الحل الوحيد لمهرجان "ووماد للموسيقى العالمية" هو ان تأخذ معك خيمة وأدوات الاكل وكل ما تحتاجه للعيش في الهواء الطلق. ويمكن للانسان ان يغير طريقة الحياة، على الاقل في جو تحيط به الموسيقى، لمدة ثلاثة ايام. المكان الذي يجري فيه المهرجان يشبه قرية بأسواقها ومطاعمها وخيامها. الذين يريدون الحياة البديلة يقصدون مدينة ريدينغ القريبة من لندن كل سنة للمساهمة في "ووماد". فلقد تحول المهرجان خلال عشرين سنة من عمره الى أسلوب في الفن والحياة، وهذا يمتد الى قضايا البيئة والعالم الثالث، خصوصاً في ما يتعلق بالاعانات وتشجيع الفن ورواج الصناعات الافريقية واللاتينية. يرى المنظمون ان اي مهرجان يجب ان لا يدور في حلقة مفرغة، من المشاهدة الى الاستماع والمشاركة. الموسيقى لها تأثير ودور وهدف، حتى لو لم يكن ذلك مقصوداً او واضحاً. هناك عشرات المهرجانات الموسيقية هذا الصيف في لندن والمناطق المحيطة بها، واغلبها يركز على اسلوب معين يفرضه المشاركون الى حد ما. الا ان "ووماد" يتميز بأسلوب يبرز التبادل المنعش بين الفن والحياة. الافريقية تأتي بأجوائها، وكذلك الغناء العربي، ثم ان اللاتينية تجلب معها حيوية خاصة، والاوروبية لها اتباع وراقصون. لكن هذا الخليط الذي يهدف الى لقاء الفنانين من أنحاء العالم يتجاوز المظاهر الى مزج الناس مع بعضهم في الانغام المتنوعة: من السامبا الى الجاز، ومن الغجر الى الشيخات، ومن الراي الى كاليبسو والروك. المهرجان الذي يستمر من 24 الى 26 تموز يوليو الحالي يشبه قرية عالمية... أسواق كأنها من افريقيا: الثياب والصناعات التقليدية ثم الاسطوانات والطعام. اضافة الى الفرق التي تعزف انغامها من سبع أمكنة للعروض، والورشات التي تجري على الهامش لتدريب الشباب على العزف واشغال الصناعة التقليدية. نجوم هذا العام يتقدمهم عبدالله ابراهيم من جنوب افريقيا، وبنات حوريات من المغرب، وقدة شريف حضرية من الجزائر، ومارغريت منيز من البرازيل، ومريم موصال من الصومال، وفرقة باكو للفلامينكو من اسبانيا، وأوليفر موتوكونزي من زيمبابوي، وسافورنا ستيفنسون من اسكتلندا، وفلاكو جيمينيز وجلال نورالدين من الولاياتالمتحدة، ومجموعة اسطنبولالشرقية، وفرقة فاليرا ميراندا من كوبا، وفرقة فيذرليس من انكلترا، وغيرهم من الموسيقيين الذين يعزفون لعالم واحد. للمرة الاولى يشارك الجزائري قدة شريف حضرية، وهو من المطربين الذين يعتمدون في موسيقاهم على اكثر من مصدر ومنبع، اذ يميل في اغانيه الى المغربية، بينما تظل انغامه مرتبطة بالوهرانية في مسقط رأسه. ويستخدم ايضاً خليطاً من الآلات، مثل الكمان مع القيثارة، والساكسوفون مع الادوات المغاربية. واذا اعتبرنا ان حضرية يمزج بين الجاز والراي وموسيقى سالسا فكأن المغني ذو اسلوب خاص، الا ان اسطوانته "ديري كتابري" تعتبر جذابة الاسلوب، قوية الاداء، سواء في مواضيع الاغاني عن الحب والسعادة، أو في اجواء الحنين والذكريات الملحة. الصوت يظل قوياً، نافذاً في توصيل أدق الخلجات. وسبق للمغني المشاركة في المسرح، وفي وضع الحان للافلام. "بنات حوريات" مجموعة نسائية مغربية يقدمن الطرب الشعبي غالباً في الحفلات. الاغاني قد تكون مرتجلة حول موضوع معين يثير اهتمام النساء، او مقتبسة من مناطق الاطلس. وعادة ما يكون الاداء عن الحب والخيانة والتحرر من القيود. تقود المغنيات بآلة رئيسية هي "التعريجة" و "البندير" للايقاع، بينما يعتمدن على أداء صوتي قوي. وهذه المرة الثانية التي تحضر فيها المجموعة "ووماد"، وستقدم في المهرجان اسطوانة جديدة "افريقيا كرة القدم" مهداة الى ذكرى فريق زيمبابوي لكرة القدم الذي قتل أعضاؤه في حادث طائرة في العام 1963. احيانا تنجذب المجموعة الى مقطوعات تأملية، ما يجعل برنامج الحفلات غير متوقع تماماً، مثل كلمات الاغاني، محفوف بالغموض والمعاني والترفيه.