تلقى المخرج باسم فياض دعوة للمشاركة في مهرجان الأفلام العربية في باريس بفيلمه "سهى" وذلك في أواخر تموز يوليو المقبل. وكان الفيلم حاز على اعجاب المخرج المصري العالمي يوسف شاهين عند مشاهدته له في حفل التخرج في الجامعة اليسوعية في بيروت، وحصل على المرتبة الأولى، وكذلك الأمر بالنسبة الى أفلامه السابقة وأولها "الحجر" الذي يحكي قصة الحجر والانتفاضة الشعبية في فلسطين. التقينا المخرج فياض وهو يصور مسلسلاً تلفزيونياً جديداً، فكان هذا الحوار. يظهر من أعمالك كلها أنك حددت لنفسك طريقاً واضحاً؟ - نحن نعيش في منطقة ملتهبة حبلى بالأحداث الجسام، ومن الخطأ أن لا يرسم الفنان لنفسه طريقاً، وبالتالي لشعبه. فالفنان مولود من وسط شعبي وعليه أن يعبّر عنه أفضل تعبير، وعليه أيضاً أن يسلكه وسط كل المعوقات والحواجز التي تعترضه... فلا فنَّ خارج الالتزام الشعبي، ولا فنّ خارج الهمَّ القومي العام. لماذا اخترت رمز "سهى بشارة" في الظروف الحالية؟ - الموضوع فرض نفسه في هذه الفترة بالذات، فالحديث كثير عنها اليوم، وكذا الأمر في السابق. فمنذ اعتقالها، واسمها لا يغيب عن الشفاه والألسن في بلادنا كلها، لقد نفَّذت ما تؤمن به... والفيلم جاء تعبيراً عن حالة شعبية ولم يأتِ من الفراغ، والسينما يجب أن تتحدث عن موضوع عام له علاقة بالمجتمع، أي أنه فن يجب ان يشارك أو يعبر عن حياة الشعب ومعاناته، لا عن التخيلات والتأملات البعيدة عن النا س. والفيلم أيضاً استجابة لحالة شعبية ايماناً مني بأن السينما يجب أن تقول شيئاً ما حول هذا الموضوع، وحول الحالة المأساوية التي وصلت اليها المناضلة سهى بشارة في سجون العدو. هل يمكن اعتباره جزءاً من حملة لاطلاق سراحها؟ - بالطبع، وقد عرض الفيلم في أمكنة عدة، كما عُرض في فرنسا خلال الحملة المنظمة لإطلاق سراحها، ولكشف ما لاقته من فنون التعذيب في السجون الصهيونية، كل ذلك لأنها أدت عملاً مجيداً اتجاه شعبها. والعمل جارٍ لعرض الفيلم في دول عربية وأجنبية عدة، وهناك اتصالات حثيثة في هذا الموضوع. وفي هذا المجال أقول ان الفيلم تخطى الاطار الجامعي، فحركة دعم تحرير سهى بشارة في أوجها ليس في لبنان فحسب بل تجد كل الدعم من الحركات التحررية في العالم. وكما قلت، ان مشاركتي في هذه الحركة هي جزء من الدور الذي أؤديه اتجاه قضايا بلادي. ما الأعمال التي تخطط لها في المستقبل القريب؟ هل تفكر مثلاً في فيلم طويل عن سهى؟ - ليس في الوقت الراهن، فالفيلم الحالي أدى دوراً مهماً، وأخطط مستقبلاً لفيلم وقعت أحداثه داخل معتقل انصار، هذا المعتقل الذي كان لفترة تحت انظار العالم بما جرى داخله من عمليات تعذيب وارهاب ارتكبها الاسرائيليون بعد غزوهم لبنان، لقد نجحت حركة فرار جريئة قام بها حفنة من الرجال المعتقلين، شكّلت محطة تاريخية مهمة في العمل المقاوم. هل تجد من يموّل هكذا أفلام؟ - هذه مواضيع لا تموت. هي جزء من حياة الناس وبعض من تاريخ هذه البلاد. يوجد مجال رحب لهكذا أفلام، كما يوجد اناس مستعدون لدعم هكذا مواضيع. المهم هو التفتيش عن لغة تحكيها مع الناس، وأن تنجح بمخاطبتهم. ما سبب اختيارك لطالبة في هذا الدور الصعب؟ - أداء ليلى منصور لدور سهى حدث فني بحد ذاته، أكدت من خلاله على قدرات وامكانات ومواهب فنية عالية، ولم يجر اختيارها عفوياً بل بناء على ملامح واضحة لديها لمستها أثناء بعض التجارب الجامعية، وأبشّر بمستقبل باهر لها... ليلى منصور والتقت "الحياة" طالبة المسرح ليلى منصور التي أدت دور "سهى بشارة" وكان هذا الحوار. النجاح الذي حدثنا عنه المخرج في أداء دورك، الى ماذا يعود في رأيك؟ - دور "سهى" كان لغزاً بالنسبة اليّ، لقد أحببت الدور فاتقنته تماماً: قرأت كل رسائلها الى أهلها، كما التقيت بأقربائها، وقرأت كتباً عدة عن عمليات التعذيب التي يمارسها الاسرائيليون مع الفتيات المعتقلات، وشاهدت مجموعة أفلام عن السجون ليتسنى لي القيام بالدور على أكمل وجه. وحاولت تقمص أحاسيسها وشعورها ومختلف أوجه حياتها لتقديمها هي كشخص بحد ذاتها. وما رأيك بالنجاح الذي حققه الفيلم؟ - في الحقيقة لم أكن أتوقع هذا النجاح الكبير. هذه هي المرة الأولى التي أؤدي دوراً في فيلم. أنا طالبة في قسم المسرح وأعتبر أنني أديت عبر هذا الدور، دوراً في الحياة لانسانة كبيرة قامت بعمل مهم ومجيد في آن. وأقول في هذا المجال انه بالامكان عمل فيلم كامل عن حياتها منذ طفولتها وانخراطها في العمل المقاوم ضد الصهاينة، ففي حياتها وشخصيتها غنى وعمق يجب معالجتهما في فيلم طويل، اضافة الى أنني من خلال معرفتي بشخصيتها أعجبت بها كثيراً، لقد كانت مميزة في كل شيء. ما هو شعورك بعد تأدية الدور ونجاح الفيلم؟ - كما قلت، هي انسانة مميزة بحاجة لإظهار مواهبها كافة في عمل كبير. هذا هو شعوري اتجاه انسانة تحولت الى رمز لكفاح شعب ونضاله ضد الظلم والطغيان والعنصرية. هذا هو شعوري اتجاه انسانة تطعم للسجن شبابها ايماناً منها بقضية شعبها. واختم بالقول ان سهى ليست حلماً انما هي واقع حي. اما بالنسبة الى الفيلم ونجاحه فقد قلت في آخر يوم أثناء عملية التصوير: "ليتني اعود وأمثّله ثانيةً ومن جديد، بعدما شعرت بأنني تلبَّست الدور تماماً". ما رأيك بالعمل مع المخرج باسم فياض؟ - انه انسان فنان بكل معنى الكلمة، يعرف ما يريد، وقد جعلني أؤمن بشيء جديد في حياتي، وفتح امامي مجالاً رحباً