تزعّم ممثل نيويورك في مجلس النواب الاميركي، بنجامين غيلمان، المسؤول الأول عن اصدار القانون الذي يفرض العقوبات على ايران وليبيا منذ عامين، هجوماً شن على قرار الادارة الاميركية غض النظر عن نية شركة النفط الفرنسية توتال وشركتين أخريين الاستثمار في حقل ساوث بارس الايراني. واتهم النائب الجمهوري، الموالي لاسرائيل، في جلسة اصغاء عقدتها لجنة العلاقات الدولية في مجلس النواب الاميركي برئاسته، الادارة الاميركية بأنها تخلت عن تنفيذ أحكام القانون عندما تم "إعفاء شامل لكل المشاريع الايرانية والليبية في المستقبل". وذلك في نهاية اجتماعات القمة التي عقدتها الولاياتالمتحدة مع دول الاتحاد الأوروبي الشهر الماضي. واتهم النائب الادارة الاميركية ايضاً بأنها لم تحصل إلا على القليل لقاء تنازلاتها وغض النظر عن تطبيق القانون. لكن ستيوارت ايزنستات، وكيل وزارة الخارجية الاميركية المكلف الشؤون الاقتصادية، دافع عن قرار الادارة الاميركية بإعفاء "توتال" من ضرورة تطبيق أحكام القانون الاميركي، وإعفاء شركة "غازبروم" الروسية و"بتروناس" الماليزية على النحو نفسه. وقال أمام اللجنة: "إن الادارة الاميركية خلصت الى ان العقوبات لن تكون فعالة بسبب عدم وجود استثمارات للشركات الفرنسية والروسية والماليزية المشار اليها في الولاياتالمتحدة، علماً بأن الادارة الاميركية حاولت على مدار أشهر وعلى أعلى المستويات حمل فرنسا وروسيا وماليزيا على الضغط على الشركات الثلاث لحملها على الانسحاب من الصفقة الايرانية". وقال المسؤول الاميركي أمام اللجنة: "ان استخدام العقوبات أو فرضها كان سيبدو وكأنه بندقية تطلق عيارات فارغة، وكأننا تورطنا في برنامج يتناول استخدام ما لا يمكن ان يجدي". وأشار المسؤول الى ان "توتال" تخلصت من معظم ما كان لها من موجودات في الولاياتالمتحدة، وألغت "غاز بروم" من جهتها، ومن دون اتفاق أو تشاور، مذكرة تفاهم بقيمة 750 مليون دولار مع "بنك التصدير والاستيراد" الاميركي، بينما لا تمارس "بتروناس" أي نشاط في السوق الاميركية. وقال ايزنستات ايضاً: "ان الاعفاء الاميركي مكّن الادارة الاميركية من الحصول على تنازلات من الأوروبيين والروس من شأنها ان تحسن مستوى التعاون الدولي في مجال حرمان ايران من القدرة على امتلاك اسلحة الدمار الشامل". ولم يفصح ايزنستات في شهادته عما اذا كانت الادارة الاميركية مستعدة لاعطاء اعفاءات اضافية تسمح لشركات النفط بزيادة نشاطها في قطاعي النفط والغاز الايرانيين. وكانت شركة "موبيل اويل" أول شركة طلبت السماح لها بمقايضة نفط منطقة بحر قزوين بنفط ايراني خام على اساس اسعار السوق. والمعلوم ان قانون العقوبات الاميركي يستثني مقايضات من هذا القبيل. وعلى رغم دفاع ايزنستات عن الاعفاء الذي منحته حكومته على اعتبار انه أداة سياسية مهمة، شدد على ان سياسة الادارة الاميركية حيال ايران لم تتبدل. وقال: "لم يتبدل قلقنا حيال ايران فهي تواصل تطوير أسلحة الدمار الشامل والانظمة التي تطلقها، وتواصل دعم الجماعات الارهابية ... ونحن لا نؤيد قيام الأوروبيين أو شركات اجنبية اخرى بالاستثمار في ايران فيما تنشط على نحو