كأن راشيا الوادي نذرت نفسها لتكون بلدة تتجنب المعارك بعدما شهدت قلعتها الشهيرة الرابضة على أقدام جبل الشيخ، قبل أكثر من نصف قرن، حرب الاستقلال وكانت سجناً لرجالاته. واستمر أبناؤها المسيحيون والدروز في وطنيتهم وتعايشهم ولم يتأثروا بذيول الحرب ونارها، فحافظوا على جمالها وقرميد منازلها وسوقها النادرة الجميلة بقناطرها العريقة. وأمس تجنبت راشيا الوادي نحو ستة آلاف ناخب معركة ونزاعاً على رئاسة البلدية التي جرى العرف على أن يكون أعضاؤها مناصفة برئاسة مسيحي. لكن عدم حصول الوفاق حال دون مشاركة المسيحيين ترشحاً واقتراعاً، وأيدهم في موقفهم هذا نائب راشيا الدرزي فيصل الداود وأنصاره، وتواجهت فيها لائحتان "قرار رشيا" برئاسة زياد شبلي العريان و"التوافق" بين الحزبين الشيوعي والتقدمي وسواهما وضمت مسيحيين حزبيين وعدداً من المرشحين المنفردين. ورأى بعض أبناء البلدة "أن المعركة في راشيا أصبحت في ما بين الدروز بعدما أعلن المسيحيون مقاطعتهم". وقال المحامي بشارة أبو سعد المرشح المسيحي الذي أعلن كل المرشحين المسيحيين انسحابهم بعد انسحابه، إلا الحزبيون، "أنا لم أرشح نفسي بل رشحني توافق الأحزاب والوزير وليد جنبلاط. وكان شرطي الوحيد ألا ندخل في معركة بل التوصل الى وفاق". وأضاف ان "ما حال دون التوافق استبعاد الوزير جنبلاط لزياد العريان الذي يعتبر مرجعية في البلدة، فأراد تأليف لائحة برئاسة درزي فشعرت أن المعركة ستكون بين الدروز والمسيحيين، إضافة الى تغير الطرح الأول في شأن النسب فأعلنت انسحابي والمقاطعة وأيدنا النائب الداود في هذا الموقف غير الطائفي". وقال الداود ل"الحياة": "قاطعنا انسجاماً مع موقف وطني وقومي عام لأن تغييب العنصر المسيحي في راشيا كارثة كبيرة على الوضع وتاريخها العريق في الوطنية والتلاحم". وفي حين توصلت بلدة صغبين الى لائحة توافقية رعاها النائب روبير غانم وفازت بالتزكية، كانت في جب جنين المشاركة كثيفة، وشهد مركزا أقلام الإقتراع اكتظاظاً وكثرة مندوبين خارج الأقلام وفي داخلها، ما حدا ببعض رؤساء الأقلام الى الطلب من عناصر قوى الأمن إخراج "مَن ليس له عمل والمندوبين الذين دخلوا بعد افتتاح الصندوق عملاً بالقانون وكذلك المرشحين". وتنافست في البلدة لائحتا "الوفاء والتطوير" المدعومة من النائب سامي الخطيب و"الإرادة الشعبية" المدعومة من النائب إيلي الفرزلي. وقال الخطيب ل"الحياة": "لم نتوصل الى توافق لأن الفرزلي لم يبذل جهداً أكبر كذلك، ويبدو أنه اتخذ قراره مسبقاً ولديه حسابات وارتباطات مع الفريق الآخر ولم يستطع الخروج منها. وقد أصرّ على ترشيح خالد نجل الرئيس السابق للبلدية سعيد شرانق، الذي عليه حكم قضائي لاختلاسه أموالاً. والفرزلي يحاول جعل العملية ثأراً بيننا وبين آل شرانق وهم أهلنا وطرحنا بديلين لكنه رفض". اما الفرزلي فرأى أن "ما حصل خسارة لأن البلدة انقسمت، وعملنا اليوم إعادة توحيدها".