تنفق 225 دولة وبلداً يتمتع بالحكم الذاتي ما يزيد على 60 بليون دولار سنوياً على تنظيم اجراءات الهجرة والدخول الى اراضيها ويتم تمويل غالبية هذه النفقات من الرسوم المستوفاة للحصول على تأشيرات الدخول عبر القنصليات والبعثات الديبلوماسية حول العالم او في مرافئ العبور نفسها. ولا تشكل هذه الأكلاف خسارة كبيرة للسلطات المحلية نظراً الى العائد المباشر وغير المباشر الذي تدرّه السياحة والتي تعتبر اكبر صناعة في العالم وتؤمن عشر اجمالي الدخل القومي للكرة الارضية. الا ان الخسارة الحقيقية يتحملها المسافرون الذين يضطرون الى هدر وقتهم واموالهم على المعاملات الادارية الخاصة بالتأشيرات والوقوف في طوابير الانتظار الطويلة عند المعابر الحدودية. وطرحت افكار كثيرة لتسهيل انتقال المسافرين، لا سيما رجال الاعمال الكثيري التنقل، في عصر يحتم فيه التحرير المتزايد للتجارة واطلاق حرية تنقل الافراد والسلع. وبين الافكار المقترحة اصدار جوازات سفر خاصة للمسافرين الذين يقتضي عملهم كثرة التنقل والسفر، او اعطاؤهم بطاقات بلاستيكية عليها شريحة ممغنطة تحمل كل المعلومات الخاصة بهم. الا ان الحل الامثل يبقى، كما شرع في دول كثيرة وبينها دول الاتحاد الاوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي، الاطلاق التدريجي لحرية التنقل عبر الحدود من دون الحاجة الى تأشيرات سفر. وكانت استراليا، منذ عامين، اول بلد في العالم يشرع في تطبيق نظام جديد يقضي على الصعوبات التقليدية التي تحتاجها المعاملات والاجراءات الورقية الخاصة بمنح تأشيرات الدخول. ومن شأن هذا النظام ان يسهّل عليها استقبال عشرة ملايين مسافر ينتظر قدومهم لحضور الالعاب الاولمبية سنة 2000 في سيدني. وبنت شركة "سي. بي. أس سيستم" وهي شركة استرالية يملكها مستثمرون عرب، اول نظام في العالم لمنح التأشيرات الالكترونية. ويتيح النظام اختصار الوقت اللازم لجميع معاملات الحجز والسفر ويسهل اتخاذ القرارات الخاصة بتنظيم الرحلات في مهلة وجيزة. وحذت ماليزيا اخيراً حذو استراليا في تطبيق نظام التأشيرة الالكترونية "ايتاس". ومن المنتظر ان تكون سلطات امارة دبي ثالث هيئة حكومية في العالم تتبنى تطبيق النظام الجديد الذي سيشرع في استخدامه ابتداء من ايلول سبتمبر المقبل لكل زوار الامارة. ومن ميزات النظام الجديد، الذي قالت مصادر في الشركة ل "الحياة" ان دولاً خليجية وعربية عدة تبحث في امكان اعتماده، هو انه يتيح للمسافر معالجة طلب تأشيرة الدخول في دقائق معدودة لدى شرائه تذكرة الرحلة من وكيل السفر، اذ يتم ادخال المعلومات الخاصة به في بنك معلومات يخزّن اسمه ورقم جوازه وجنسيته ووضعه العائلي وتاريخ الميلاد وبقية التفاصيل التي تطلبها ادارات الجنسية في كل بلد على حدة. ويتم بعد ذلك نقل المعلومة الى نظام كومبيوتر مركزي في الوجهة المقصودة للتدقيق فيها، وما ان يتم التحقق من صحة المعلومات حتى تعطى الموافقة لوكيل السفر او مكتب شركة الطيران الذي يكون بوسعه اصدار تأشيرة الدخول