مخالف للأنظمة والتقاليد الدولية المقبولة، وسنواصل منع الشركات من الاستثمار في ايران". واضاف: "ان من الامور المهمة ان الأوروبيين دعموا سياسة ادارة الرئيس كلينتون وأيدوها والتي تتناول مد عدد من خطوط الانابيب لنقل النفط والغاز الطبيعي من منطقة بحر قزوين، وان الأوروبيين ادركوا أهمية مد أو فتح رواق شرقي - غربي عبر منطقة قزوين توضع فيه خطوط الانابيب. والمعلوم ان ادارة الرئيس كلينتون تروج منذ فترة لفكرة مد عدد من خطوط الانابيب، ولفكرة الرواق الشرقي - الغربي بغية الحؤول دون عبور أي نفط أو غاز من منطقة بحر قزوين الأراضي الايرانية. وقال ايزنستات: "ان من شأن مد خطوط الانابيب عبر الأراضي الايرانية ان يمنح ايران إمكانية خنق التطورات الاقتصادية والسياسية والتحكم فيها في منطقتي القوقاز وآسيا الوسطى". وبالإضافة الى ذلك، أشارت الادارة الاميركية الاسبوع الماضي الى انها على استعداد لدعم فكرة مد عدد من خطوط الانابيب بالتمويل. وفي مؤتمر عقد في اسطنبول تناول نفط منطقة بحر قزوين أعلن وزير الطاقة الاميركية فيديريكو بيتا عن بلورة "مبادرة بحر قزوين" لدعم مشاريع خطوط الانابيب وللقيام بدراسات جدوى والمساهمة في دعم رؤوس أموال القطاع الخاص المطلوبة لمد خطوط الانابيب. وسيشارك في هذه المبادرة "بنك التصدير والاستيراد" وهيئة الاستثمارات الخاصة الخارجية والقسم المسؤول عن تطوير التجارة الاميركية. ويُذكر ان المبادرة هي ترجمة مالية لقرار الادارة الاميركية الذي اتخذته في تشرين الأول اكتوبر 1995 لدعم فكرة تعدد خطوط الانابيب الخارجة من منطقة بحر قزوين سياسياً. وتدعم الولاياتالمتحدة مد ثلاثة خطوط أنابيب، الأول طوله 1030 ميلاً ينقل النفط من باكو عبر جورجيا الى ميناء سيحان التركي ويكلف 2.5 بليون دولار، والثاني يغذي الخط من باكو طوله 150 ميلاً ويمدد تحت مياه بحر قزوين ويتغذى بالنفط من كازاخستان وتركمنستان ويكلف، على حد ما يذهب اليه بعض التقديرات، بليوني دولار بسبب المضاعفات الناشئة عن براكين الطين التي تنفجر تحت الماء، والثالث بطول ألفي ميل ينقل الغاز الطبيعي من شرق تركمنستان وتحت مياه بحر قزوين وعبر أراضي اذربيجانوجورجيا الى تركيا ويكلف على الأقل ثلاثة بلايين دولار اخرى. ولم يتأكد مقدار الدعم المالي الاميركي لهذه الخطوط أو ما سيكون عليه شكله. واعترف ناطق بلسان "بنك التصدير والاستيراد" بأن أحداً لا ينظر حالياً في أي مشروع معين محدد، لكنه قال: "من الممكن ان الوقت حان للنظر في المشاريع بفضل التقدم الذي أحرزته جمهوريات بحر قزوين في سبيل ارساء البنى التحتية المالية والقانونية الضرورية لهذه المشاريع". لكن المحللة في مؤسسة "بتروليوم فاينانس كومباني" جوليا ناني شككت في امكان بدء النظر في مشاريع محددة. ووصفت مبادرة بحر قزوين بأنها "الجهود الأخيرة" من الادارة الاميركية للترويج لسياسة لم تنجح في اقناع شركات النفط الالتزام بدفع بلايين الدولارات اللازمة لمد خطوط الانابيب المطلوبة. وقالت: "ان من المشاكل المهمة التي تعترض السياسة الاميركية عدم وجود سوق للنفظ الذي تفكر الشركات في تصديره عبر خطوط الانابيب المقترحة".