الحلاج باح الحلاّج بما يضمره ذاهباً الى الأصل عبر استدارة حبل المشنقة قطعتُ مزقةً من ثوبه فغطتني من رأسي حتى أخمص قدميّ منذ سنين رميتُ باقة وردٍ من أعلى الحائط ولا تزال منها شوكة في راحتي تخزّني من الحلاّج تعلّمت صيد السباع فغدوتُ أجوع من أسدٍ كنت مهراً جذلان تكسرني لمسة من يده على الرأس جاءه احدهم عارياً كان الجو بارداً وكان ثمة معطف يطفو في النهر قال: "اقفز لتحصل عليه"! انتَ غطستَ فبلغتَ المعطف وبلغك المعطف كان المعطف دبّاً حيّاً سقط في أعلى المجرى وانساب مع التيّار "كم من الوقت مضى" صاح الحلاّج من الضفّة؟ "لا تنتظر!" أجبت "هذا المعطف قرّر ان يلبسني في البيت" هذا جزء يسير من القصة، لمح. هل تحتاج الى مواعظ مسهبةٍ عن الحلاّج؟ امرؤ القيس كان ملك العرب امرؤ القيس بالغ الوسامة وشاعراً مسكوناً بقصائد غزله عشقته النساء طرّاً بلا أملٍ حتى جرى له ما جرى ذات يوم فغيّره تماماً هجر مملكته وعائلته مرتدياً ثياب الدراويش هائماً من موضع الى آخر ومن سماءٍ الى اخرى الحبّ احتوى ذاته الملكيّة وقاده الى تبوك فاحترف هناك زمناً صناعة الآجرّ احدهم حدث ملك تبوك عن امريء القيس فقدم الملك لزيارته مشتملاً بالليل "يا ملك العرب يا يوسف زماننا الجميل ويا سيّد المملكتين: الأرض والنساء يشرّفني اذا رغبتَ في البقاء هانئاً معي فقد هجرت الممالك الى ما يفوق الممالك"؟ قال الملك مطنباً في مديحه لامريء القيس معرّجاً على الشريعة والفلسفة بينما كان امرؤ القيس صامتاً فجأة انحنى هامساً في أذن الملك وسرعان ما غدا الملك ضلّيلاً كامريء القيس ارتحلا معاً خارج المدينة لا نُطقُ ملكيّة ولا عروش هذا ما يفعله الحب وما سيفعله الحبّ عذب كالعسل للكبار وكالحليب للأطفال انه الحمل الثقيل الاخير الذي يقلب السفينة هكذا جالا في الصين كطيرين يلتقطان الحَبّ نادراً ما تكلّما فالسرّ اعظم مما يفوهان به سرّ الحبّ القاطع، بضربة واحدة، مئات الآلاف من الرؤوس لو نطقا به مسرورين او مهمومين الحب الذي كالأسد يرعى في مراعي الروح عندما يقتر سيف هذا السرّ انه الموت الأعذب من كلّ حياة حقاً... كلّ ما يريده سلطان هذا العالم هذا هو الضعف لذا تحدّث هذان الملكان بصوت خفيض وباحتراس وحده الله يعرف ما تفوّها به كلمات لا ينطقها أحد لغة كلغة الطير غير انّ بعض الناس جاروهما فتعلّموا بعض نداءات الطير وكسبوا ما يزينهم في الحياة! ترجمة: عبدالكريم كاصد