مع تذكرة السفر. ولدى وصول المسافر الى المطار لتسجيل أمتعته يتم ادخال اسمه في الكومبيوتر للتأكد من مطابقة التفاصيل مع التأشيرة الممنوحة وعندها يصعد الى الطائرة لتكون المعلومات الخاصة به قد سبقته الى البلد الذي يقصده حيث بوسعه لدى الوصول عبور نقاط الهجرة بسرعة فائقة بعد التحقق من تفاصيل تأشيرته. ولدى مغادرة المسافر البلد او انتقاله داخله يتم ادخال اسمه مرة اخرى في جهاز الكومبيوتر مما يسمح بالتحقق من صلاحية تأشيرته وعدم تخطيه مدتها المقررة. وقامت شركة "سيتا" وهي الناقل الرسمي لمعلومات انظمة الطيران واكبر شركة من نوعها في العالم للربط بين انظمة وشركات الملاحة الجوية بالمساعدة على تطوير نظام "بنك المعلومات" و"النظام المركزي" و"نظام المعالجة الالكتروني المسبق" وهي الأنظمة المستخدمة في اجراءات التأشيرة الالكترونية بالتعاون مع شركة "سي. بي. أس سيستم" الاسترالية. وتضمن "سيتا" التي تتعاون مع "آي. بي. ام" و"سيسكو" في بناء شبكات بروتوكول المعلومات والانترنت تتعامل مع 1.2 مليون طرفية الكترونية حول العالم، سرية وسلامة الانظمة المستخدمة في عملية منح التأشيرة حسب المواصفات التي تضعها كل حكومة على حدة. وعلمت "الحياة" ان "سي. بي. أس سيستم" التي سبق لها ان تولت بناء نظام الربط الالكتروني والبرمجيات الخاصة بوصل اكبر 50 مكتبة عامة في الولاياتالمتحدة تجري محادثات حالياً مع سلطات الهجرة الفيديرالية الاميركية والسلطات الكندية لبناء نظامين مماثلين يستجيبان لقوانين الهجرة الخاصة بكل من البلدين بعدما قررا اعتماد نظام التأشيرة الالكترونية في المرحلة المقبلة. وتقدر "سيتا" السوق المحتملة للتأشيرات الالكترونية حول العالم بنحو 300 مليون تأشيرة لرحلات دولية ذات اتجاه واحد سنوياً. ولا تستثمر الحكومات التي تتبنى هذا النظام اي مبلغ فيه، بل تستفيد من تطبيقه لخفض عدد موظفيها العاملين في مجال منح التأشيرات بنسبة 50 في المئة على الاقل. وتتولى الشركتان عبر "سي. بي. اس سيستم" ادارة النظام لصالح الحكومات المتعاقدة بكلفة ترواح بين عشرة و12 دولاراً لجميع المعاملات الالكترونية الخاصة بالتأشيرة، وهي كلفة متدنية مقارنة بخفض اكلاف الاجراءات الادارية وعوائد تطوير السياح. وفي ظل التوقعات التي تشير الى تضاعف حركة السفر حتى سنة 2010 ثلاثة اضعاف والضغوط لتسريع دخول وخروج المسافرين من المطارات فان الحجم المتوقع لسوق التأشيرات الالكترونية سيتضاعف من ثلاثة بلايين دولار مطلع العقد الجاري الى اكثر من عشرة بلايين دولار سنوياً سنة 2010. وقالت مصادر في الشركة ل "الحياة" ان العدد المتوقع للتأشيرات الالكترونية في بلدان الشرق الاوسط ومنطقة الخليج سيكون 40 مليون على الاقل مشيرة الى ان استخدام التأشيرة الالكترونية لن يقتصر فقط على المسافرين الاجانب بل ايضاً على المغتربين العائدين الى بلدانهم، وعلى رعايا دول مجلس التعاون والمقيمين فيها، وكذلك الامر في دول الاتحاد الاوروبي، في حال تطبيقه في منطقة الخليج واوروبا.