عندما يقرر بنيامين نتانياهو توسيع مدينة القدس لفرض أمر واقع جديد على الأرض، فهو يحاول الاستفادة مرة أخرى من عامل الوقت لتدمير عملية السلام. والأكيد ان تصرف نتانياهو ليس غريباً في غياب اي محاولات أميركية لردعه وتذكيره بأن في أساس عملية السلام مبدأ الأرض في مقابل السلام. جمد "بيبي" المفاوضات على المسار الفلسطيني - الاسرائيلي، ويرفض العودة الى التفاوض مع سورية ولبنان، علماً بأن الجولان سيعود يوماً الى سورية، وان لبنان لا بد ان يستعيد جنوبه المحتل، كل ذلك من أجل تسميم الأجواء في المنطقة وإبقائها في حال اللاحرب واللاسلم. هل ينجح رئيس الحكومة الاسرائيلية في المهمة التي أخذها على عاتقه؟ حتى ولو نجح فإن أي انجاز يحققه لا بد ان يكون موقتاً. والسبب الاساسي في ذلك ان عملية السلام أقوى من أي حكومة اسرائيلية، وان ما تحقق حتى الآن لا عودة عنه ان على الصعيد الفلسطيني أو على الصعيدين السوري واللبناني. ان النجاح الوحيد الذي يمكن ان يحققه نتانياهو هو تأجيل الانسحاب من مزيد من الأراضي الفلسطينية. لكن هذا التأجيل لا يمكن ان يلغي اعلان قيام الدولة الفلسطينية في الموعد المحدد، أي في ايار مايو المقبل. والواضح انه كلما مر يوم يزداد القبول الدولي بإعلان دولة فلسطينية على أرض فلسطين8 بدليل ان القمة الأوروبية الأخيرة في كارديف لم تستبعد هذا الاحتمال الذي تحدثت عنه الاميركية الأولى هيلاري كلينتون صراحة قبل اسابيع... يبدو ان السياسة التي يتبعها رئيس الحكومة الاسرائيلية لا تؤدي الى مكاسب الا لذوي القدرة على النظر الى التحولات التي يشهدها الشرق الأوسط من زاوية ضيقة. فبعد اتفاق اوسلو اصبح الفلسطينيون على أرضهم وهم لن يقبلوا مرة اخرى ان يقتلعوا من هذه الأرض. أما الأردن فإنه اغتنم فرصة وجود اسحق رابين في السلطة وتوقيع الاتفاق الفلسطيني - الاسرائيلي، للتوصل الى اتفاق سلام مع اسرائيل يحول دون تنفيذ مشروع الوطن البديل. وفي هذا الوقت استمرت المفاوضات مع سورية ولبنان. وقبلت اسرائيل الانسحاب من الجولان، وهو التعهد الذي تريد حالياً ان تنكث به. ثمة حقائق جديدة في الشرق الأوسط لا يمكن تجاوزها7 على رأس هذه الحقائق ان العرب تعلموا قليلاً من تجارب الماضي. أكثرمما تعلموه ان الأرض مقدسة ولا نزوح عنها وان عليهم ان يتركوا لغيرهم ان يقول لا، كما يقول نتانياهو الآن لا لمعاودة المفاوضات مع سورية انطلاقاً من النقطة التي توقفت عندها