مر قطاع المنسوجات والألبسة التونسي في مرحلة انتقالية بعد انتهاء العمل بالامتيازات التي كانت تونس حصلت عليها من الاتحاد الأوروبي بموجب اتفاقات قطاعية تحمي صادراتها من منافسة المنسوجات والألبسة الآسيوية. ويقضي اتفاق الشراكة الذي توصلت اليه تونس والاتحاد عام 1995 والذي اصبح نافذاً منذ آذار مارس الماضي، بالغاء الرسوم الجمركية في الاتجاهين وصولاً الى انشاء منطقة للتبادل الحر سنة 2010، ما أدى الى انهاء العمل بكل الاتفاقات التفضيلية. ويتعين على مصانع المنسوجات والألبسة المحلية التي يقدر عددها بپ1700 مصنع ان تواجه وضعاً جديداً لم تعتد عليه، وتتكيف مع استحقاقات المنافسة الأوروبية والآسيوية المكتسحة للسوق والتي اخذت سلعها تنتشر في الأسواق الاسبوعية. وعلمت "الحياة" ان مكتب الدراسات الأوروبي "غيرزي" المتخصص بقطاع المنسوجات والألبسة تعهد اخيراً اعداد دراسة استراتيجية عن القطاع ستعلن نتائجها خلال الأيام المقبلة. وتقارن الدراسة نوعية المنتجات التونسية وأسعارها بمنتجات 7 دول منافسة لها في أوروبا وآسيا والمنطقة المتوسطية. وأعلنت مجموعات صناعية ألمانية انها تنتظر نتائج الدراسة للبت بمشروع ضخم يهدف الى اقامة تعاون ثلاثي في قطاع المنسوجات والألبسة يشمل تونسيين وألماناً وإيطاليين. وساعد موقع تونس الجغرافي القريب من أووبا على صمودها في وجوه المنتجات الآسيوية المنافسة. الا ان قطاع المنسوجات المحلي تراجع مطلع التسعينات، ووصل التراجع احياناً الى نسبة 15 في المئة. لكنه عاود التحسن في الأعوام الاخيرة وحقق نمواً بطيئاً قدرت نسبته بپ7 في المئة. ووفقاً لاحصاءات رسمية صدرت تونس العام الماضي ما قيمته 2.6 بليون دينار 2.3 بليون دولار من المنسوجات والألبسة. وحددت خطة التنمية الحالية 1997 - 2001 هدفاً يهدف الى رفع حجم صادرات القطاع الى 4.5 مليون دينار. الا ان خبراء اقتصاديين استبعدوا تحقيق هذا الهدف اذ ان التقديرات وضعت في مرحلة ازدهار القطاع وكذلك بسبب تزايد المنافسة الآسيوية في الاسواق الأوروبية التي تستأثر بپ80 في المئة من صادرات تونس وتتركز على أربع دول هي ايطاليا وألمانيا وفرنسا وبلجيكا. عملات صعبة ويؤمن قطاع المنسوجات 50 في المئة من حاجات البلد الى العملات الصعبة. ويقدر متوسط ايرادات القطاع بپ284 دولاراً لكل فرد من السكان، فيما تؤمن مصانع المنسوجات 250 الف فرصة عمل و70 في المئة من الحجم الاجمالي للصادرات الصناعية التونسية. وكانت دراسة شاملة اعدها "مركز تطوير مصانع المنسوجات" التونسي اسفرت عن ترشيح 24 مصنعاً كبيراً من اصل 1700 مصنع للمنسوجات والألبسة لتلقي مساعدات من المصارف لتحديث جهازها الانتاجي وتأهيل كوادرها وعمالها. وشارك في وضع الدراسة خبراء المركز بالتعاون مع 13 مكتب استشارات محلي و6 مصارف تونسية وخبراء دوليين في التسويق ومراكز فنية فرنسية متخصصة. وقدرت الدراسة كلفة تنفيذ خطة التأهيل في القطاع بما يزيد على 26 مليون دينار 27 مليون دولار بينها 21 مليون دولار ستخصص لشراء تجهيزات وآلات متطورة و3 ملايين دولار للحصول على تكنولوجيا متقدمة و3 ملايين دولار اخرى لتأهيل الكوادر والعمال. وأوضحت الدراسة ان المصانع الپ24 المعنية بالخطة ستؤمن 10 ملايين دولار بواسطة امكاناتها الذاتية وستقترض 11 مليون دولار من الجهاز المصرفي، فيما سيؤمن صندوقان لدعم المؤسسات الصناعية المبلغ المتبقي اي 6 ملايين دولار. وقال مسؤولون في "مركز تحديث مصانع المنسوجات" ان الخطة تشمل تأهيل 15 الف كادر وعامل ماهر، اي 9 في المئة من العدد الاجمالي للعاملين في القطاع. وأشاروا الى ان تحديث المؤسسات الصناعية في القطاع والتي يقدر عددها بپ1700 مؤسسة سيستغرق عشرة أعوام. ولعل صعوبة المنافسة في الاسواق الأوروبية هي التي حملت الصناعيين التونسيين على الاتجاه اخيراً الى التفتيش عن اسواق جديدة لصادراتهم من الألبسة والمنسوجات في القارتين الافريقية والأميركية. مجمع اعلاني واتفق اخيراً رجال اعمال تونسيون وأميركيون على انشاء مجمع اعلاني مشترك كلفوه تنظيم حملة اعلانية لترويج المنسوجات المحلية في الاسواق الاميركية قبل نهاية السنة الجارية. ويقضي الاتفاق بترويج السلع التونسية تحت اسم شركات اميركية وبواسطة مؤسسات متخصصة بالاعلان والترويج في الولاياتالمتحدة. ويتوقع التونسيون تصدير منسوجات قيمتها 100 مليون دولار بهذه الصيغة في الأمد القريب، اي قبل نهاية السنة الجارية، ويخططون للوصول الى كندا وأسواق اميركا الجنوبية التي تتزود من السوق الأميركية في مرحلة تالية. وجاءت خطة انشاء المجمع الاعلاني المشترك عقب لقاء استمر يوما واحدا في العاصمة تونس وضم صناعيين في قطاع المنسوجات وخبراء اميركيين في مجال الاعلان والتسويق بمبادرة من "الشركة التونسية - الاميركية للتجارة والأعمال". وتركز اللقاء الذي حضره اعضاء في الغرفة التجارية التونسية - الاميركية على التعريف بامكانات تسويق المنسوجات في الولاياتالمتحدة التي تعد مليون محل تجاري متخصص بترويجها، بالاضافة الى مئات الآلاف من المتاجر الصغيرة التي لا يمكن احصاؤها.