يرصد المغرب انعكاسات الاتفاق بين اسبانياوبريطانيا على الاستخدام العسكري لقاعدة جبل طارق اثناء مناورات حلف شمال الاطلسي في المنطقة، كونه يؤثر في مستقبل المفاوضات المرتقبة بين الرباطومدريد حول مدينتي سبتة ومليلة اللتين تحتلهما اسبانيا شمال البلاد، كذلك في معطيات التوازن الاستراتيجي في المنطقة. وكانت السلطات المغربية اكدت ان تسوية ملف الخلاف القائم بين اسبانياوبريطانيا حول مستقبل صخرة جبل طارق يفسح في المجال لتسريع المفاوضات بشأن مدينتي سبتة ومليلة. إلا أن التطورات الراهنة، على مستوى استخدام المنشآت العسكرية في جبل طارق في مناورات حلف شمال الاطلسي تلقي بظلال من الشك على ذلك الربط في وقت باشر المسؤولون المغاربة والاسبان حواراً خجولاً حول مستقبل المدينتين. وتستند مدريد في موقفها ازاء الوضع الخاص بجبل طارق، الى ان قاعدته العسكرية "بنيت على اراض اسبانية بطريقة غير مشروعة"، وبالتالي فان القيود التي تفرضها السلطات الاسبانية، لمنع اي طائرة تقلع من جبل طارق او تهبط فيه من دخول المجال الجوي الاسباني، تظل سارية المفعول. لكن وزير الخارجية الاسباني ابيل ماتوتيس وصف الاتفاق بأنه لا يتعارض مع استمرار المطالبة بحقوق السيادة الاسبانية على جبل طارق "وان كان يهدف الى تبسيط الوضع هناك استعداداً لدخول اسبانيا في البنى العسكرية الجديدة لحلف شمال الاطلسي والغاء القيادة العسكرية الاقليمية لجبل طارق". وكانت سلطات مدريد ترفض المشاركة في اي مناورات تستخدم خلالها قاعدة جبل طارق. وأثار الاتفاق ردود فعل في الاوساط الاسبانية. فطالبت كتلة المعارضة الاشتراكية في مجلس النواب بمثول وزير الخارجية ماتوتيس لاعطاء تفاصيل وافية عن الاتفاق، لكن الوزير الاسباني صرح اخيراً بأن الاتفاق المبرم مع بريطانيا "لا يطاول حقوق السيادة الاسبانية في جبل طارق ولا يعني رفع القيود العسكرية عن الصخرة". وتعزو المصادر المعنية انشغال المغرب بهذه التطورات الى التأثير الذي يمكن ان ينتج عن استمرار الخلاف الاسباني - البريطاني حول جبل طارق على مستقبل مدينتي سبتة ومليلة. فعلى رغم خلافاتهما ترتبط الرباطومدريد باتفاقات عسكرية تقضي بتبادل الخبرات واقامة المناورات والافادة من التعاون الامني والعسكري. وسبق للبلدين ان نظما مناورات عسكرية في المناطق المحاذية لمدينتي سبتة ومليلة. ويقول المغاربة ان التطورات السياسية التي آل اليها الوضع الدولي تنفي عن المدينتين المحتلتين طابع القاعدة الاستراتيجية، كما كان الحال ابان فترات الحرب الباردة. لكنهم يأملون بأن تتفهم اسبانيا هذا التطور وان تدخل معهم مفاوضات تقود الى بسط السيادة المغربية على المدينتين والابقاء على المصالح الاقتصادية والتجارية الاسبانية في المنطقة. وكانت الاجراءات التي عمدت اليها السلطات الاسبانية، لجهة اقامة جدار من الاسلاك الشائكة ونقاط الرقابة الالكترونية حول معابر المدينتين المحتلتين بحجة مكافحة الهجرة غير المشروعة، اثارت ردود فعل من جانب السلطات المغربية، فردت على ذلك بطرق غير مباشرة من خلال الاعلان عن تعليق اتفاق الصيد الساحلي المبرم بين المغرب وبلدان الاتحاد الاوروبي بمجرد نهاية فترته الراهنة، ما اثار ايضاً تساؤلات في مدريد حول مستقبل العلاقة مع المغرب التي تجتاز فترة مد وجزر. الى ذلك، بدأ رئيس حكومة الاندلس الاسبانية مانويل ايتشابيث امس زيارة للمغرب يبحث خلالها مع المسؤولين المغاربة الملفات ذات الاهتمام المشترك، خصوصاً الوضع في سبتة ومليلة وامكان البحث في تمديد اتفاق الصيد الساحلي بين الرباط والاتحاد الاوروبي، والجهود المبذولة للنهوض بالمحافظات الشمالية للمغرب، ضمن خطة يتبناها الاتحاد الاوروبي لاستبدال زرع الحشيش ومعاودة استصلاح الاراضي ومحاربة المخدرات. وذكر ان المسؤول الاسباني يلتقي اليوم رئيس الوزراء المغربي السيد عبدالرحمن اليوسفي، ووزير الخارجية الدكتور عبداللطيف الفيلالي، ووزير الزراعة والصيد البحري السيد الحبيب المالكي.