تماسيح بحيرة الأربعين في مدينة جدة هل هي حقيقة أم خيال؟ من أين جاءت وكيف عاشت؟ أسئلة تشغل سكان جدة منذ نشرت صحيفة "البلاد" خبر وجود خمسة تماسيح في البحيرة المالحة. وبين التصديق بوجودها كما تثبته الصور المنشورة والتشكيك والتكذيب نظراً لاستحالة ذلك من الناحية العلمية، حيث التماسيح تعيش في مياه الأنهار العذبة، وجدت الأساطير بيئة خصبة للنمو والانتشار. أعضاء اللجنة العلمية التي شكلتها مصلحة الأرصاد وحماية البيئة لدراسة ظاهرة التماسيح، اعتبروا وجود تماسيح في بحيرة مالحة ملوثة خالية من الاوكسجين أمراً شاذاً يخالف الحقائق العلمية. لكنهم يفرقون بين وجود التمساح والدلفين، لأن وجود هذا الأخير قبل مدة في البحيرة نفسها، واصطياده ثم اطلاقه في البحر لم يكن مدعاة للعجب، لأن الدلافين تعيش في البحار. وبحيرة الأربعين تربطها قناة بالبحر الأحمر، ومن شبه المؤكد أن الدلفين عبر خلالها الى البحيرة. وأمام حيرة اللجنة العلمية إزاء حقيقة وجود التماسيح تساءلت الصحيفة التي نشرت الخبر في صفحتها الأولى: هل ننتظر الى أن تجف البحيرة لنتأكد من وجود التماسيح؟ القراء طالبوا بعدم قتل التماسيح النيلية طول أحدها 2.5 متر التي جاءت هبة من الله لبحيرة مالحة ميتة، بل استثمارها للجذب السياحي في مهرجان جدة الجاري. كلية علوم البحار في جدة تدخلت بدورها في القضية، فصرح عميدها في الصحف ان غذاء تماسيح الأربعين هو أقرب طفل على الشاطئ. أما مصلحة المياه والصرف الصحي فقد رد مديرها العام في احدى الصحف على أسئلة الأهالي بخصوص التماسيح، عبر الهاتف، الاثنين الماضي. الذين يعيشون قرب البحيرة شهدوا عائلة التماسيح مراراً، وأرشدوا المصور الصحافي الى رمي الدجاج في البحيرة لتطفو التماسيح التي تشم طعامها جيداً على السطح فيلتقط لها الصور. وهم زرعوا سيناريوهات التماسيح في البحيرة. ومن المحتمل أن يكون أحد مربي التماسيح ألقى بها صغيرة في البحيرة لتكبر وتتكاثر. أو أن تكون التماسيح تسللت من سفينة راسية عبر القناة الى البحيرة. وعيش التماسيح في بحيرة مالحة ربما مرده الى أن مياه المجاري العذبة الملوثة التي تصب في البحيرة، قد تكون مسؤولة عن بقاء التماسيح حية وتأقلمها مع الملح والتلوث. هواة الصيد لم تفتهم المناسبة، فتقدمت مجموعات منهم الى مكتب رعاية الشباب في جدة للحصول على إذن بصيد التماسيح. أما حرس الحدود فنصبوا في البحيرة مصيدة حديد تستخدم لصيد أسماك القرش، لمحاصرة عائلة التماسيح داخلها ثم القضاء عليها، لأنها خطر على الأطفال والعائلات التي ترتاد شاطئ البحيرة. وحتى يتم القبض على تلك التماسيح تتفاعل القضية إعلامياً واجتماعياً، وتتعدد المقترحات حول طرق رصدها والامساك بها ومصيرها بعد ذلك. رسامو الكاريكاتير وجدوا التمساح بديلاً لحيوان الضب الصحراوي الذي تربطه بالتمساح قرابة، ويعتبر مادة شهية لرسوماتهم وتعليقاتهم الطريفة. فإلى أين تقودهم قضية التماسيح بعد أن أفضت بهم الى فتح ملفات مياه المجاري والصرف الصحي ومصلحة الأرصاد وحماية البيئة في مدينة جدة؟!