القاهرة، واشنطن، نيويورك - "الحياة"، رويترز، أ ف ب - قام الرئيس حسني مبارك أمس بزيارة سريعة وفجائية لليبيا جواً حيث التقى العقيد معمر القذافي بعد اذن من الأممالمتحدة التي تفرض حظراً جوياً على طرابلس منذ 1992 الا في حالات استثنائية، منها الحالات الصحية. وصرح ديبلوماسيون في نيويورك بأن الرئيس المصري توجه بالطائرة الى طرابلس بعد اذن من الاممالمتحدة في استثناء للحظر الجوي المفروض على ليبيا. واوضح هؤلاء ان لجنة العقوبات التابعة للامم المتحدة أعطت موافقتها أول من امس على طلب تقدمت به مصر في هذا الصدد. وأعلن مسؤول في مجلس الأمن القومي الأميركي ان زيارة مبارك لليبيا جواً لا تعتبر خرقاً للحظر الدولي، مشيراً الى طلب القاهرة اذناً من لجنة العقوبات وحصلت عليه. في مقابل ذلك، قال مسؤول في الخارجية ان سفر مبارك الى ليبيا جواً، بعد اذن من الاممالمتحدة، يؤكد ان قرار الحظر الجوي "له الأسبقية" على قرارات صدرت عن هيئات اقليمية اخرى مثل القرار الاخير الذي صدر عن منظمة الوحدة الافريقية وتجاهل القرار الدولي. ورغم ذلك، عبرت مصادر اخرى في ادارة الرئيس بيل كلينتون عن عدم ارتياحها ازاء الرحلة، لكنها اقتنعت بحقيقة ان مصر لا يمكنها قطع علاقاتها مع دولة جارة. وأضاف المسؤول الاميركي، ان مبارك "قام بخطوته بطريقة مغايرة لما فعله الافارقة ... وهذه الخطوة تشير الى ان قرار مجلس الأمن له الاولوية على قرار المنظمة الافريقية". ووصف وزير الخارجية المصري السيد عمرو موسى الزيلرة بأنها "تدخل في اطار التقاليد العربية والنواحي الانسانية". وقال موسى ل"الحياة" في نيويورك التي وصل اليها امس للاجتماع مع الامين العام للامم المتحدة كوفي انان ان مصر ابلغت مجلس الامن عزم الرئيس المصري السفر الي ليبيا على متن طائرة مصرية تقل وفداً طبياً وادوية. واعتبر ان هذه الخطوة لاتشكل خرقاً لقرار الحظر الجوي على ليبيا "ولايقصد بها خرق القرارات... وليست جزءا من التهديد" الذي صدر عن القمة الاخيرة. وقال موسى ان محادثاته مع انان تشمل جولة افق في قضايا مختلفة، من الشرق الاوسط الى القرن الافريقي مروراً بعملية السلام وموضوع ليبيا. ورافق وفد طبي الرئيس مبارك الذي توجه مباشرة الى مطار البيضاء 200 كيلومتر غرب طرابلس للاطمئنان على صحة القذافي بعد جراحة أجراها لمعالجة كسر في عظمة الفخذ لحق به قبل ايام اثناء اجرائه تمارين رياضية. وتأتي زيارة مبارك بعد يومين من قيام الرئيسين التشادي ادريس دبيوالنيجري ابراهيم مينا سارا بالسفر الى البيضاء جواً، في ما اعتبر أول انتهاك للحظر الجوي على ليبيا. ولم يعرف ما إذا حصل الرئيسان على إذن مسبق من الأممالمتحدة. يذكر ان الولاياتالمتحدة اتهمت النيجر بخرق الحظر بسبب سماحها بهبوط طائرة العقيد القذافي في العاصمة نيامي في نيسان ابريل الماضي. كما وجهت التهمة ذاتها الى مصر بسبب سماحها بعبور طائرات ليبية نقلت حجاجاً الى السعودية في موسم الحج خلال الاعوام السابقة. وبث التلفزيون الليبي تغطية مباشرة من مطار الابرق قرب مدينة البيضاء لوصول طائرة الرئيس المصري ثم لقائه القذافي. ونقل لقطات للقاء مبارك والقذافي الذي كان جالساً على مقعد متحرك في غرفة اجتماعات في مبنى رسمي في البيضاء. وعرض ايضاً لقطات لمجموعة من الأطباء المصريين كانوا على متن طائرة مبارك وهم يتوجهون للاجتماع بالاطباء الليبيين الذين أجروا الجراحة للقذافي. وفحص الأطباء صوراً بالاشعة السينية للفخذ المصاب وصرح طبيب ليبي بأن العملية أجريت في مستشفى متنقل بعد 14 ساعة من حدوث الكسر. وتعود آخر زيارة قام بها مبارك لطرابلس الى حزيران يونيو 1997 والأولى التي يقوم بها جواً منذ الحظر الجوي. وحضر القذافي قمة عربية في القاهرة في حزيران 1996 بعدما وصل الى العاصمة المصرية بالطائرة منتهكاً الحظر. وضم الوفد المرافق لمبارك كلا من وزيري الدفاع المشير حسين طنطاوي والاعلام صفوف الشريف ورئيس الديوان الجمهوري الدكتور زكريا عزمي ومستشاره السياسي الدكتور أسامة الباز، اضافة الوفد الطبي. واعتبر الامين العام للجامعة العربية الدكتور عصمت عبدالمجيد توجه الرئيس مبارك بطائرته الى ليبيا "دعماً للتضامن العربي في مواجهة التحديات وتعزيزاً للعمل العربي المشترك"، مشيداً بالخطوة التي قام بها الرئيس مبارك. وقال، في تصريح: "العقوبات المفروضة على ليبيا ظالمة ولا يجب استمرارها لأنها تعبر عن ازدواجية المعايير بعد قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي في اذار مارس الماضي بقبول اختصاصها بالنظر في قضية لوكربي".