كشفت مصادر مطلعة في دمشق لپ"الحياة" امس ان وزارتي الخارجية السورية والعراقية تبادلتا خبراء "للاطلاع" و"معاينة" سفارة كل من البلدين في عاصمة البلد الآخر، مشيرة الى ان بغداد "طلبت أكثر من مرة استئناف العلاقات الديبلوماسية" المجمدة مع دمشق منذ العام 1980. في غضون ذلك قال وزير النفط العراقي عامر رشيد لپ"الحياة" انه اتفق ونظيره السوري المهندس محمد ماهر جمال، في ختام أول محادثات بين البلدين في هذا الشأن منذ 18 سنة، على اعادة تشغيل انبوب النفط العراقي - السوري الذي يمتد من كركوك الى بانياس. لكن اوساطاً معنية بشؤون النفط اتصلت بها "الحياة" من باريس اعتبرت ان اعادة تأهيل انبوب النفط وتشغيله ستكون صعبة على سورية والعراق. وأكد هذه الصعوبات السفير العراقي لدى منظمة "يونيسكو" في فيينا السيد عبدالأمير الأنباري الذي قدر متطلبات هذه العملية بأكثر من 80 مليون دولار، وتوقع ان تؤدي معاودة فتح انبوب النفط الى استئناف العلاقات الديبلوماسية بين العراق وسورية. وأوضح رشيد في دمشق انه وقع مع المهندس جمال "مذكرة تفاهم تضمنت التعاون في مجال النفط"، مشيراً الى ان التعاون يشمل ترميم أنبوب النفط المغلق منذ نيسان ابريل 1982 لضخ نحو 300 ألف برميل يومياً. وأفادت "رويترز" ان الاتفاق يشمل انشاء خط جديد لنقل النفط العراقي الى الموانئ السورية على البحر المتوسط، واقامة مصفاة نفط في بانياس بطاقة 140 ألف برميل يومياً. وتوقعت مصادر ديبلوماسية ان يبدأ الضخ في الانبوب في غضون ثلاثة أشهر بعد الانتهاء من ترميم القسم الموجود في الجانب السوري. واشارت الى ان بدء العمل يتطلب موافقة لجنة العقوبات علماً ان وزير النفط العراقي اعتبر ان ذلك "لا يحتاج الى موافقة اللجنة، لأن الأممالمتحدة وافقت في قرارات سابقة على اقرار الموانئ السورية معابر للتصدير والاستيراد" بموجب القرار 986. وقالت المصادر الديبلوماسية ان تلك الموافقة "تشمل البضائع والأدوية وليس تصدير النفط". وأوضحت مصادر مطلعة ان الاتفاق الذي توصل اليه الجانبان يتناول انبوب كركوك وابو كركر - بانياس وليس انبوب "تابلاين" الذي يمتد من السعودية الى لبنان مروراً بالاردن والجولان السوري. وقالت ل "الحياة" أوساط نفطية عالمية إن تمويل إعادة تأهيل أنبوب كركوك - بانياس وتشغيله سيكون صعباً بالنسبة إلى سورية والعراق. وصرح الأنباري إلى "الحياة" بأن هناك بالفعل صعوبات على صعيد التمويل الذي يتطلب 80 مليون دولار أو أكثر، لكن هذا المبلغ يمكن أن يغطى بعائدات اتفاق "النفط للغذاء". وأضاف الانباري، الذي عمل مدة طويلة في قطاع النفط ومثل بلاده في "أوبك"، ان أهمية إعادة فتح الأنبوب هي في المدى البعيد، و"صحيح ان العراق بحاجة ماسة إليه الآن، لكن هذه الحاجة ستكون أكبر عندما تصل طاقة العراق الانتاجية إلى ستة ملايين برميل في اليوم، وفي هذه الحال لن يكفي الخط التركي أو ميناء البكر لنقل مثل هذه الكمية". وتابع ان التمويل سيتوافر بمرور الوقت وأن العمل لمعاودة فتح الأنبوب يتطلب فترة تتوقف حاله في الجانب السوري. وذكر الأنباري أنه قبل توقف ضخ النفط العراقي إلى سورية، كانت دمشق حصلت على قرض عراقي قيمته نحو 20 مليون دولار لتوسيع المرافق النفطية في بانياس، لكن هذا لم يتحقق بسبب توقف ضخ النفط. وتوقع أن تؤدي معاودة تشغيل أنبوب النفط السوري - العراقي إلى تصدير نفط عراقي إلى لبنان