بتعيينه الفنان حسين فهمي رئيساً لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي ، انقذ وزير الثقافة المصري فاروق حسني دورة المهرجان المقبلة الحادي والعشرين من احتمال إلغائها، خصوصاً بعد تهديد الفونس ألفونس بريسون سكرتير عام الاتحاد الدولي لمنتجي الافلام السينمائية الذي يشرف على تنظيم المهرجانات السينمائية في العالم ويمنحها الشرعية، وذلك لاستمرار ادارة المهرجان بإرسال المكاتبات باسم رئيسه الراحل سعد الدين وهبه ولمدة اربعة اشهر بعد رحيله. وعلى رغم إنقاذ الدورة من الإلغاء وتولي حسين فهمي الرئاسة، إلا ان المهرجان ما زال يعاني مشاكل عدة شأنه شأن باقي المهرجانات السينمائية المصرية: المهرجان القومي للسينما المصرية، ومهرجان الاسكندرية السينمائي الدولي لسينما البحر الابيض المتوسط، ومهرجان الاسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والروائية القصيرة. لم يتحدد بعد مقر خاص بإدارة مهرجان القاهرة السينمائي، وهذه اولى المشاكل التي واجهت فهمي كرئيس للمهرجان الذي كان يدار سابقاً من خلال مقر اتحاد الفنانين العرب برئاسة سعدالدين وهبه رئيس المهرجان، لذلك اضطر فهمي غير مرة الى الاجتماع بمجلس أمناء المهرجان في أحد فنادق القاهرة. واصدر فهمي قرارات عدة تحسب لصالح المهرجان بدأت بإعلان ترحيبه بمشاركة السينما الايرانية، وتأكيده على رفض مشاركة اسرائيل، وإلغائه ما كان يسمى باللجنة العليا للمهرجان واستبدالها بمجلس امناء المهرجان الذي يضم نخبة كبيرة من الفنانين أمثال نجلاء فتحي ويسرا وميرفت امين وليلى علوي ومحمود ياسين وسمير سيف وعزت العلايلي، وذلك على نقيض ما كانت تضمه اللجنة العليا التي كان معظم اعضائها من الصحافيين المسؤولين عن الصفحات الفنية في الصحافة المصرية. وبالاضافة الى الفنانين السابق ذكرهم ضم فهمي رجلي الاعمال نجيب ساوريرس ومحمد ابو العينين رئيسي مجلسي ادارة شركتي الانتاج السينمائي اللتين تأسستا أخيرا برأس مال قدره 200 مليون جنيه مصري لكل منهما. وانجز فهمي هذه الخطوة في اطار خطته الخاصة بتمويل المهرجان ذاتياً من خلال دعم رجال الاعمال له، خصوصا بعد ان قرر إلغاء الصفة التجارية للمهرجان الذي كان يعتمد في تمويله على الايرادات التي كان يحصل عليها من خلال العروض التجارية لعشرات الافلام المتضمنة مشاهد جنسية جريئة. غير ان هناك أموراً فنية عدة اخرى تواجه فهمي لم يتم حسمها بعد لعل اهمها غياب الهدف من اقامة المهرجان، وهو امر طالما قوبل بانتقاد شديد من فنانين مصريين في مقدمهم المخرج داود عبدالسيد الذي اقترح ان يكون الهدف الرئيسي لإقامة المهرجان هو الارتقاء بالسينما المصرية فنياً وانتاجياً وذلك من خلال انتقاء الافلام المشاركة بعناية واقامة سوق حقيقية للانتاج السينمائي على هامش المهرجان، وليس سوقاً لبيع الافلام كما كان يحدث في الماضي. كذلك فإن مهرجان القاهرة السينمائي الدولي هو المهرجان الدولي الوحيد في العالم الذي تعرض افلامه على الرقابة مسبقاً، وهو امر اعتبره البعض مسيئاً للمهرجان، لأن الرقابة تمارس عليه نوعاً من الوصاية ليست من حقها. والبعض الآخر ابدى دهشته من منطق الرقابة المصرية من افلام المهرجان، فهي تسمح بعرضها لمدة اسبوعين خلال المهرجان ثم تمنعها باقي أيام السنة. هذا عن مهرجان القاهرة السينمائي، اما المهرجان القومي للسينما المصرية الذي تنظمه وزارة الثقافة المصرية، ويعد بمثابة جوائز "سيزار" للسينما المصرية، فإن مستقبله ما زال غامضاً ولم يحدد بعد. وكان وزير الثقافة المصري فاروق حسني اعلن عن إلغائه