غزة، القاهرة، نيويورك - "الحياة"، أ ف ب، رويترز - رحبت السلطة الفلسطينية أمس الثلثاء باعلان مجلس الامن الذي دعا اسرائيل الى عدم تنفيذ مشروع القدس الكبرى لكنها طالبت بايجاد آلية تفرض تنفيذ القرار. وقال الأمين العام للحكومة الفلسطينية احمد عبدالرحمن في حديث لوكالة "فرانس برس" ان القرار "يشكل ادانة سياسية وأخلاقية للحكومة الاسرائيلية". واضاف "ولكن لا بد ان يكون مقدمة لقرار دولي يفرض على اسرائيل وقف نشاطاتها التوسعية والاستيطانية لأن هذه الحكومة الاسرائيلية لن تتراجع عن سياستها الاستيطانية في القدس وغيرها. هذه الادانة تفتقر الى وضع آلية تفرض على اسرائيل وقف تنفيذ قرارها". وكان مجلس الامن دعا في اعلان رئاسي تبناه بالاجماع ليل الاثنين - الثلثاء اسرائيل الى عدم تنفيذ مشروع القدس الكبرى الذي أقرته الحكومة الاسرائيلية الشهر الماضي لتوسيع القدس بغرض تعزيز الأكثرية اليهودية فيها في مواجهة العرب الذين يشكلون 30 في المئة من سكانها، وذلك عبر ضم مستوطنات يهودية في الضفة الغربية الى "بلدية القدس الكبرى". ووصف الأعضاء الخمسة عشر في مجلس الأمن قرار توسيع القدس بأنه "خطير وضار" ودعوا الدولة العبرية الى عدم تنفيذه. ودعا المجلس اسرائيل أيضاً الى "عدم اتخاذ أي خطوات أخرى من شأنها ان تستبق نتيجة مفاوضات الوضع النهائي" مع الفلسطينيين والتي من المقرر أن تكتمل بحلول أيار مايو 1999. وأوضح مجلس الأمن في بيانه أنه "سيواصل عن كثب متابعة الاجراءات الاسرائيلية". وتأخر صدور البيان ساعات عدة بينما كان الوفد الصيني ينتظر وصول تعليمات من بكين وكان استكمالاً ليوم كامل من المناقشات جرت في المجلس يوم 30 حزيران يونيو تحدث خلالها أكثر من 40 مندوباً انتقدوا خطة اسرائيل لتوسيع حدود القدس. وقال المندوبون ان اسرائيل ستوسع "مظلة السلطة" لتشمل مستوطنات اسرائيلية قريبة في الضفة الغربية وتغير التوازن السكاني في المدينة المقدسة وتعرض للخطر عملية السلام المتعثرة بالفعل في الشرق الأوسط. وتقول اسرائيل ان توسيع الحدود البلدية للقدس يستهدف تعزيز اقتصاد المدينة وبنيتها التحتية وان الخطة ستطبق على الشطر الغربي من المدينة داخل حدود ما قبل حرب عام 1967. وذكرت ان "مظلة البلدية" المقترحة لن تمد سلطتها الى المستوطنات الاسرائيلية بل تعمل على تنسيق الخدمات مع المجتمعات السكانية المحيطة. والولاياتالمتحدة التي انتقدت قرار اسرائيل توسيع حدود القدس كان من الممكن أن تستخدم حق النقض الفيتو لو أن مجلس الأمن أصدر قراراً ترى انه شديد للغاية في وقت تحاول فيه واشنطن اقناع اسرائيل بقبول اقتراحات بالانسحاب من مزيد من أراضي الضفة الغربية وتسليمها للفلسطينيين. وقال بيل ريتشاردسون مندوب الولاياتالمتحدة لدى الأممالمتحدة للصحافيين قبل صدور البيان "الولاياتالمتحدة كانت ستستخدم حق النقض ضد قرار يدين اسرائيل"، مشيراً الى أن اكتفاء المجلس باصدار بيان هو الصيغة المناسبة