"الخشونة" التي شهدتها المرحلة الرابعة والنهائية من "تصفيات" الانتخابات البلدية في لبنان، في محافظة البقاع، لم تخلُ من "فاولات" برزت فيها ومنها الرشاوى المالية، خصوصاً في عاصمة المحافظة مسقط رئيس الجمهورية الياس الهراوي، مدينة زحلة، حيث كان اقترع صباحاً، وتمنّى على الذين تحدّثوا عن تدخلات ان يحددوا أين حصلت. ومع انتهاء الانتخابات البلدية، ينتقل الاهتمام اللبناني الرسمي مجدداً الى الوضع الاقليمي وموضوع تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 425، فيغادر رئيس الحكومة رفيق الحريري بيروت اليوم الى واشنطن لمقابلة وزيرة الخارجية الاميركية والرئيس كلينتون، وينتقل مساء الخميس الى نيويورك ليلتقي الجمعة مسؤولين في الأممالمتحدة وفي طليعتهم الأمين العام كوفي أنان. وكانت الاتهامات المتبادلة بين عائلة الهراوي والمقربين منه: نجليه وابن شقيقه النائب خليل الهراوي والوزيرين شوقي فاخوري ونقولا فتوش الذين دعموا لائحة "زحلة الغد" من جهة، والنائب ايلي سكاف ومعه نجل رئيس الجمهورية جورج الهراوي الذي انشقّ في المعركة عن العائلة ودعم لائحة "قرار زحلة" من جهة اخرى، عن تدخلات ورشاوى تصاعدت خلال النهار الى ان وقع حادث بعد الظهر، بين انصار سكاف وحليفه جورج الهراوي، ومفاتيح انتخابية تابعة للائحة الاخرى استخدم فيها الأولون الأسلوب "الزحلي" أي الضرب ضد اشخاص اتهموهم باستخدام المال لشراء الأصوات، ما استدعى تدخّل قوى الأمن والجيش لحفظ الأمن، فيما تقدّم سكاف بشكوى الى النيابة العامة ونقل أحد الاشخاص فايز النجار الى المستشفى بعدما أصيب باطلاق نار داخل احد مراكز الاقتراع. وكان وزير الزراعة شوقي فاخوري الذي يدعم لائحة آل الهراوي تقدّم بشكوى الى وزارة الداخلية ليل اول من امس عن تولي أنصار سكاف دفع رشاوى، قال وزير الداخلية مشال المر ان قوى الأمن لم تضبط ما يثبتها، وأكد خلال جولة قام بها امس على البقاع، ان الانتخابات أجريت في جوّ سليم وديموقراطي، وان السلطة كانت على الحياد. لكن الاتهامات المتبادلة عن رشاوى لم تتوقف خلال النهار. وبعد الظهر، وقع إشكال أمام احد أقلام الاقتراع، وحصل عراك بالأيدي. وجاء في الشكوى التي تقدّم بها سكاف الى النيابة العامة انه بينما كان يجول وجورج الهراوي على أقلام الاقتراع "تنامى الي ان اشخاصاً يشترون اصواتاً ويضغطون على ارادة الناخبين لمصلحة لائحة زحلة الغد". وقال انه توجّه الى محلة مار انطونيوس حيث "كان المدعو نعمة ابو شلهوب شقيق المرشح على لائحة زحلة الغد يرشو مزيداً من الناخبين وطلبنا من القوى الأمنية ضبط المخالفة فكان جواب أحد الضباط: مش شغلتنا ضبط السمسرة. واضاف "وشاهدت شخصاً آخر وجيوبه ملأى بأوراق نقدية يفرّ من المكان، اسمه غابي مالك. وأمام هذا التلكؤ تدخل السيد جورج الهراوي ونبّه ابو شلهوب الى وجوب التوقف عن هذه الاتهامات وفرّ هذا الاخير وسقطت منه رزمة من المال وتناثرت من جيوبه اوراق نقدية في الهواء". وتضمنت الشكوى التي وزّعها سكاف اسماء 11 شخصاً آخرين قال انهم شبكة لدفع الاموال، مطالباً بالتحقيق الفوري. واضاف جورج الهراوي انه دخل قلم اقتراع ونبّه "الشخص على الطريقة الزحلاوية" الضرب "وفتّشناه ووجدنا معه رزمة من المال ثم هرب. وكان صندوق سيارة شقيقه مليئاًً". واعتبر النائب خليل الهراوي ان ما حصل مسرحية هوليودية طويلة. وسأل كيف يشكون من تدخل السلطة وهناك شخص يتنقل وفي رفقته 20 مسلحاً يقصد سكاف". وكان الرئيس الهراوي تمنّى في ندوة صحافية بعدما أدلى بصوته، ان يأتي الى زحلة ليرى احزاباً تنافس لا عائلات، وقال "ان اهالي زحلة كأولادي الى اي لائحة انتموا. وما يهمني انماء المدينة التي مر عليها نصف قرن من دون انماء. لذلك جئت ببرنامج انمائي طبقته البلدية. واعتقد ان المشاريع بادية والكل عيوناً عليها لأنها كانت في السابق قرية وأصبحت اليوم مدينة وعروس البقاع ولبنان كله"، وأكد أن "الدولة ليست فريقاً بدءاً من رأس الهرم أي رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء"، مشيراً الى "دور رجال الأمن وفي مقدمهم القوة العسكرية للجيش في حفظ الأمن". وأضاف "اني اسمع عن تدخلات، ولكن لم يعطَ اي مثل عنها. وآمل ان ينتهي النهار، وسأكون اول المهنئين لمن يفوز لأني اعتبر زحلة هي التي ربحت". ثم شدد على "تضامن اللبنانيين". وتمنى على المقترعين "الأخذ في الاعتبار بقاء الوحدة الوطنية متجلية في زحلة وليشطبوا سمير الهراوي ابن اخيه ولا يشطبوا غيره خصوصاً المرشحين من المسلمين والأقليات، واني اشك في أن يكون رئيس الحكومة قام بأي تدخل وهو لم يسعى الى أي لائحة توافقية، انما أنا الذي سعى وفشل، لأن ثمة فريقاً لم يتجاوب معي". واستقبل الهراوي بعد عودته الى بيروت الرئيس الحريري الذي أعرب عن أسفه لتعرّض احد الداعمين لاحدى اللوائح في زحلة لوالده قصد جورج الهراوي من دون ان يسميه معتبراً ان "الامر ليس من عاداتنا ولا من تقاليدنا لا كلبنانيين ولا عرب ولا مسلمين ولا مسيحيين لانه في النهاية ابن يتعدّى على والده هذا خطأ كبير اياً تكن الاسباب والمواقف، انا أستغرب واستنكر هذا التصرّف".