بسبب غضبه من تغيب الفنانين عن حضور حفلة الختام، ما جعله في موقف محرج، خصوصا ان ايا من الفنانين الفائزين لم يحضر لاستلام جائزته. وتبع ذلك استقالة سمير غريب مدير المهرجان ومدير صندوق التنمية الثقافية المنظمة له. وعلى رغم تراجع وزير الثقافة عن قراره امام مطالبة الفنانين باستمرار المهرجان، لكن يبدو ان المهرجان لن يقام هذا العام وربما في الاعوام المقبلة. فموعده كان في النصف الثاني من شهر نيسان ابريل الماضي، ولم يتقرر بعد اي شيء في خصوص اقامته وتردد ان الناقد مصطفى درويش رئيس لجنة السينما في المجلس الاعلى للثقافة طلب اخيرا من وزير الثقافة ان يوكل مهمة الاشراف على تنظيم المهرجان الى اللجنة، فيما يتولى صندوق التنمية الثقافية التمويل المادي للمهرجان... غير ان شيئاً في هذا الخصوص لم يحدث. وابدت الاوساط السينمائية المصرية تخوفها من ان يلحق المهرجان القومي بسلفه "مهرجان الاسماعيلية الدولي للافلام التسجيلية والروائية القصيرة" المتوقف منذ ثلاث سنوات من دون بادرة امل في إعادة الحياة اليه، خصوصا في ظل التجاهل الاعلامي لنوعية الافلام التي يختص بها المهرجان وكانت بمثابة رئة يتنفس من خلالها صناع هذه الافلام. وكان المهرجان توقف بسبب عدم وجود صالات عرض سينمائية لائقة بمهرجان دولي في مدينة الاسماعيلية، واعلنت وزارة الثقافة عن نيتها نقل المهرجان الى مدينة اخرى يتوافر فيها مثل هذه الصالات، غير ان ثلاث سنوات انقضت من دون اختيار مدينة اخرى. اما في خصوص مهرجان الاسكندرية السينمائي الدولي الذي تخصص رسمياً في سينما البحر الابيض المتوسط، فما زال يعاني ومنذ سنوات من مشكلات عدة اهمها مسألة تمويل المهرجان. فالجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما المنظمة له ليس في امكانها تمويل المهرجان وتعتمد في ذلك على الدعم الذي تقدمه وزارة الثقافة نحو مئة الف جنيه مصري ومحافظة الاسكندرية ووزارة السياحة، بالاضافة الى الحفلات الغنائية التي ينظمها المهرجان في الافتتاح والختام، ويسوقها على شرائط فيديو كاسيت لمحطات فضائية عدة. ويصف بعضهم المهرجان بأنه مهرجان للاقارب والاصحاب لأنه يقام في فندق وتعرض الافلام المشاركة فيه في صالة عرض داخل الفندق نفسه... ما يفقد المهرجان فعاليته وتواصله مع الجمهور العادي والمتخصص. كما ان المهرجان ما زال، وعلى رغم مرور نحو 15 عاماً على تأسيسه، حائراً بين كونه مهرجاناً اقليمياً متوسطياً او مهرجاناً دولياً. فالمسابقة العامة للمهرجان تقتصر على دول البحر الابيض المتوسط، في حين تقبل مسابقة العمل الاول الافلام من جميع دول العالم. ويمتد الامر ليشمل تكريمات المهرجان، فمع انه متوسطي الا انه يكرم مخرجين من الهند وبولندا مثلاً. كما ان المهرجان اصبح يعاني قلة الافلام الجيدة للمشاركة فيه سواء كانت اجنبية او عربية، ويرجع ذلك الى الانتكاسة التي تعرض لها في غير دورة وكادت تتسبب في ايقافه ما افقده بعضاً من مصداقيته وجعل الناقد احمد الحضري يستقيل من رئاسته العام الماضي، فتم اسناد مهمة ادارته الى الناقد رؤوف توفيق الذي اقترح ان يسند منصب رئيس المهرجان الى احد الفنانين لمدة دورة واحدة، يتم بعدها اختيار فنان آخر للمهمة نفسها. وفعلاً اختير الفنان نور الشريف لرئاسة الدورة المقبلة التي ستقام في اب اغسطس المقبل، غير ان الشريف عاد وتراجع عن موافقته رئاسة المهرجان بعد اسبوع واحد من قبوله الامر. وارجع ذلك الى ارتباطه بعروض مسرحية في الفترة ذاتها التي يقام فيها المهرجان... وعاد منصب رئيس المهرجان الى رؤوف توفيق من جديد.