في الظروف الحالية. لكن اصدار المجلس هذا البيان يسجل ان كل اعضائه، بما فيهم الولاياتالمتحدة، يطلبون من اسرائيل ألا تمضي قدماً في خطتها اضافة الى أن ما ورد في البيان عن متابعة المجلس عن كثب للتحركات الاسرائيلية يفتح المجال أمام اتخاذ المجلس لمزيد من الاجراءات في هذا الصدد. ويؤكد البيان "أهمية وحساسية قضية القدس لكل الأطراف المعنية" ويعرب عن تأييده للقرار الذي اتفق عليه الفلسطينيون واسرائيل عام 1993 بتحديد مصير القدس خلال محادثات الوضع النهائي. وقال مجلس الأمن في فقرة رئيسية في بيانه انه "يعتبر قرار حكومة اسرائيل في الحادي والعشرين من حزيران يونيو 1998 اتخاذ خطوات لتوسيع الاختصاص القانوني والحدود الادارية للقدس تطوراً خطيراً وضاراً". وأضاف البيان: "لذلك فإن المجلس يناشد حكومة اسرائيل ألا تمضي قدماً في ذلك القرار وألا تتخذ أي خطوات تستبق نتيجة مفاوضات الوضع النهائي". ودعا البيان اسرائيل الى "التقيد بشكل دقيق بالتزاماتها ومسؤولياتها القانونية" بمقتضى اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 في ما يتعلق بحماية المدنيين في أوقات الحرب والتي تحظر بناء مستوطنات في الأراضي المحتلة وأوضح ان المجلس "سيواصل مراجعة الاجراءات الاسرائيلية". وأعرب المجلس في بيانه تأييده للجهود التي تبذلها الولاياتالمتحدة لاخراج عملية السلام من المأزق الذي دخلته وحث جميع الأطراف على التعاون بصورة ايجابية مع تلك الجهود. وأشار البيان الى "موافقة الجانب الفلسطيني من حيث المبدأ على المقترحات الأميركية وأعرب عن أمله بأن تستأنف محادثات الوضع النهائي بتحقيق تقدم من أجل التوصل الى سلام عادل وشامل" قائم على أساس قرارات المجلس السابقة التي تجسد مبدأ الأرض مقابل السلام. واقترحت الولاياتالمتحدة ان تنسحب اسرائيل من 13 في المئة من أراضي الضفة في اطار مرحلة انسحاب جديدة طال انتظارها ورفضت اسرائيل المقترحات الأميركية وقبلها الفلسطينيون. وقال دوري غولد المندوب الاسرائيلي لدى الأممالمتحدة ان بيان مجلس الأمن يتعارض مع اتفاقات أوسلو التي وقعتها اسرائيل مع الفلسطينيين عام 1993 والتي "تنص على أن تبقى القدس تحت سلطة اسرائيل وأن تناقش قضيتها في محادثات الوضع النهائي". أما ناصر القدوة المراقب الفلسطيني لدى الأممالمتحدة فقال ان البيان "هو مجرد خطوة" وأنه إذا لم تذعن اسرائيل لما طلبه منها المجلس "فسنعود إليه مرة أخرى". وأضاف للصحافيين ان الأمر لم يكن مجرد اختيار ما بين اصدار المجلس لقرار أم بيان "لكن التوصل الى طريق يؤدي الى اذعان اسرائيل وان كان طريقاً أطول ويحتاج مزيداً من الصبر من جانبنا". ورحبت الجامعة العربية بالبيان الصادر عن مجلس الأمن، وقال الأمين المساعد لشؤون فلسطين السفير سعيد كمال ان "البيان يشكل بداية قوية لحض إسرائيل على وقف كل الإجراءات التعسفية والتوسعية في مدينة القدس وتنفيذ قرارات مجلس الأمن واتفاقية اوسلو".