخيرة حاملاً رسالة من الرئيس الفرنسي للزعيم الليبي العقيد معمر القذافي، وانه وقّع "مذكرة تفاهم" بين شركة "ليونيز ديزو" وليبيا في شأن مشروع "النهر العظيم". لاهاي وفي لاهاي صرح ناطق رسمي هولندي الى وكالة "فرانس برس" بأن الولاياتالمتحدة وبريطانيا أجرتا اتصالات مع الحكومة الهولندية لاستكشاف امكان محاكمة الليبيين في هولندا. وقال ان "واشنطن ولندن باشرتا بمبادرة ذاتية اجراء اتصالات استكشافية حول محاكمة الليبيين في هولندا"، موضحاً ان "المناقشات تركزت على معرفة كيفية ترتيبها". لكن الناطق رفض تحديد تاريخ هذه الاتصالات مع حكومته، مكتفياً بالقول إنها جرت "منذ بعض الوقت". وعلى رغم امتناع الناطق عن اعلان موقف هولندا من هذا الطلب، يبدو ان موقع لاهاي كعاصمة للقانون الدولي، يجعل موافقة هولندا على اجراء المحاكمة امراً مرجحاً. وكانت ليبيا اقترحت محاكمة مواطنيها في "قصر السلام" الذي يضم محكمة العدل الدولية. وقد أكد ناطق باسم المحكمة لوكالة "فرانس برس" ان احداً لم يتصل بالمحكمة من اجل هذا الموضوع. وشدد الأمين العام للمحكمة ارثر فيتيفن على ان هذه الهيئة غير مؤهلة لتنظيم مثل هذه المحاكمة، لأن "مهمتها الأساسية هي النظر في الخلافات بين الدول". إلى ذلك، فإن "قصر السلام" ليس مهيأ للترتيبات الأمنية اللازمة لأجراء مثل هذه المحاكمة المثيرة للجدل