ليس كبير مستشاري الرئيس باراك أوباما لشؤون مكافحة الارهاب، جون برمان، وحده الذي هدد بأن الولاياتالمتحدة لن تضبط استخدام القوة في أفغانستان، في الصراع ضد القاعدة وب «أننا سنحتفظ بحق القيام بأعمال أحادية الجانب عندما لا تبدي الحكومات الأخرى الإرادة أو القدرة على القيام بالعمل المناسب بنفسها». لكنها الادارة الاميركية برمتها من يستخدم هذه العبارات لتحدي باكستان ودفعها الى شن حملة عسكرية ضد «شبكة حقاني». وعلى رغم إدراج القانون الدولي والسيادة الوطنية كعوامل إعاقة، فإن ما يسمى «عقيدة أوباما في الغارات» استخدمت في تبرير الضربات الاستباقية لحماية الولاياتالمتحدة. وذهبت هذه الممارسة شوطاً بعيداً وحان وقت تحلي الحكومة الباكستانية بالشجاعة وأن تبلغ الولاياتالمتحدة أن أي تكرار لغارة أبوت أباد (التي قتل فيها الجنود الاميركيون زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن) سيعتبر عملاً حربياً. وينبغي أن يكون هذا الموقف اللفظي أساساً كافياً لإسلام آباد لوقف توسيع تعاونها مع قوات الولاياتالمتحدة وحلف «الناتو» في الحرب على الارهاب. ولا ينبغي أن يظهر تردد باكستاني أمام العالم في شأن سبب هذا الموقف (الأميركي) المتفجر. فهذه محاولة لإخفاء هزيمة مذلة لحقت بالقوات الدولية المؤلفة من 150 ألف جندي تساندها الآلة العسكرية الأكثر تطوراً في العالم، على أيدي شراذم سيئة التجهيز من المقاومة الأفغانية. ويتعين التذكير بأن أوباما أعلن بفخر أن الطالبان يضعفون ويتراجعون. لكن هجمات المقاومة الناجحة على قوات الاحتلال نفت هذه الرؤية مرات ومرات. والحصار الذي استمر 24 ساعة لمقري السفارة الاميركية وحلف شمال الاطلسي في كابول والهجوم السابق على منشآت عسكرية حساسة حيث جرح 77 جندياً أميركياً، هما مجرد نموذجين على قوة طالبان. وعلى العالم ألا يشيح بنظره عن حقيقة ان طالبان ما زالت تسيطر على 80 في المئة من افغانستان وتستطيع العمل انطلاقاً من قواعدها الآمنة في انحاء البلاد. وفي وسع الولاياتالمتحدة إلقاء اللوم عن هذه الهجمات على انصار حقاني الذين يقيمون في شمال وزيرستان، وأن تتجاهل قبائل الباشتون، بمن فيها تلك المؤيدة لحقاني، والمنتشرة عند الحدود الافغانية - الباكستانية. وإعلان زعيمهم سراج الدين حقاني عدم امتلاكهم أي مخبأ في باكستان وأنهم يعملون من أفغانستان، ينبغي أن يجعل العالم أكثر حكمة حيال الدعاية الاميركية وحقيقة ادعاء السفير مونتر امتلاكه البرهان على اتصالات مجموعة حقاني بالحكومة الباكستانية. والحقيقة هي ان انصار حقاني في شمال وزيرستان ليسوا من الناشطين وأن ما من مبرر لتتحرك باكستان عسكرياً ضدهم. ووراء كل هذه الظلال والصراخ، تقف آلة الدعاية الاميركية التي تمتلك أدواتها بين وسائل الإعلام الاميركية والغربية ومراكز البحوث والتي تنفق بلايين الدولارات كل عام لتضليل العالم في شأن ما تنجزه السياسة الاميركية من أهداف؛ وهي مكلّفة بتشتيت الانتباه عن الهزيمة الاميركية في افغانستان والعثور على كبش فداء مقابل ذلك. * افتتاحية، «ذي نيشن» الباكستانية، 19/9/2011، إعداد حسام عيتاني.